«فرسان العزة».. «إرهاب داعشي» في قلب فرنسا
الإثنين 09/يوليو/2018 - 08:44 م
طباعة
في أغسطس 2010، تأسست جماعة إسلامية في منطقة «نانت فرانكو» الفرنسية، علي يد فرنسي من أصل مغربي يدعى «محمد الشملان»، وعدد من النشطاء الإسلاميين الشباب، عرفت باسم «فرسان العزة»، وهدفت إلى العمل على تأسيس خلافة إسلامية، إلا أنها نفذت العديد من الاعتداءات الإرهابية هددت أمن واستقرار الدولة الفرنسية، لذا لم يمر سوى عامين حتى قامت الحكومة الفرنسية بحظر هذه الجماعة وحلها في مارس 2012، وذلك بعد أن نشر مؤسسوها دعوة جهادية في موقع الجماعة على الإنترنت، حيث إن هذه الجماعة كانت تمتلك منتدى إلكترونيًّا على شبكة الإنترنت، أعلنت فيه أنها تعمل علي «مكافحة الإسلاموفوبيا» و«الدفاع عن المسلمين والحجاب» في فرنسا.
تنتمي مجموعة «فرسان العزة» إلى ما يعرف بـ«السلفية المتطرفة»، كما أن وسائل الإعلام الفرنسية اعتبرت «فرسان العزة» إحدى جماعات الإسلام الراديكالي، وأنها تتبنى أفكار «سيد قطب» منظر جماعة الإخوان، وأسامة بن لادن، مؤسس تنظيم القاعدة، وظهر ذلك بوضوح من خلال تصريحات زعمائها، الذين يحملون الجنسيات الأوروبية، حيث إنهم كانوا يدعون بشكل علني إلى أنهم يسعون لإقامة الخلافة في أوروبا وباقي دول العالم.
ليس ذلك فقط؛ بل نشر موقع «فرسان العزة» على الإنترنت خطابات دعائية متطرفة، مثل: «إن جماعتنا في حاجة إلى طاقات بشرية للعمل في سبيل الله، نبحث عن كل الكفاءات، خاصة عن جنود، فإذا كنتم تحبون رياضة القتال وتشعرون بأنكم قادرون على التدخل بسرعة عند الحاجة، فإننا نرحب بكم»، ومن أفكارهم أيضًا، أن المواطنين الفرنسيين كفار، والحكومة الفرنسية تمثل حكم طاغوت، وأن الديمقراطية كفر.
وهذه المجموعة وفقًا لتقرير نشرته صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية، تربطها علاقات مع أشخاص وجهات إسلامية في الخارج متورطين في أعمال إرهابية، وأنها تعمل بأسلوب أشبه بالميليشيات الخاصة ومجموعات القتال، كما أنهم يوفرون لبعض العناصر النشيطة تدريبًا مكثفًا على تقنيات القتال وسيناريوهات احتجاز رهائن.
بالإضافة إلى ذلك؛ فأن «فرسان العزة» لديها علاقات قوية مع الجماعات المتطرفة الأخرى الموجودة في أوروبا، يأتي من بينها جماعة «الشريعة من أجل بلجيكا» التي شاركت الجماعة الفرنسية في وقت سابق في تظاهرات بفرنسا ضد حظر النقاب في الأماكن العامة، هذا بالإضافة إلى جماعات أخرى تتبنى الأهداف نفسها، مثل «الشريعة من أجل هولندا» و«الشريعة من أجل بريطانيا» و«الشريعة من أجل السويد» و«الشريعة من أجل أستراليا»، وتتبنى هذه الجماعات كلها، أيديولوجية متقاربة وهي الأيديولوجية السلفية المتشددة، زاعمين أنهم يسعون إلى تطبيق الشريعة الإسلامية في أوروبا، وإقامة دولة الخلافة.
المظاهرات وسرقة المعلومات
تعود أبرز الأنشطة التي نظمتها «فرسان العزة» إلى يونيو 2010، حينما تظاهرت هذه المجموعة في ساحة «لاموت» في مدينة «لاموج» الفرنسية، دعوا خلالها إلى مقاطعة سلسلة المطاعم الأمريكية «ماكدونالدز»؛ لاتهامها بخدمة إسرائيل، وحكم على قائد المجموعة «الشملان» بعد هذه المظاهرة، بالسجن لمدة 4 أشهر مع وقف التنفيذ، بتهمة التحريض على التمييز العنصري.
كما نظمت الجماعة مظاهرة أمام محكمة في مدينة «مو» (ضاحية في شمال باريس)، وأحرقوا نسخًا من القانون المدني الفرنسي بداعي أنه لا يحمي المسلمين، وفي سبتمبر 2010، تظاهروا خارج مقر المحكمة العليا الفرنسية في «ليموج»، احتجاجًا على تهديد القس الأمريكي لحرق القرآن الكريم، كما قاموا في سبتمبر2011، بالتشويش على تنظيم أول صلاة للجمعة في إحدى ثكنات الدفاع المدني، والتي تم تحويلها إلى مكان للصلاة بعد قرار وزارة الداخلية حظر الصلاة في الشوارع.
ومع بروز الجدال الحاد حول قانون يحظر الحجاب في الأماكن العمومية الفرنسية، خرجت المجموعة في تظاهرات ضد القانون، تطالب بما وصفوه «سحب القوانين المشينة ضد الحجاب والنقاب»، فيما ضمت بيانات «فرسان العزة» مطالب أخرى برحيل القوات الفرنسية عن الأراضي ذات الغالبية المسلمة دون شروط.
وأفادت صحيفة «لوفيجارو» الفرنسية، أن جماعة «فرسان العزة»، كانت تحضر لاستهداف عدد من القضاة والشخصيات العامة الفرنسية، بعد أن تمكنت من الحصول على معلوماتهم الشخصية، ونقلت الصحيفة عن محققي قسم مكافحة الإرهاب، أن «فرسان العزة» تمكنوا من الاستيلاء على البيانات الشخصية لعدد من أعضاء حزب «الاتحاد من أجل الحركة الشعبية».
كما وضع عناصر هذه المجموعة لائحة أهدافهم على ثلاثة محلات يهودية للبقالة، ومقهى بشارع «روزييه» في باريس، وخمسة متاجر للعلامة التجارية «إيبار كاشيه» الخاصة بتجارة البضائع اليهودية، هذا بالإضافة إلى أن هذه المجموعة كانت تعتزم استهداف من تسميهم «أعداء الإسلام»، مثل رئيس حزب كتلة الهوية اليميني المتطرف آنذاك «فابريس روبرت».
ونتيجة لذلك؛ طلب وزير الداخلية الفرنسي آنذاك «كلود غيان» في نهاية يناير 2012، بتفكيك «فرسان العزة»، قائلًا: إنه «من غير المقبول أن تأوي فرنسا مجموعة تقوم بتدريب أشخاص على الكفاح المسلح».
إلا أن فرنسا ظلت تعاني من الهجمات الإرهابية التي ارتكبها عناصر هذه المجموعة، ففي يونيو 2015، حاكم القضاء الفرنسي 15 عضوًا من «فرسان العزة»، بتهمة «التحضير لاعتداءات في فرنسا»، كما حكمت على المؤسس «الشملان» بالسجن لمدة 9 سنوات، بعد إدانته بتهم تتعلق بالإرهاب، بعدما كشفت مداهمات شرطية عن أسلحة وقائمة بأهداف يهودية في ملفاته الشخصية.
«فرسان داعش»
من المعروف أن العناصر المنحلة والمنشقة عن التنظيمات الجهادية؛ تمثل بشكل كبير مصدر تهديد للأجهزة الأمنية في الدول التي تلجأ إليها، ويوجد أمام هذه العناصر خياران؛ أولهما، يكمن في الانضمام إلى تنظيم آخر لديه الفكر والتوجه نفسه، أما الثاني، من خلال أن تعمل على نشأة تنظيم آخر له كيان وهيكل يتبنى التوجه نفسه.
وبالنظر إلى «فرسان العزة»، نجد أن بعض عناصره لجأوا إلى تنظيم «داعش»، ففي يناير الماضي؛ تم اعتقال إحدى أشهر الفرنسيات المنتميات لـ«داعش» على يد مقاتلين أكراد، تعرف باسم «إميلي كونيغ» التي سافرت إلى سوريا في 2012 وأدت دورًا رئيسيًّا في الدعاية والتجنيد عبر الإنترنت لحساب «داعش»، وعند البحث تم معرفة أن الجهادية الفرنسية بدأت مشوارها في عالم التشدد عبر التواصل مع «فرسان العزة»، وكانت حينها تعمل علي توزيع منشورات تدعو للجهاد، خاصة قرب مسجد في بلدتها لوريان الفرنسية.
وعلى صعيد متصل، قال هشام النجار، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية: إنه من الطبيعي أن ينضم عناصر «فرسان العزة» إلى تنظيم «داعش»؛ نظرًا لأن التنظيمات الإرهابية عندما تتفكك يعود عناصرها إلى التنظيم الأصل، وأن أغلب التنظيمات منشؤها واحد إما القاعدة أو داعش.
وأكد «النجار» في تصريح لـ«المرجع»، أن ذلك يرجع إلى رغبة هذه العناصر في إحدث عملية تشتيت للأجهزة الأمنية، لأن جهاز الأمن عندما يتعامل مع تنظيم له هيكل وقيادة وأعضاء، بخلاف ما يتعامل مع عناصر مشتتة ومنحلة عن التنظيم، فذلك يشكل ربكة لهذه الأجهزة.