«بيعات» الإسلاميين.. بين الولاء الأعمى والرفض المطلق
السبت 14/يوليو/2018 - 04:20 م
طباعة
إسلام محمد
أثارت قضية البيعة لدى الجماعات الإسلامية لغطًا كبيرًا، بسبب الغموض الذي اكتنف الأمر والتبعات المترتبة عليها، من تنازع الولاء لدى من يتولون قسم البيعة، ويتقيدون بقيوده، ما بين الولاء للجماعة من جهة، وللوطن من جهة أخرى، وهو الأمر الذي يجعل الالتزام ببنود تلك البيعة من أولى الأولويات لدى المبايعين، الذين يتحولون إلى تابعين مخلصين يسلمون زمام قيادهم إلى من يأخذون منهم تلك البيعة التي يتعهدون فيها بالطاعة والولاء.
بدأت قضية البيعة في العصر الحديث على يد حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان 1928؛ حيث تأثر بإحدى الطرق الصوفية في صغره، التي كانت تأخذ البيعة من مريديها، ويذكر في مذكراته المسماة باسم «مذكرات الدعوة والداعية»، أنه بايع شيخ الطريقة «الحصافية الشاذلية» بيعة رسمية، واقتبس من تلك الطريقة الصوفية بعض الأساليب التنظيمية، التي اتبعها فيما بعد عند تأسيس جماعته.
ويذكر «البنا» ظروف أول بيعة عقدها عند تأسيس الجماعة مع ستة من أتباعه، عندما اتفقوا أن يكون تأسيس الجماعة بالتعاهد فيما بينهم على العمل لهذه الفكرة، ويقول: «فقلت لهم في تأثر عميق: شكر الله لكم.. وكانت بيعة، وكان قسمًا أن نحيا إخوانًا نعمل للإسلام ونجاهد في سبيله».
وهكذا، بدأت الفكرة عفوية، ثم طورتها جماعة الإخوان لتصبح ذات نص محدد وطقوس خاصة، واتخذت معنى سياسيًّا، وعلى ذلك انتهجت كثير من الجماعات والتنظيمات الإسلامية التي نشأت فيما بعد، مثل بعض جماعات تنظيم الجهاد التي كان أمراؤها يأخذون «بيعة القتال» من رفقائهم، والتي تعني القسم على القتال معًا، وعدم الاستسلام والتخلي عن خيار القوة، الأمر الذي يُشكل لدى بعضهم مانعًا قويًّا من التراجع عن طريقه أو حتى الفرار خارج البلاد هربًا من الملاحقة الأمنية.
ويذكر أيمن الظواهري، زعيم تنظيم القاعدة الحالي، وأحد مؤسسي تنظيم الجهاد في مصر، أن القيادي الجهادي عبود الزمر، كان يرفض مغادرة البلاد، رغم وقوعه ضمن دائرة الملاحقة، خوفًا من نقض العهد الذي التزم به بعدم الفرار.
ومازال أعضاء الجماعة الإسلامية، يأخذون البيعة فيما بينهم، حتى الآن لدى اختيارهم أميرًا جديدًا للجماعة، وكان آخرها اختيار القيادي بالجماعة أسامة حافظ، بعد وفاة سلفه عصام دربالة في أغسطس 2015.
بيعة الإخوان
بداخل الإخوان بيعتان؛ الأولى: البيعة التي بها يصبح الفرد عضوًا كامل العضوية بالجماعة، والثانية: بيعة التنظيم الخاص، وطبقًا لعبدالرحمن البر، مفتي الجماعة، فإن بيعتهم ليست بيعة عامة لها معنى سياسي، بل هي بيعة على أمرٍ خاص، وهو التعاون على الطاعات، حسب وصفه.
إلا أن أدبيات الجماعة تكذب كلام «البر»، فالبيعة الإخوانية تعني تقديم ولاء الفرد لقادة التنظيم قبل أي إنسان، وليست مجرد التعاون على بعض الطاعات وفقط، بل تشمل السيطرة على كيان الفرد الملتزم بها.
يقول «البنا» في رسالة التعاليم: «أركان بيعتنا عشرة فاحفظوها: الفهم، والإخلاص، والعمل، والجهاد، والتضحية، والطاعة، والثبات، والتجرد، والأخوة، والثقة»، ويقول في شرح أول هذه الأركان: «إنما أريد بالفهم: أن توقن بأن فكرتنا إسلامية صميمة، وأن تفهم الإسلام كما نفهمه، في حدود هذه الأصول العشرين»، ثم يسرد عشرين بندًا، يجب على المنتمي للإخوان الإيمان به، وعند شرحه لركن «الثقة» يشرح معناها بأنه يعني الثقة بقيادة الجماعة، وأنها على صواب وطاعة أوامرها بصفة عامة وليس في الأمور الدينية فقط، بل القبول بمبدأ الطاعة العمياء، والثقة بأن طاعة أوامر الجماعة طاعة لله وأن معصيتها معصية لله.
ويؤكد هذه المعاني في نفس الرسالة، فيقول: «نظام الدعوة في هذه المرحلة صوفي بحت من الناحية الروحية، وعسكري بحت من الناحية العملية، وشعار هاتين الناحيتين دائمًا أمر وطاعة، من غير تردد ولا مراجعة ولا شك ولا حرج».
ويتأكد هذا بالنظر إلى نص بيعة الإخوان الذي يقول: «أبايعك بعهد الله وميثاقه على أن أكون جنديًّا مخلصًا فى جماعة الإخوان المسلمين، وعلى أن أسمع وأطيع فى العسر واليسر والمنشط والمكره، إلا في معصية الله، وعلى أثرة عليّ، وعلى ألا أنازع الأمر أهله، وعلى أن أبذل جهدي ومالي ودمي في سبيل الله ما استطعت إلى ذلك سبيلًا، والله على ما أقول وكيل، فمَن نكث فإنما ينكُث على نفسه ومَن أوفى بما عاهد عليه اللهَ فسيؤتيه أجرًا عظيمًا».
ويتم التأصيل دينيًّا للبيعة اعتمادًا على أحاديث وردت في شأن البيعة السياسية للحاكم، مثل حديث «من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية»، وغيره من النصوص الدينية التي تروج الجماعة من خلالها لفكرة الالتزام الديني بالبيعة.
وتختلف صيغة البيعة من بلد لآخر، أو حتى في العمل بها من الأساس وفقًا للظروف المختلفة، فقد أعلنت جماعة الإخوان وقف أخذ البيعة من أعضائها في الإمارات منذ عام 2003، وهو ما تم الكشف عن عدم دقته بعد ذلك، واستبدال نظام البيعة التقليدي بالبيعة بالوكالة، وهي أن يذهب ممثل عن الجميع لمبايعة مكتب الإرشاد في القاهرة باسم من أرسلوه.
كما تختلف طريقة أداء البيعة والطقوس المصاحبة لها؛ حيث ورد في كتابات بعض كوادر التنظيم أنها كانت تتم معهم في غرفة مظلمة أمام شخص يغطي جسده ووجهه بالكامل، ليقسم العضو الجديد أمامه، وهو يضع يده على المصحف والمسدس، بينما قد يؤديها البعض بشكل جماعي بترديدها خلف عضو بالجماعة.
وهناك بيعة أخرى داخل الإخوان غير التي يكتسب بها الفرد عضوية الجماعة، وهي بيعة التنظيم الخاص، وتلك بيعة عسكرية لها طقوس خاصة، يتم انتقاء بعض الأفراد فيها لمهام أكثر سرية، وغالبًا ما تكون متعلقة بمهام أمنية.
ويذكر عبدالمنعم أبو الفتوح، القيادي الإخواني السابق، أن حسن البنا ندم على أخذ البيعة الخاصة، وتكوين التنظيم الخاص لاحقًا؛ بسبب ممارسات التنظيم التي خرجت عن أهدافها، ووصلت إلى حدِّ اغتيال كل من يعارض الجماعة.
أول إخواني بلا بيعة
ولا تثق الجماعة في ولاء أي شخص يرفض أداء قسم البيعة، ويُعتبر الرئيس المعزول محمد مرسي، هو الاستثناء الذي يؤكد تلك القاعدة، فهو أول إخواني لا توجد في رقبته بيعة للمرشد العام، ففي مطلع مايو 2012، وأثناء المؤتمر الانتخابي للترشح لانتخابات الرئاسة، أعلن محمد بديع، مرشد الجماعة، إعفاء «مرسي» من البيعة له، بقوله: «بيعة أبوبكر الصديق جاءت من الأمة، وهكذا ستكون بيعة الأمة لمحمد مرسي، فعندما يبايع من الأمة فستحل بيعته لي»، ورد عليه مرسي قائلا: «هذا أمر صعب عليّ جدًّا، وهذا أمر لا أقبله إلا لمصلحة مصر، وأقول للمرشد سمعًا وطاعة».
البيعة لدى السلفيين
أما داخل التيار السلفي فالبيعة من الأمور غير المعروفة لديه، إذ إن معظم أطياف السلفيين يرفضون فكرة العمل الجماعي من الأساس، ويرفضون العمل داخل إطار تنظيمي، ويعتبر الكثير منهم أن العمل الجماعي وبيعة الجماعات «بدعة» غير موجودة في الدين من الأساس.
والدعوة السلفية بالإسكندرية والتي تنتشر فروعها في كلِّ المحافظات الأخرى، تنتهج نهج العمل التنظيمي، لكنها ترفض مسألة البيعة تمامًا، اتقاءً لما أثارته المسألة من لغط وشبهات، وقد نفى محمد عبدالفتاح، قيم الدعوة السلفية، في حواره مع جريدة «الوطن» المصرية عام 2012، وجود نظام البيعة قائلًا: «منذ اللحظة الأولى اعتقدنا ضرورة العمل الجماعي، ولكننا اختلفنا مع الإخوان في مسألة البيعة»، ومن قبله تحدث ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة، عن هذه المسألة في حواره مع موقع «صوت السلف»، الناطق بلسان الدعوة، عام 2006، فقال: «أقول بلا مداراة ولا مداهنة ولا كذب لمصلحة الدعوة ولا تعريضًا كما يحاول البعض أن يتهمنا.. ليس عندنا بيعة، وإنما نرى تحقيق التعاون على البر والتقوى، هذا لازم لنا من غير بيعة، البيعة أمر حصل فيه نوع من الخلل في الفهم؛ لأن البيعة التي رآها بعض العلماء جائزة على الطاعات أو مشروعة، ظنها الناس أنها بالمعنى السياسي، وتحولت على يد الإخوان من بيعة تُشبه البيعة الصوفية إلى البيعة السياسية، وأصبح المرشد بمنزلة الإمام والحاكم على أفراد الجماعة، فحدث خلط بالفعل لدى الإخوان، ثم الجماعات الأخرى»، مبينًا أن مَن يلتزم ببيعة يكفيه أن يكفر عن يمينه ليتحلل منها، كأن يُطعم عشرة مساكين مثلًا كفارة لليمين.
بدأت قضية البيعة في العصر الحديث على يد حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان 1928؛ حيث تأثر بإحدى الطرق الصوفية في صغره، التي كانت تأخذ البيعة من مريديها، ويذكر في مذكراته المسماة باسم «مذكرات الدعوة والداعية»، أنه بايع شيخ الطريقة «الحصافية الشاذلية» بيعة رسمية، واقتبس من تلك الطريقة الصوفية بعض الأساليب التنظيمية، التي اتبعها فيما بعد عند تأسيس جماعته.
ويذكر «البنا» ظروف أول بيعة عقدها عند تأسيس الجماعة مع ستة من أتباعه، عندما اتفقوا أن يكون تأسيس الجماعة بالتعاهد فيما بينهم على العمل لهذه الفكرة، ويقول: «فقلت لهم في تأثر عميق: شكر الله لكم.. وكانت بيعة، وكان قسمًا أن نحيا إخوانًا نعمل للإسلام ونجاهد في سبيله».
وهكذا، بدأت الفكرة عفوية، ثم طورتها جماعة الإخوان لتصبح ذات نص محدد وطقوس خاصة، واتخذت معنى سياسيًّا، وعلى ذلك انتهجت كثير من الجماعات والتنظيمات الإسلامية التي نشأت فيما بعد، مثل بعض جماعات تنظيم الجهاد التي كان أمراؤها يأخذون «بيعة القتال» من رفقائهم، والتي تعني القسم على القتال معًا، وعدم الاستسلام والتخلي عن خيار القوة، الأمر الذي يُشكل لدى بعضهم مانعًا قويًّا من التراجع عن طريقه أو حتى الفرار خارج البلاد هربًا من الملاحقة الأمنية.
ويذكر أيمن الظواهري، زعيم تنظيم القاعدة الحالي، وأحد مؤسسي تنظيم الجهاد في مصر، أن القيادي الجهادي عبود الزمر، كان يرفض مغادرة البلاد، رغم وقوعه ضمن دائرة الملاحقة، خوفًا من نقض العهد الذي التزم به بعدم الفرار.
ومازال أعضاء الجماعة الإسلامية، يأخذون البيعة فيما بينهم، حتى الآن لدى اختيارهم أميرًا جديدًا للجماعة، وكان آخرها اختيار القيادي بالجماعة أسامة حافظ، بعد وفاة سلفه عصام دربالة في أغسطس 2015.
بيعة الإخوان
بداخل الإخوان بيعتان؛ الأولى: البيعة التي بها يصبح الفرد عضوًا كامل العضوية بالجماعة، والثانية: بيعة التنظيم الخاص، وطبقًا لعبدالرحمن البر، مفتي الجماعة، فإن بيعتهم ليست بيعة عامة لها معنى سياسي، بل هي بيعة على أمرٍ خاص، وهو التعاون على الطاعات، حسب وصفه.
إلا أن أدبيات الجماعة تكذب كلام «البر»، فالبيعة الإخوانية تعني تقديم ولاء الفرد لقادة التنظيم قبل أي إنسان، وليست مجرد التعاون على بعض الطاعات وفقط، بل تشمل السيطرة على كيان الفرد الملتزم بها.
يقول «البنا» في رسالة التعاليم: «أركان بيعتنا عشرة فاحفظوها: الفهم، والإخلاص، والعمل، والجهاد، والتضحية، والطاعة، والثبات، والتجرد، والأخوة، والثقة»، ويقول في شرح أول هذه الأركان: «إنما أريد بالفهم: أن توقن بأن فكرتنا إسلامية صميمة، وأن تفهم الإسلام كما نفهمه، في حدود هذه الأصول العشرين»، ثم يسرد عشرين بندًا، يجب على المنتمي للإخوان الإيمان به، وعند شرحه لركن «الثقة» يشرح معناها بأنه يعني الثقة بقيادة الجماعة، وأنها على صواب وطاعة أوامرها بصفة عامة وليس في الأمور الدينية فقط، بل القبول بمبدأ الطاعة العمياء، والثقة بأن طاعة أوامر الجماعة طاعة لله وأن معصيتها معصية لله.
ويؤكد هذه المعاني في نفس الرسالة، فيقول: «نظام الدعوة في هذه المرحلة صوفي بحت من الناحية الروحية، وعسكري بحت من الناحية العملية، وشعار هاتين الناحيتين دائمًا أمر وطاعة، من غير تردد ولا مراجعة ولا شك ولا حرج».
ويتأكد هذا بالنظر إلى نص بيعة الإخوان الذي يقول: «أبايعك بعهد الله وميثاقه على أن أكون جنديًّا مخلصًا فى جماعة الإخوان المسلمين، وعلى أن أسمع وأطيع فى العسر واليسر والمنشط والمكره، إلا في معصية الله، وعلى أثرة عليّ، وعلى ألا أنازع الأمر أهله، وعلى أن أبذل جهدي ومالي ودمي في سبيل الله ما استطعت إلى ذلك سبيلًا، والله على ما أقول وكيل، فمَن نكث فإنما ينكُث على نفسه ومَن أوفى بما عاهد عليه اللهَ فسيؤتيه أجرًا عظيمًا».
ويتم التأصيل دينيًّا للبيعة اعتمادًا على أحاديث وردت في شأن البيعة السياسية للحاكم، مثل حديث «من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية»، وغيره من النصوص الدينية التي تروج الجماعة من خلالها لفكرة الالتزام الديني بالبيعة.
وتختلف صيغة البيعة من بلد لآخر، أو حتى في العمل بها من الأساس وفقًا للظروف المختلفة، فقد أعلنت جماعة الإخوان وقف أخذ البيعة من أعضائها في الإمارات منذ عام 2003، وهو ما تم الكشف عن عدم دقته بعد ذلك، واستبدال نظام البيعة التقليدي بالبيعة بالوكالة، وهي أن يذهب ممثل عن الجميع لمبايعة مكتب الإرشاد في القاهرة باسم من أرسلوه.
كما تختلف طريقة أداء البيعة والطقوس المصاحبة لها؛ حيث ورد في كتابات بعض كوادر التنظيم أنها كانت تتم معهم في غرفة مظلمة أمام شخص يغطي جسده ووجهه بالكامل، ليقسم العضو الجديد أمامه، وهو يضع يده على المصحف والمسدس، بينما قد يؤديها البعض بشكل جماعي بترديدها خلف عضو بالجماعة.
وهناك بيعة أخرى داخل الإخوان غير التي يكتسب بها الفرد عضوية الجماعة، وهي بيعة التنظيم الخاص، وتلك بيعة عسكرية لها طقوس خاصة، يتم انتقاء بعض الأفراد فيها لمهام أكثر سرية، وغالبًا ما تكون متعلقة بمهام أمنية.
ويذكر عبدالمنعم أبو الفتوح، القيادي الإخواني السابق، أن حسن البنا ندم على أخذ البيعة الخاصة، وتكوين التنظيم الخاص لاحقًا؛ بسبب ممارسات التنظيم التي خرجت عن أهدافها، ووصلت إلى حدِّ اغتيال كل من يعارض الجماعة.
أول إخواني بلا بيعة
ولا تثق الجماعة في ولاء أي شخص يرفض أداء قسم البيعة، ويُعتبر الرئيس المعزول محمد مرسي، هو الاستثناء الذي يؤكد تلك القاعدة، فهو أول إخواني لا توجد في رقبته بيعة للمرشد العام، ففي مطلع مايو 2012، وأثناء المؤتمر الانتخابي للترشح لانتخابات الرئاسة، أعلن محمد بديع، مرشد الجماعة، إعفاء «مرسي» من البيعة له، بقوله: «بيعة أبوبكر الصديق جاءت من الأمة، وهكذا ستكون بيعة الأمة لمحمد مرسي، فعندما يبايع من الأمة فستحل بيعته لي»، ورد عليه مرسي قائلا: «هذا أمر صعب عليّ جدًّا، وهذا أمر لا أقبله إلا لمصلحة مصر، وأقول للمرشد سمعًا وطاعة».
البيعة لدى السلفيين
أما داخل التيار السلفي فالبيعة من الأمور غير المعروفة لديه، إذ إن معظم أطياف السلفيين يرفضون فكرة العمل الجماعي من الأساس، ويرفضون العمل داخل إطار تنظيمي، ويعتبر الكثير منهم أن العمل الجماعي وبيعة الجماعات «بدعة» غير موجودة في الدين من الأساس.
والدعوة السلفية بالإسكندرية والتي تنتشر فروعها في كلِّ المحافظات الأخرى، تنتهج نهج العمل التنظيمي، لكنها ترفض مسألة البيعة تمامًا، اتقاءً لما أثارته المسألة من لغط وشبهات، وقد نفى محمد عبدالفتاح، قيم الدعوة السلفية، في حواره مع جريدة «الوطن» المصرية عام 2012، وجود نظام البيعة قائلًا: «منذ اللحظة الأولى اعتقدنا ضرورة العمل الجماعي، ولكننا اختلفنا مع الإخوان في مسألة البيعة»، ومن قبله تحدث ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة، عن هذه المسألة في حواره مع موقع «صوت السلف»، الناطق بلسان الدعوة، عام 2006، فقال: «أقول بلا مداراة ولا مداهنة ولا كذب لمصلحة الدعوة ولا تعريضًا كما يحاول البعض أن يتهمنا.. ليس عندنا بيعة، وإنما نرى تحقيق التعاون على البر والتقوى، هذا لازم لنا من غير بيعة، البيعة أمر حصل فيه نوع من الخلل في الفهم؛ لأن البيعة التي رآها بعض العلماء جائزة على الطاعات أو مشروعة، ظنها الناس أنها بالمعنى السياسي، وتحولت على يد الإخوان من بيعة تُشبه البيعة الصوفية إلى البيعة السياسية، وأصبح المرشد بمنزلة الإمام والحاكم على أفراد الجماعة، فحدث خلط بالفعل لدى الإخوان، ثم الجماعات الأخرى»، مبينًا أن مَن يلتزم ببيعة يكفيه أن يكفر عن يمينه ليتحلل منها، كأن يُطعم عشرة مساكين مثلًا كفارة لليمين.