الإرهاب يقتل «متصوفة الصومال».. واغتيال «شيخ القادرية» البداية
الأحد 15/يوليو/2018 - 09:33 ص
طباعة
علي رجب
عادت الطرق الصوفية لتكون في مواجهة الجماعات الإرهابية والمتطرفة، حيث اغتال مسلحون بالمسدسات، أمس الجمعة، في ضواحي العاصمة الصومالية مقديشو الشيخ عبدالله محمد روبلي، أبرز مشايخ الطريقة القادرية، وأشهر رجال التصوف في الصومال.
وكان الشيخ البالغ من العمر 85 عامًا، من الدعاة البارزين ومن مشايخ الطريقة القادرية، ويتوقع أن يوارى الثرى في مدينة «برادلي» بإقليم «باي»، التابع لولاية جنوب غرب الصومال التي ينحدر منها.
ويحمل حادث اغتيال الشيخ عبدالله محمد روبلي، بصمات حركة الشباب أو تنظيم داعش، وهي الجماعات التي تنفذ العمليات الإرهابية في الصومال.
الطريقة القادرية
وتعتبر الطريقة القادرية من أوسع الطرق انتشارًا في العالم الإسلامي، وتُنسب إلى الشيخ عبدالقادر الجيلاني (470 -561 هـ 1077 - 1166 م)، المولود بـ«جيلان» أو «كيلان» بإقليم طبرستان في إيران، وتوفي ودفن ببغداد، وكان «الجيلاني» عالمًا ضليعًا يفتي على مذهب الإمامين الشافعي وابن حنبل، وانتشرت تعاليمه بواسطة تلاميذه في أنحاء واسعة من العالم الإسلامي.
ومن أهم المناطق التي انتشرت فيها الطريقة القادرية، دولة الصومال، حيث ركزت الطريقة الصوفية على نشر تعاليمها بين الصوماليين، والإعداد الروحي لهم، وتلقينهم مبادئ الدين الإسلامي وتعاليمه، مثلها في ذلك مثل غيرها من الطرق الصوفية الأخرى واسعة الانتشار في القارة.
وجاء انتقال الطريقة القادرية إلى الصومال، عبر التجار والمهاجرين اليمنيين، وخاصة القادمين من حضرموت في اليمن، ويعتبر الشريف أبوبكر بن عبدالله العيدروس المتوفى عام 1503 من أول مؤسسي الطريقة القادرية في الصومال، ثم تبعه من المشاهير الشيخ حسين نور المعروف بـ«حسين بالي»، الذي تورد الروايات الشفهية أنه جاء من بغداد لنشر الطريقة القادرية وأنه أول من مزج ترديد الأوراد مع ضرب الدف، بادئا ذلك بلفظ الشهادة (لا إله إلا الله) حتى يجذب العوام والأهالي للإسلام.
وكان أشهر دعاة الطريقة القادرية الشيخ محيي الدين القحطاني (1794-1869)، والشيخ عبدالعزيز بن عبدالغني الأموي ( 1834-1896)، الذي تولى القضاء في عهد كل من السيد سعيد وابن السلطان ماجد.
وأسس الشيخ إبراهيم حسن عيسى حبرو، أول مركز للطريقة القادرية في الصومال عام 1819، ببلدة «بريدة» على نهر «جوبا»، ومن هذا المركز انتشرت الطريقة إلى باقي أنحاء البلد، وكان من كبار مشايخها المتأخرين هناك الشيخ عبدالرحمن بن عبدالله الشاسي، الشهير بـ«الشيخ الصوفي»، المتوفى عام 1919 م وهو مؤسس الزاوية القادرية في مقديشو.
كذلك فقد قام الشيخ «عيسى بن محمد البراري القادري»، بنشر الطريقة في جوبا العليا، وأسس مسجدًا وزاوية في «توججلة»، وهي البلدة التي توفي ودفن بالقرب منها سنة 1909م، ولا يزال يقام له -حتى اليوم- احتفال سنوي كبير.
والطريقة القادرية في الصومال تنقسم لشقين، أو طريقتين، الطريقة القادرية الأويسية والزيلعية، ويُعد أشهر كتب الطريقة القادرية، كتاب «الفيوضات الربانية في المآثر والأوراد القادرية» لمؤلفه الحاج إسماعيل بن السيد محمد بن سعيد القادر، وهذا المؤلف من أهم المصادر المحلية التي تستمد الطريقة أفكارها منه، ويتناول مراتب النفس عند الصوفية.
ومن جانبه قال مصطفي زايد، الباحث في الشأن الصوفي، إن اغتيال الشيخ عبدالله محمد روبلي، شيخ الطريقة القادرية بالصومال، علي يد الجماعات الإرهابية، فصل من فصول الاستهداف الموجه لرموز التصوف البارزين في البلدان التي بها صراع مسلح بين تلك الجماعات والحكومات.
وأضاف «زايد»، في تصريحات خاصة لـ«المرجع»، أن الشيخ الروبلي، هو من مشايخ الطريقة القادرية بالصومال وله قوة وتأثير كبير في المجتمع الصوفي بالصومال، وهو واحد من مشايخ الصوفية الذين نادوا بالجهاد ومساعدة القوات الحكومية من أجل القضاء على تلك الجماعات لذلك كان من المستهدفين ولم تخف تلك الجماعات نيتها في اغتياله.
وأوضح الباحث في الشأن الصوفي، أن استهداف مشايخ الصوفية بالدول التي بها صراع مسلح ليس استهدافًا طائفيًّا كما يدعون نظرًا لتكفيرهم للصوفية ولكنه اغتيال للهوية الوطنية.
وأوضح مرصد فتاوى التكفير التابع لدار الإفتاء المصرية، في تقريره السادس عشر، الذي جاء تحت عنوان: «حركة شباب المجاهدين الصومالية.. الأسس الفكرية والممارسات العملية.. وسبل المواجهة»، تناول فيه الأسس الفكرية والأيديولوجية للحركة، وبنائها الفكري والتنظيمي، وأهدافها المرحلية والنهائية، وأبرز أدواتها وأساليبها في تحقيق تلك الأهداف.
وأكد مرصد دار الإفتاء المصرية، أن الحركة تعتبر أعداءها هم النظم الحاكمة ومن يواليهم، يلي ذلك الفكر والتيارات الصوفية، لذلك فهي تقوم بالعديد من الهجمات المسلحة على المزارات والأضرحة الصوفية في الصومال.
وشدد التقرير على ضرورة التصدي لمحاولات الحركة الإرهابية الرامية إلى اجتثاث الفكر والجماعات الصوفية من الصومال، وذلك بتوفير الدعم الفكري والمادي وتوفير الحماية اللازمة للتيارات الصوفية هناك، والتواصل معهم، ومدهم بكل أشكال الدعم المادي والمعنوي من كتب ومؤلفات تدعم وتؤصل للفكر الصوفي، والعمل على نشر ثقافة الإنشاد الديني والمديح وغيرها من الأدوات الناعمة في نشر الفكر الصوفي والترويج له.
كما لفت التقرير النظر إلى أهمية التواصل والتنسيق بين الجماعات والتيارات الصوفية في دول الجوار الصومالي، والاستفادة من وجود عدد من الجالية الصومالية في مصر وإعدادهم فكريًّا ليكونوا نواة لمواجهة الفكر المتشدد، بالإضافة إلى استمرار التواصل والتنسيق مع المتميزين منهم للمساعدة والمعاونة في نشر الفكر الصحيح ومحاربة أشكال الغلو والتطرف كافة.
وكان الشيخ البالغ من العمر 85 عامًا، من الدعاة البارزين ومن مشايخ الطريقة القادرية، ويتوقع أن يوارى الثرى في مدينة «برادلي» بإقليم «باي»، التابع لولاية جنوب غرب الصومال التي ينحدر منها.
ويحمل حادث اغتيال الشيخ عبدالله محمد روبلي، بصمات حركة الشباب أو تنظيم داعش، وهي الجماعات التي تنفذ العمليات الإرهابية في الصومال.
الطريقة القادرية
وتعتبر الطريقة القادرية من أوسع الطرق انتشارًا في العالم الإسلامي، وتُنسب إلى الشيخ عبدالقادر الجيلاني (470 -561 هـ 1077 - 1166 م)، المولود بـ«جيلان» أو «كيلان» بإقليم طبرستان في إيران، وتوفي ودفن ببغداد، وكان «الجيلاني» عالمًا ضليعًا يفتي على مذهب الإمامين الشافعي وابن حنبل، وانتشرت تعاليمه بواسطة تلاميذه في أنحاء واسعة من العالم الإسلامي.
ومن أهم المناطق التي انتشرت فيها الطريقة القادرية، دولة الصومال، حيث ركزت الطريقة الصوفية على نشر تعاليمها بين الصوماليين، والإعداد الروحي لهم، وتلقينهم مبادئ الدين الإسلامي وتعاليمه، مثلها في ذلك مثل غيرها من الطرق الصوفية الأخرى واسعة الانتشار في القارة.
وجاء انتقال الطريقة القادرية إلى الصومال، عبر التجار والمهاجرين اليمنيين، وخاصة القادمين من حضرموت في اليمن، ويعتبر الشريف أبوبكر بن عبدالله العيدروس المتوفى عام 1503 من أول مؤسسي الطريقة القادرية في الصومال، ثم تبعه من المشاهير الشيخ حسين نور المعروف بـ«حسين بالي»، الذي تورد الروايات الشفهية أنه جاء من بغداد لنشر الطريقة القادرية وأنه أول من مزج ترديد الأوراد مع ضرب الدف، بادئا ذلك بلفظ الشهادة (لا إله إلا الله) حتى يجذب العوام والأهالي للإسلام.
وكان أشهر دعاة الطريقة القادرية الشيخ محيي الدين القحطاني (1794-1869)، والشيخ عبدالعزيز بن عبدالغني الأموي ( 1834-1896)، الذي تولى القضاء في عهد كل من السيد سعيد وابن السلطان ماجد.
وأسس الشيخ إبراهيم حسن عيسى حبرو، أول مركز للطريقة القادرية في الصومال عام 1819، ببلدة «بريدة» على نهر «جوبا»، ومن هذا المركز انتشرت الطريقة إلى باقي أنحاء البلد، وكان من كبار مشايخها المتأخرين هناك الشيخ عبدالرحمن بن عبدالله الشاسي، الشهير بـ«الشيخ الصوفي»، المتوفى عام 1919 م وهو مؤسس الزاوية القادرية في مقديشو.
كذلك فقد قام الشيخ «عيسى بن محمد البراري القادري»، بنشر الطريقة في جوبا العليا، وأسس مسجدًا وزاوية في «توججلة»، وهي البلدة التي توفي ودفن بالقرب منها سنة 1909م، ولا يزال يقام له -حتى اليوم- احتفال سنوي كبير.
والطريقة القادرية في الصومال تنقسم لشقين، أو طريقتين، الطريقة القادرية الأويسية والزيلعية، ويُعد أشهر كتب الطريقة القادرية، كتاب «الفيوضات الربانية في المآثر والأوراد القادرية» لمؤلفه الحاج إسماعيل بن السيد محمد بن سعيد القادر، وهذا المؤلف من أهم المصادر المحلية التي تستمد الطريقة أفكارها منه، ويتناول مراتب النفس عند الصوفية.
ومن جانبه قال مصطفي زايد، الباحث في الشأن الصوفي، إن اغتيال الشيخ عبدالله محمد روبلي، شيخ الطريقة القادرية بالصومال، علي يد الجماعات الإرهابية، فصل من فصول الاستهداف الموجه لرموز التصوف البارزين في البلدان التي بها صراع مسلح بين تلك الجماعات والحكومات.
وأضاف «زايد»، في تصريحات خاصة لـ«المرجع»، أن الشيخ الروبلي، هو من مشايخ الطريقة القادرية بالصومال وله قوة وتأثير كبير في المجتمع الصوفي بالصومال، وهو واحد من مشايخ الصوفية الذين نادوا بالجهاد ومساعدة القوات الحكومية من أجل القضاء على تلك الجماعات لذلك كان من المستهدفين ولم تخف تلك الجماعات نيتها في اغتياله.
وأوضح الباحث في الشأن الصوفي، أن استهداف مشايخ الصوفية بالدول التي بها صراع مسلح ليس استهدافًا طائفيًّا كما يدعون نظرًا لتكفيرهم للصوفية ولكنه اغتيال للهوية الوطنية.
وأوضح مرصد فتاوى التكفير التابع لدار الإفتاء المصرية، في تقريره السادس عشر، الذي جاء تحت عنوان: «حركة شباب المجاهدين الصومالية.. الأسس الفكرية والممارسات العملية.. وسبل المواجهة»، تناول فيه الأسس الفكرية والأيديولوجية للحركة، وبنائها الفكري والتنظيمي، وأهدافها المرحلية والنهائية، وأبرز أدواتها وأساليبها في تحقيق تلك الأهداف.
وأكد مرصد دار الإفتاء المصرية، أن الحركة تعتبر أعداءها هم النظم الحاكمة ومن يواليهم، يلي ذلك الفكر والتيارات الصوفية، لذلك فهي تقوم بالعديد من الهجمات المسلحة على المزارات والأضرحة الصوفية في الصومال.
وشدد التقرير على ضرورة التصدي لمحاولات الحركة الإرهابية الرامية إلى اجتثاث الفكر والجماعات الصوفية من الصومال، وذلك بتوفير الدعم الفكري والمادي وتوفير الحماية اللازمة للتيارات الصوفية هناك، والتواصل معهم، ومدهم بكل أشكال الدعم المادي والمعنوي من كتب ومؤلفات تدعم وتؤصل للفكر الصوفي، والعمل على نشر ثقافة الإنشاد الديني والمديح وغيرها من الأدوات الناعمة في نشر الفكر الصوفي والترويج له.
كما لفت التقرير النظر إلى أهمية التواصل والتنسيق بين الجماعات والتيارات الصوفية في دول الجوار الصومالي، والاستفادة من وجود عدد من الجالية الصومالية في مصر وإعدادهم فكريًّا ليكونوا نواة لمواجهة الفكر المتشدد، بالإضافة إلى استمرار التواصل والتنسيق مع المتميزين منهم للمساعدة والمعاونة في نشر الفكر الصحيح ومحاربة أشكال الغلو والتطرف كافة.