«القاعدة» وإيران.. مصالح مشتركة تتجاوز العداء المذهبي

الثلاثاء 17/يوليو/2018 - 09:41 ص
طباعة «القاعدة» وإيران.. دعاء إمام
 
على بُعد أمتار من أضرحة طهران وحسينيات الملالي، يعيش قادة تنظيم القاعدة، الذين حملتهم إيران مسؤولية أمن المراقد الشيعية، بمجرد استضافتها لهم خلال العقود الماضية، وبحسب الاستخبارات الأمريكية فإن العلاقة بين إيران والقاعدة بدأت منذ 1991، أي قبل أحداث 11 سبتمبر بـ10 سنوات.
إيران التي كانت بوتقةً انصهرت فيها مختلف التنظيمات الإرهابية، هي الداعم الأول لتنظيم القاعدة وقادته، فقد تخطى زعيم التنظيم الراحل «أسامة بن لادن»، الخلافات المذهبية بين تنظيمه السُّني، والدولة الشيعية، مقدمًا مصلحة «القاعدة» على الدين، لاسيما أن الخصمين قد اجتمعا على عدو واحد، هو «أمريكا».

في عام 2016، حمّل القاضي «دانيالز» في المحكمة الاتحادية بنيويورك إيران مسؤولية هجمات 11 سبتمبر، وقضى بتغريمها 10 مليارات دولار؛ تعويضًا لعوائل ضحايا هجمات سبتمبر 2001، مؤكدًا أن العلاقة بين الجانبين بدأت منذ انطلاق القاعدة، وتعززت بتقديم إيران الخبرة والدعم اللوجستي والميداني، من خلال أجهزتها والقادة العسكريين لميليشيات حزب الله اللبناني.

كما أشارت لجنة 11 سبتمبر، المخوّل إليها التحقيق في هجمات 2001 على الولايات المتحدة، إلى أن إيران سمحت لعناصر القاعدة بالمرور عبر حدودها من دون الحصول على تأشيرات دخول أو تأشيرات سفر من قنصليتها في كراتشي الباكستانية؛ ما ساعد أعضاء التنظيم السعوديين الذين كانوا على اتصال بعملاء المخابرات الإيرانية على عدم إثارة الشكوك.

وأضافت في تقرير كشفت عنه وكالة الاستخبارات الامريكية، نهاية العام المنصرم، أن ثمانية من خاطفي الطائرات التي استخدمت في هجمات 2001 الإرهابية، مروا عبر إيران قبل وصولهم إلى الولايات المتحدة.

ورغم حصول التنافر بين الطرفين، نتيجة التباين والاختلاف من أحداث ثورة سوريا، فإن وزارة الخزانة الأمريكية أكدت أن ثمة أفرادًا لايزالون يعملون على تجنيد مقاتلين لتنظيم القاعدة، ويُديرون شبكة مسؤولة عن نقل الأموال والمقاتلين الأجانب عبر تركيا، بعلم السلطات الإيرانية؛ ما يؤكد أن التنظيم كان يدُار من «طهران».

راهنت «إيران» على علاقتها بقادة القاعدة، فقدمت الكثير من التسهيلات والخدمات للتنظيم؛ إذ وُصفت أنها بوابة العبور من وإلى أفغانستان في العراق؛ من خلال تقديم دعم مالي ومعنوي لعناصر التنظيم، يمكّنه من تكثيف نشاطاته في جنوب آسيا، في حال أرادت طهران تنفيذ هجمات ضد أهداف معينة، حينما تتوتر العلاقة بين إيران ودول أخرى.

فيما كشفت وثيقة مسربة -أفرجت عنها واشنطن أخيرًا- مما صادرته القوات الأمريكية في منزل «بن لادن» بعد مقتله بـ«أبوت آباد»، أن قيادات التنظيم ذهبوا إلى إيران هربًا من الاحتلال الأمريكي لأفغانستان، ولكن وضعهم تحت الإقامة الجبرية جعلهم يستأذنون بشن حرب على إيران، إلا أن «بن لادن» كتب رسالة بخط يده، كان نصها: «لا داعي لفتح جبهة جديدة مع إيران… لأن لنا معها مصالح».
وتُعدُّ عائلة «بن لادن» هي الأبرز من بين الضيوف الذين حلوا على إيران؛ إذ استقبلت أكثر من 20 فردًا من عائلته، بينهم إخوانه وأخواته وأبناؤه محمد وسعد، إضافةً إلى «حمزة» المرشح لخلافة التنظيم في الوقت الحالي.

ومن أبرز قادة القاعدة الذين استقبلهم نظام «الملالي»، محفوظ ولد الوليد، المكنى «أبوحفص الموريتاني»، وهو خبير القاعدة في إيران فيما يتعلق بالشريعة الإسلامية، وعمل مستشارًا للشؤون الدينية لـ«بن لادن»، يليه «أبوالخير المصري»، الذي كان مسؤولًا عن العلاقات الخارجية للقاعدة، وهو أحد المقربين لـ«بن لادن» و«الظواهري».

كما آوت إيران «سيف العدل» أحد المشاركين في التخطيط للعمليات الإرهابية وخبير الدعاية لتنظيم القاعدة، كما تبوأ في وقت سابق رئاسة العمليات العسكرية للتنظيم، وجاوره «أبومحمد المصري»، الذي كان رئيسًا سابقًا لتدريب أفراد التنظيم.

كما استقر «أبودجانة المصري» زوج ابنة زعيم التنظيم الحالي في إيران، وعمل مدربًا للتفجيرات قبل اعتقاله، وهو عضو في حركة الجهاد الإسلامي المصرية، إضافةً إلى «محمد شوقي الإسلامبولي»، الذي تلخصت مهمته في تسهيل عمليات التنظيم القاعدة، فكان على علاقة جيدة مع الاستخبارات الإيرانية في وقت سابق، وهو شقيق خالد الإسلامبولي، قاتل الرئيس المصري السابق أنور السادات.

يُضاف إلى هذه القائمة، كلٌّ من «أبوالليث الليبي» المعروف باسم علي عمار عاشور الرفاعي، وعمل قبل مقتله بغارة طائرة أمريكية كقائد شبه عسكري، كان نشطًا في شرق أفغانستان والمنطقة الحدودية بين باكستان وأفغانستان، و«عبدالعزيز المصري» كبير خبراء المتفجرات والسموم، وكان ضليعًا في مجال البحوث النووية منذ أواخر 1990.

ولعل ضيوف طهران هؤلاء، كانوا سببًا مباشرًا في إصرار «بن لادن» على عدم التعرض لها مطلقًا؛ إذ قدم زعيم التنظيم المبررات التي تستوجب عدم الهجوم على إيران في خطاب له عام 2007 بعنوان «خطاب إلى كارم»، قائلًا: «إيران هي شرياننا الرئيسي الذي يمدنا بالأموال والرجال وقنوات الاتصال، إضافةً إلى مسألة الرهائن، لا يوجد ما يستوجب الحرب مع إيران إلا إذا اضطررت إلى ذلك».

شارك