ثورة يوليو والتيارات الشيعية.. بين التقريب المذهبي والاضطراب السياسي
الإثنين 23/يوليو/2018 - 09:25 ص
طباعة
محمد الدابولي
دائمًا ما يأتي ذكر العلاقة بين «ثورة يوليو 1952» وتيارات الإسلام الحركي، ويتبادر إلى الذهن العلاقة المضطربة بين الزعيم الراحل جمال عبدالناصر وجماعة الإخوان، وكيف وصلت العلاقة بين الجانبين إلى ذروة المواجهة في عامي 1954 و1966؟، وفي المقابل تتوارى العلاقة التي جمعت بين عبدالناصر وثورة 23 يوليو من طرف، وبين التيارات الإسلاموية الشيعية، رغم أنها مثلت رقمًا مهمًا ومنحنى كبيرًا في تاريخ العديد من بلدان الشرق الأوسط، ومن أبرزها لبنان واليمن وإيران.
تميزت نقاط الالتقاء بين عبدالناصر والشيعة بالتقارب في محطات معينة، في حين شهدت في محطات أخرى حالة من التنافر والصراع بين الجانبين، ومن أبرز تلك المحطات:
◄ نواب صفوي والتخندق في صفوف الإخوان:
أسس الداعية الشيعي «مجتبى نواب صفوي» حركة «فدائيان إسلام» متأثرًا بحسن البنا وتأسيسه جماعة الإخوان في القاهرة، وقد حاكى «صفوي» جماعة الإخوان حتى أصبحت الحركة هي الوجه الشيعي لـ«الإخوان» وذراعها في إيران، ومما عزز علاقة جماعة الإخوان و«نواب صفوي» قدومه إلى القاهرة والإقامة بها فترة من الزمن، حيث عمل خلال هذه الفترة على الالتقاء مع أعضاء جماعة الإخوان، وخلال أحداث عام 1954، التي وقعت بين الجماعة وعبدالناصر، ألقى العديد من الخطب التي تناول فيها الرئيس جمال عبدالناصر بالنقد.
◄تجنيب البعد المذهبي في الصراع مع الشاه:
شهد النظامان المصري والإيراني، في عقدي الخمسينيات والستينيات، حالة من التراشق السياسي والإعلامي ناجمة عن الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي، فمصر الناصرية -في ذلك الوقت- كانت ضمن الدول الموالية للاتحاد السوفييتي في المنطقة، أما شاه إيران فكان ذراع الولايات المتحدة الأول، ورغم التنافر السياسي بين الجانبين فإن النظامين عملا على تجنيب الأبعاد المذهبية والطائفية هذا الصراع الدائر بين الدولتين، بل على العكس دخلت الدولتان في موجات من التقارب المذهبي بين السنة والشيعة ومحاربة التعصب الطائفي والمذهبي.
◄ التقريب المذهبي:
أنشئت في أحد أروقة الأزهر الشريف مدرسة فكرية عام 1947 تدعو إلي التقريب بين المذاهب الإسلامية ورفض التعصب الطائفي بين السنة والشيعة، وكان أبرز رواد تلك المدرسة الشيخ «محمود شلتوت» (شيخ الأزهر في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر).
ويؤكد الكاتب في شؤون الأزهر، راينر برونر، في كتابه «الأزهر والشيعة: التقريب الإسلامي في القرن العشرين»، أن العلاقة بين عبدالناصر ومدرسة التقريب شهدت بعض التوتر على خلفية الصدام مع جماعة الإخوان، إلا أن لقاء جمع بين عبدالناصر والداعية الشيعي «محمد تقي القمي»، في عام 1956، أسفر عن رفع المراقبة عن مدرسة التقريب، بعد التأكد من ابتعاد المدرسة الفكرية عن ممارسة أية أمور سياسية.
وجددت «أزمة السويس - تأميم القناة والعدوان الثلاثي» (1956) التقارب بين عبدالناصر والشيعة، ففي 20 نوفمبر 1956، بعث علماء النجف برقية إلى جمال عبدالناصر أعلنوا فيها تضامنهم مع الحكومة المصرية في أزمة السويس، ومع رسم دوائر السياسة الخارجية المصرية (الدائرة العربية - الإسلامية- الدائرة الأفريقية) برزت أهمية التقارب المذهبي بين السنة والشيعة في السياسة الخارجية المصرية، مما دفع النظام السياسي إلى دعم مدرسة التقريب بين المذاهب، وفي هذا الإطار قالت الكاتبة «هالة أحمد الحسيني»، في كتابها «الخطاب الصحفي في العلاقات المصرية الإيرانية»، إن مدرسة التقريب بين المذاهب قامت بإصدار موسوعة فقهية بعنوان «الفقه في المذاهب الثمانية» متناولة المذاهب الإسلامية كافة وعلى رأسها المذهب الجعفري الشيعي.
◄ عبد الناصر وحركة المحرومين:
في خضم التحولات السياسية التي شهدتها الساحة اللبنانية، في سبعينيات القرن العشرين، نشأت حركة «المحرومين»، أو ما تسمى بـ«حركة أمل»، وهي شيعية المذهب، أسسها الزعيم الشيعي اللبناني «موسى الصدر».
تأثر «الصدر» بالحركة القومية العربية، التي دشنها الرئيس جمال عبدالناصر، معتبرًا إياه مجدد آمال الأمة العربية، وذلك خلال تصوير مرئي صدر عنه تعليقًا على خبر تنحي عبد الناصر عقب نكسة 1967، معتبرًا أن المظاهرات التي خرجت رفضًا لتنحيه تعبر عن رغبة الأمة في عدم تقبل الهزيمة، كما كان «الصدر» على رأس وفد لبناني كبير أثناء تشييع جنازة الرئيس عبدالناصر، في سبتمبر 1970.
ويؤكد الكاتب زكي ميلاد، في كتابه «الفكر والاجتهاد: دراسات في الفكر الإسلامي الشيعي»، على قوة ومتانة العلاقة التي جمعت بين «ناصر» و«الصدر»، مشيرًا إلى أن السفير الإيراني في الفاتيكان والداعية الشيعي، هادي خسرو شاهي، أكد أن لقاءً جمع بين الجانبين -في أبريل 1969- على خلفية مشاركة «الصدر» في مؤتمر خاص بمجمع البحوث الإسلامية.
◄ القضاء على الحكم الإمامي في اليمن:
لم تكن تخلو العلاقات بين ثورة يوليو والتيارات الشيعية من بعض التوترات السياسية، خاصة في اليمن، حيث خضعت اليمن (اليمن الشمالي) لعقود طويلة تحت مظلة الحكم الإمامي، فإمام أهل اليمن هو إمام الطائفة الزيدية الشيعية.
وفي سبتمبر 1962، ثار بعض ضباط الجيش على الحكم الإمامي في اليمن، معلنين إنهاء الحكم الإمامي وإنشاء الجمهورية العربية اليمنية، وقد حظيت الثورة اليمنية -منذ يومها الأول- بدعم كبير من مصر والرئيس عبدالناصر، الذي عمل على تثبيت الجمهورية اليمنية والحيلولة دون عودة حكم الإمام مرة أخري للحكم في اليمن، لما يمثله من رجعية وعد التقدم لأهل اليمن.
تميزت نقاط الالتقاء بين عبدالناصر والشيعة بالتقارب في محطات معينة، في حين شهدت في محطات أخرى حالة من التنافر والصراع بين الجانبين، ومن أبرز تلك المحطات:
◄ نواب صفوي والتخندق في صفوف الإخوان:
أسس الداعية الشيعي «مجتبى نواب صفوي» حركة «فدائيان إسلام» متأثرًا بحسن البنا وتأسيسه جماعة الإخوان في القاهرة، وقد حاكى «صفوي» جماعة الإخوان حتى أصبحت الحركة هي الوجه الشيعي لـ«الإخوان» وذراعها في إيران، ومما عزز علاقة جماعة الإخوان و«نواب صفوي» قدومه إلى القاهرة والإقامة بها فترة من الزمن، حيث عمل خلال هذه الفترة على الالتقاء مع أعضاء جماعة الإخوان، وخلال أحداث عام 1954، التي وقعت بين الجماعة وعبدالناصر، ألقى العديد من الخطب التي تناول فيها الرئيس جمال عبدالناصر بالنقد.
◄تجنيب البعد المذهبي في الصراع مع الشاه:
شهد النظامان المصري والإيراني، في عقدي الخمسينيات والستينيات، حالة من التراشق السياسي والإعلامي ناجمة عن الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي، فمصر الناصرية -في ذلك الوقت- كانت ضمن الدول الموالية للاتحاد السوفييتي في المنطقة، أما شاه إيران فكان ذراع الولايات المتحدة الأول، ورغم التنافر السياسي بين الجانبين فإن النظامين عملا على تجنيب الأبعاد المذهبية والطائفية هذا الصراع الدائر بين الدولتين، بل على العكس دخلت الدولتان في موجات من التقارب المذهبي بين السنة والشيعة ومحاربة التعصب الطائفي والمذهبي.
◄ التقريب المذهبي:
أنشئت في أحد أروقة الأزهر الشريف مدرسة فكرية عام 1947 تدعو إلي التقريب بين المذاهب الإسلامية ورفض التعصب الطائفي بين السنة والشيعة، وكان أبرز رواد تلك المدرسة الشيخ «محمود شلتوت» (شيخ الأزهر في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر).
ويؤكد الكاتب في شؤون الأزهر، راينر برونر، في كتابه «الأزهر والشيعة: التقريب الإسلامي في القرن العشرين»، أن العلاقة بين عبدالناصر ومدرسة التقريب شهدت بعض التوتر على خلفية الصدام مع جماعة الإخوان، إلا أن لقاء جمع بين عبدالناصر والداعية الشيعي «محمد تقي القمي»، في عام 1956، أسفر عن رفع المراقبة عن مدرسة التقريب، بعد التأكد من ابتعاد المدرسة الفكرية عن ممارسة أية أمور سياسية.
وجددت «أزمة السويس - تأميم القناة والعدوان الثلاثي» (1956) التقارب بين عبدالناصر والشيعة، ففي 20 نوفمبر 1956، بعث علماء النجف برقية إلى جمال عبدالناصر أعلنوا فيها تضامنهم مع الحكومة المصرية في أزمة السويس، ومع رسم دوائر السياسة الخارجية المصرية (الدائرة العربية - الإسلامية- الدائرة الأفريقية) برزت أهمية التقارب المذهبي بين السنة والشيعة في السياسة الخارجية المصرية، مما دفع النظام السياسي إلى دعم مدرسة التقريب بين المذاهب، وفي هذا الإطار قالت الكاتبة «هالة أحمد الحسيني»، في كتابها «الخطاب الصحفي في العلاقات المصرية الإيرانية»، إن مدرسة التقريب بين المذاهب قامت بإصدار موسوعة فقهية بعنوان «الفقه في المذاهب الثمانية» متناولة المذاهب الإسلامية كافة وعلى رأسها المذهب الجعفري الشيعي.
◄ عبد الناصر وحركة المحرومين:
في خضم التحولات السياسية التي شهدتها الساحة اللبنانية، في سبعينيات القرن العشرين، نشأت حركة «المحرومين»، أو ما تسمى بـ«حركة أمل»، وهي شيعية المذهب، أسسها الزعيم الشيعي اللبناني «موسى الصدر».
تأثر «الصدر» بالحركة القومية العربية، التي دشنها الرئيس جمال عبدالناصر، معتبرًا إياه مجدد آمال الأمة العربية، وذلك خلال تصوير مرئي صدر عنه تعليقًا على خبر تنحي عبد الناصر عقب نكسة 1967، معتبرًا أن المظاهرات التي خرجت رفضًا لتنحيه تعبر عن رغبة الأمة في عدم تقبل الهزيمة، كما كان «الصدر» على رأس وفد لبناني كبير أثناء تشييع جنازة الرئيس عبدالناصر، في سبتمبر 1970.
ويؤكد الكاتب زكي ميلاد، في كتابه «الفكر والاجتهاد: دراسات في الفكر الإسلامي الشيعي»، على قوة ومتانة العلاقة التي جمعت بين «ناصر» و«الصدر»، مشيرًا إلى أن السفير الإيراني في الفاتيكان والداعية الشيعي، هادي خسرو شاهي، أكد أن لقاءً جمع بين الجانبين -في أبريل 1969- على خلفية مشاركة «الصدر» في مؤتمر خاص بمجمع البحوث الإسلامية.
◄ القضاء على الحكم الإمامي في اليمن:
لم تكن تخلو العلاقات بين ثورة يوليو والتيارات الشيعية من بعض التوترات السياسية، خاصة في اليمن، حيث خضعت اليمن (اليمن الشمالي) لعقود طويلة تحت مظلة الحكم الإمامي، فإمام أهل اليمن هو إمام الطائفة الزيدية الشيعية.
وفي سبتمبر 1962، ثار بعض ضباط الجيش على الحكم الإمامي في اليمن، معلنين إنهاء الحكم الإمامي وإنشاء الجمهورية العربية اليمنية، وقد حظيت الثورة اليمنية -منذ يومها الأول- بدعم كبير من مصر والرئيس عبدالناصر، الذي عمل على تثبيت الجمهورية اليمنية والحيلولة دون عودة حكم الإمام مرة أخري للحكم في اليمن، لما يمثله من رجعية وعد التقدم لأهل اليمن.