«حراس الدين».. حضور باهت يعزز «خريف القاعدة»

الثلاثاء 24/يوليو/2018 - 09:26 ص
طباعة «حراس الدين».. حضور سارة رشاد وآية عز
 
منذ خمسة أشهر انضم إلى الساحة السورية المرتبكة، كيان جديد عرّف نفسه باسم «حراس الدين». وفي البيان الإعلامي الذي جاء على ظهره التنظيم المتطرف إلى المشهد ونُشر في 27 فبراير الماضي، عبر قناة حديثة العمل على تطبيق«تيليجرام» بعنوان «أنقذوا فسطاط المسلمين»، لم يشر إلى أي خلفيات فكرية، إلا أن ذلك لم يمنع الترجيحات من الاتفاق على أن الكيان الجديد ما هو إلا فرع جديد لتنظيم «القاعدة».

واعتمد المتبنون لهذا الرأي على محاولة سابقة لـ«القاعدة» حاول من خلالها خلق كيان في سوريا سُمي بـ«أنصار الفرقان»-أعلن عن نفسه في أكتوبر 2017-، لتغطية الفراغ الذي عاشه تنظيم القاعدة، بحكم قرار ما تسمى بـ«جبهة النصرة» (فرع تنظيم القاعدة بسوريا)، بفك ارتباطها بالتنظيم الأم، في يوليو 2016.

وبعد الفشل السريع لتجربة «أنصار الفرقان»، كانت التكهنات مختلفة بخصوص ما يسمى بـ«حراس الدين»، إذ سرّب التنظيم الجديد معلومات فور تأسيسه، عن تشكيله الداخلي وقياداته العسكرية والفكرية للتلميح إلى ثمة تجربة قوية يقدم عليها.

ورغم محاولة «القاعدة» لدعم ما يسمى بـ«حراس الدين» ومده بالمنشقين عن ما يعرف بـ«هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقًا)، فإن 5 أشهر مرت منذ تأسيسه لم يثبت فيها التنظيم الجديد أي حضور قوي، إذ اقتصرت تحركاته على مناوشات عسكرية هنا، وبيان إعلامي هناك، ما يعني أن فراغ «القاعدة» بسوريا مازال قائمًا.

وفي ليبيا يعاني تنظيم القاعدة من فراغ مماثل، إذ فقد التنظيم الإرهابي على مدار شهرين أقوى مناطق نفوذه هناك، وهي مدينة درنة، التي تمكن الجيش الليبي من تحريرها نهاية يونيو 2018.

ومثًل تحرير درنة من سيطرة «القاعدة» خسارة كبيرة للتنظيم الذي يفرض سيطرته على المدينة منذ عامين، بحسب الباحث الليبي، محمد الزبيدي، إذ قال، في تصريح خاص لـ«المرجع»: إن خسارة تنظيم «القاعدة» لا تقتصر على مدينة درنة فقط، ولكن على فقد قطاع كبير من قيادات الصف الأول الذين سقطوا في المعارك مع الجيش الليبي.

وتوقع الزبيدي، أن يتجه تنظيم «القاعدة» بعد هذه التطورات إلى الصحراء، بحيث يتحول إلى كيانات صغيرة ضعيفة تعتمد في إرهابها على عمليات الكر والفر.

وإلى جانب الإخفاق السوري والليبي، يحضر الواقع اليمني، إذ يبقى فرع تنظيم «القاعدة» هناك محاصرًا رغم ضعف قبضة الدولة، ويعاني من عدم القدرة على تنفيذ أي عمليات بفعل الخوف من الغارات الجوية التي تستهدف بها أمريكا قياداته.

وتأتي هذه الاخفاقات، بعد 7 سنوات من ما يعرف بـ«الربيع العربي»، الذي حاول «القاعدة» استغلاله لاستعادة حضوره على الساحة الدولية، إذ ذهب التنظيم، منذ 2011، إلى تكوين كيانات مسلحة محلية تحمل فكر التنظيم وتخترق التظاهرات الاحتجاجية.

وإن نجح التنظيم في بعض الفترات في إحكام سيطرته على مدينة أو إثبات حضوره بواقعة، إلا أن ذلك لا ينفي الخسائر الواسعة التي تلقاها مؤخرًا، ليصبح السؤال، هل فشل «قاعدة» ما بعد «الربيع العربي» في استعادة حضوره؟

يجيب عن ذلك هشام النجار، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، الذي بين أن تنظيم «القاعدة» واجه الكثير من الانهيارات السياسية والعسكرية خلال السنوات الماضية. موضحًا أن التنظيم يحاول في الوقت الحالي تعويض هذه الخسائر.

ولفت النجار، إلى أن «القاعدة بات اليوم خارج السرب في كلٍ من سوريا وليبيا، وحتى في السنوات الأربع السابقة كان تنظيم «داعش» هو المسيطر.

واستدل على ما سماه «حالة التراخي» التي يعاني منها التنظيم، من عدم تنفيذه لأي عمليات إرهابية خلال الفترة الماضية، متابعًا حتى ليبيا التى سيطر عليها في الأيام السابقة، تراجع فيها وفشل أمام الضربات الأمنية المتلاحقة التي وجهت له في الأراضي الليبية أثناء عملية تطهير البلاد من الإرهابيين.

وأشار النجار، إلى البراجماتية التي لجأ لها التنظيم لحفظ وجوده في فترة ما بعد «الربيع العربي»، إذ منع التنظيمات التابعة له من الإفصاح عن تبعيتها، مشيرًا إلى أن هذه السياسة إن نجحت في بعض الأوقات إلا أن ذلك لم يضمن بقاء هذه الكيان أطول من عامين أو ثلاثة.

من جانبه، اتفق مختار الغباشي، المحلل السياسي ونائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، مع الرأي القائل بأن تنظيم «القاعدة» يمر بفترة تراخٍ، تحديدًا في سوريا، مشيرًا، في تصريحه لـ«المرجع»، إلى أن ذلك قد لا يستمر، خاصة أن الوضع في سوريا مازال مفتوحًا أمام الفصائل المسلحة ويسمح بصعودها حال ما توفرت لها المقومات.

شارك