الأزهر وإندونيسيا.. تاريخ السماحة بين أهل السلام وكعبة العلم

الأحد 29/يوليو/2018 - 09:52 ص
طباعة الأزهر وإندونيسيا.. أحمد عادل
 
في جنوب شرق آسيا، تقع دولة إندونيسيا التي تحظى بمكانة مميزة عن غيرها من دول العالم الإسلامي؛ إذ يقطنها نحو 230 مليون نسمة، يعتنقون جميعًا الدين الإسلامي، ويلتزمون بالمبادئ الخمس المعروفة بـ«بانكاسيلا» (مبادئ خمسة صاغها الرئيس الإندونيسي الأسبق أحمد سوكارنو في 1945 كمبادئ حاكمة لدستور دولة إندونيسيا).

تلك المبادئ المتمثلة في: «توحيد الإله، والعدالة الإنسانية، والوحدة الوطنية، والعدالة الاجتماعية، والشورى»، تعتبر التفسير للتعايش السلمي الذي يسيطر على الدولة الإندونيسية.

على صعيد متصل، يسعى الأزهر الشريف إلى نشر وسطية الإسلام في إندونيسيا، خاصةً بعد محاولات التنظيمات الإرهابية في التغلغل وسط المجتمع هناك، كما يحمل الأزهر على عاتقه مهمة محاربة الأفكار المتطرفة التي تستهدف المجتمع الإندونيسي؛ من أجل ترسيخ قيم الدين الإسلامي الحنيف.
الطيب في جاكرتا
في فبراير من عام 2016، سافر فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، إلى العاصمة الإندونيسية جاكرتا، في زيارة هدفها نشر الوسطية والسلم والتعايش ونبذ العنف والإرهاب.

وتوجت الزيارة بمنح شيخ الأزهر دكتوراه فخرية من جامعة «مولانا مالك إبراهيم» الحكومية؛ تقديرًا واعتزازًا لإسهاماته وجهوده العلمية والدينية في نشر قيم الوسطية والسلم ونبذ الإرهاب، فيما أعلن «الطيب» وقتها عن تخصيص 100 منحة لطلاب إندونيسيا -مناصفة بين الطلاب والطالبات-للدراسة في الأزهر.

وفي نهاية أبريل 2018، استقبل الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو، شيخ الأزهر، في القصر الرئاسي بالعاصمة جاكرتا؛ حيث شهد اللقاء مناقشة التحديات التي تواجه العالم الإسلامي وخاصة التدخلات العسكرية ودعم الإرهاب ومشكلات اللاجئين.

وشدد «الطيب» خلال اللقاء، على أن وسطية الإسلام تمثل حلًّا لكل المشكلات التي يعاني منها العالم الإسلامي، موضحًا أن مجلس حكماء المسلمين يبذل جهدًا كبيرًا في تعزيز ونشر ثقافة الإسلام في كل المجتمعات، دون تفرقة بين مجتمعات مسلمة وغير مسلمة، فضلًا عن إرساله قوافل السلام للعالم كله.

وأثنى كذلك على التسامح الذي يعيشه المجتمع الإندونيسي مع تعدد أعراقه وثقافاته، معتبرًا ذلك دليلًا على وسطية الإسلام وسماحته.

ومن جانبه، أعرب الرئيس الإندونيسي، جوكو ويدودو، عن سعادته بتلبية شيخ الأزهر، وإلقاء الكلمة الرئيسية في مؤتمر «وسطية الإسلام»، موضحًا أن الأزهر الشريف، بمنهجه الوسطي المنفتح، يقوم بدور بالغ الأهمية في التصدي للجماعات الإرهابية، وتفنيد أفكارها المتطرفة، معربًا عن شكره وتقديره لما يقدم من دعم ورعاية للطلاب الإندونيسيين الدارسين في الأزهر.
وسطية الإسلام
انطلق أمس الجمعة، بالعاصمة الإندونيسية جاكرتا، المؤتمر العالمي لعلماء المسلمين تحت عنوان «وسطية الإسلام في منهج أهل السنة والجماعة»، والذي ينظمه فرع المنظمة العالمية لخريجي الأزهر بإندونيسيا، بالتعاون مع منتدى خريجي الشرق الأوسط، بمشاركة وفد الأزهر الشريف ومنظمة خريجي الأزهر، وبحضور علماء من مختلف دول العالم، منها «ماليزيا وتايلاند والهند وبروناي وسنغافورة وأستراليا وبريطانيا والسودان وأوكرانيا واليابان والمغرب ولبنان».

وأثنى الدكتور محمد زين المجد، رئيس فرع منظمة خريجي الأزهر بإندونيسيا، على جهود فضيلة الإمام الأكبر، في نشر الوسطية والاعتدال في ربوع العالم، مؤكدًا أن الحضارة الإسلامية في معظمها تبنت المنهج الوسطي، الذي جعل الأمة الإسلامية قدوةً بين سائر الأمم.

فيما قال أسامة ياسين، نائب رئيس مجلس إدارة منظمة خريجى الأزهر: إن المنظمة تعمل على مواجهة الأفكار الإرهابية عن طريق العديد من الأنشطة والفعاليات، ومن بينها الدورات التدريبية للأئمة والعاملين في المجال الدعوي والتربوي من مختلف أنحاء العالم.

وبدوره، قال الدكتور عبدالفتاح العواري، عميد كلية أصول الدين بالقاهرة جامعة الأزهر، إنه «لا يستطيع أي شخص أن ينكر دور الأزهر الشريف في إندونيسيا»، مؤكدًا أن زيارات فضيلة الإمام الأكبر خير دليل على اهتمام الأزهر بهذه الدولة الإسلامية.

وأكد «العواري» في تصريح خاص لـ«المرجع»، أن الرئيس الإندونيسي قال للإمام الأكبر خلال اللقاء الذي جمعهما عام 2016: «الشعب الإندونيسي هم أبناؤك الذين ساهموا في نهضة منطقة شرق آسيا، وجاكرتا تحديدًا، من خلال تعاليمكم الكريمة في الأزهر الشريف».

ودلل عميد كلية أصول الدين، على أن هذه الزيارات حققت نجاحات كبيرة، وأن التقدم الذي حدث في إندونيسيا كان هدفه الأساسي بناء حضارة، وفكر ثقافي للمنظمة العالمية لخريجي الأزهر، مشيرًا إلى أن مؤسسة الأزهر تسعى بكل قوة أن تكون سببًا في تقدم الدول، فضلًا عن مواجهة الأفكار المتطرفة.

وأوضح «العواري»، أن الأزهر يحاول نشر تعاليم الإسلام السمحة، من خلال المناهج التي تتم دراستها في معاهد وجامعات الأزهر.

شارك