سيطرة «داعش» على «ماراوي».. هل تتحوّل الفلبين لإمارة إسلامية؟
الثلاثاء 31/يوليو/2018 - 11:03 ص
طباعة
مصطفى صلاح
تاريخ طويل يعود إلى سبعينيات القرن الماضي من الصدام بين الفلبين والجماعات المتطرفة هناك، خاصة عندما بدأت جبهة تحرير مورو في قتال الحكومة سعيًا وراء التمتع بحكم ذاتي، وبعد العديد من الصدامات والمواجهات الدموية ظهرت «جبهة تحرير مورو الإسلامية» في العام 1984، والتي استمرت في نشاطها المتشدد في جنوب الفلبين. وتعتبر «الجبهة الإسلامية» تنظيمًا منبثقًا عن «جبهة تحرير مورو»، والتي أسست في العام 1962.
وتحتضن الفلبين العديد من التيارات الإسلامية المتشددة، مثل «جماعة أبو سياف» التي كانت على علاقة بتنظيم القاعدة، ثم على علاقة بتنظيم «داعش» ومجموعات إسلاموية متشددة أخرى في عموم جنوب شرق آسيا، وهي جماعة تتصف بالوحشية وتقاتل في الفلبين لأكثر من 25 عامًا.
وتعد «أبو سياف» جماعة جهادية انشقت عن جبهة التحرير الوطنية «جبهة مورو»، وتأسست في تسعينيات القرن الماضي، تحديدًا في العام 1991 في جنوبي الفلبين، وأنشأها عبد الرزاق أبوبكر جنجلاني المكنى بـ«أبو سياف»، بتمويل من تنظيم القاعدة، وهي تحارب من أجل تأسيس إقليم إسلامي مستقل في الفلبين.
وبعد عودة «أبو سياف» من ليبيا، حيث عاش ودرس العلوم الإسلامية هناك، في أوائل التسعينيات، شكل مجموعة عسكرية عرفت باسم «جماعة أبو سياف» نسبة له، الذي قُتل خلال اشتباك مسلح مع الشرطة الفلبينية في قرية «لاميتان» بجزيرة باسيلان في 18 ديسمبر 1998، فحلّ محله بعد ستة أشهر أخوه الأصغر «قذافي جنجلاني»، وسجن أخاه الثالث «هكتور جنجلاني» بتهمتي القتل والخطف.
ولد «أبو سياف» في العام 1959 لأب مسلم وأم مسيحية، واستطاع والده أن يحصل له على منحة دراسية في ليبيا لدراسة اللغة العربية وعلومها في مدارسها، ثم ذهب إلى أفغانستان ومعه مجموعة من الطلاب للجهاد، وتدرب على فنون القتال، ووطد علاقته بالمجاهدين العرب أثناء التدريب والقتال هناك.
استهداف الاجانب
يُنسب للجماعة عدة عمليات، منها هجوم كبير لها عام 1995 على بلدة «إيبيل» في جزيرة «مندناو»، وغالبًا ما تستهدف الجماعة الأجانب، خاصة الأوروبيين والأمريكان، للضغط على الحكومة لتلبية مطالبهم، وينسب للجماعة أيضًا عدد من حالات الاختطاف وهجمات بالقنابل في العام 1998.
كما تستهدف الكنائس الكاثوليكية، وبعثات التبشير والراهبات، لكنها سرعان ما تحولت إلى الهجمات الكبيرة وعمليات الخطف لشخصيات مهمة، وقتل الأجانب، بما في ذلك تنفيذ عملية خطف في منتجع ماليزي عام 2000.
ومن أبرز عملياتها، حريق سفينة قبالة «مانيلا» في فبراير عام 2008، ما أدى لمقتل نحو 100 شخص، وقامت الجماعة في 25 أبريل 2016 بقطع رأس المواطن الكندي «جون ريدسديل»، الذي كان قد اختطف في الفلبين في سبتمبر 2015.
وكان لحصار تنظيم داعش فى منطقة الشرق الأوسط العامل الأكبر فى انتقال التنظيم إلى منطقة جنوب شرق آسيا؛ إذ شرع التنظيم فعليًا في التفكير عن كيفية إعادة ترتيب صفوفه، ومع أن الفلبين بعيدة جدًا عن مكان ولادة «داعش» في الشرق الأوسط، فقد استولى الجهاديون التابعون للتنظيم وسيطروا على إحدى المدن هناك أصلاً لمدة ثلاثة أشهر، وكبدوا القوات الأمنية في البلد كلفة كبيرة في جهود استعادتها.
الفلبين مقصدًا
كما دعا تنظيم داعش المقاتلين الموالين لفكره المتشدد إلى التوجه إلى الفلبين في يونيو 2016، في حال كانوا غير قادرين على التوجه إلى سوريا.
وكان الاستيلاء على مدينة «ماراوي»- كبرى مدن منطقة «مندناو» التي تتمتع بالحكم الذاتي- في 23 مايو 2017، وسيطرة الجهاديين التابعين للتنظيم عليها لمدة ثلاثة أشهر، مؤشرًا على ما سيأتي؛ فمع تدمير معاقله في الشرق الأوسط من المرجح أن يصبح «داعش» أكثر تشرذمًا، فيعمد إلى نقل انتباه أكبر لمناطق جديدة تمتد من جنوب شرق آسيا. فيما أعلن رئيس الفلبين رودريغو دوتيرت، أن «ماراوي» تحررت يوم 17 أكتوبر 2017، بعد يوم من قتل قوات الأمن الفلبينية «اسنيلون هابيلون، وعمر موات» أعلى قائدين للجهاديين في «ماراوي».
ويحاول «داعش» مراجعة استراتيجيته عبر تشكيل مجموعات تابعة رسمية، في محاولة لإعطاء ماركته لمعانًا وتعزيزًا في أمسّ الحاجة إليهما الآن، وفق استراتيجيتى الهدف البعيد والهدف القريب.
وعلى الجانب الآخر، أعلن زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، فى بث مصور نشر عبر شبكة الإنترنت في الرابع من سبتمبر 2014، أن «القاعدة ستنشر الحكم الإسلامى، وترفع علم الجهاد في أنحاء شبه القارة الهندية»، معلنًا عن إنشاء فرع جديد للقاعدة في شبه القارة الهندية أطلق عليه «جماعة قاعدة الجهاد في شبه القارة الهندية»، الذي يمتد ليشمل الهند وباكستان وبنجلاديش وبوتان ونيبال وسريلانكا وجزر المالديف وبورما.
ولهذا فإن دعوة «قاعدة شبه القارة الهندية» إلى المجموعات الجهادية الأخرى للاندماج معها في جنوب آسيا، تؤكد أنها تعتزم توحيد هذه الجماعات من أجل تنفيذ عمليات كبرى في تلك المنطقة، والتي تمتد إلى الفلبين.
ومن المرجح أن تظل الفلبين هدفًا ناضجًا نظرًا لعدد سكانها الضخم من المسلمين، ووجود حركات إسلاموية راديكالية عنيفة وغير عنيفة هامشية قبل ظهور «داعش»، وتساهل أنظمتها المالية الرسمية وغير الرسمية، وضعف المؤسسات المحلية، فضلاً عن وجود زعيم مثل ديوارت، يقود إدارة أشرفت على أزمة في ماراوي أسفرت عن عشرات القتلى من المدنيين ومئات الآلاف من المشردين.
وحتى لو فشلت الفلبين في التحول إلى عقدة رئيسية في الشبكة العالمية المتقلبة لتنظيم «داعش»، فإنها سوف تظل على الأرجح أرضًا خصبة للتجنيد والتمويل، وانتشار الدعاية التي تستلهم «داعش»، أو تدعم التنظيم وأجندته العنيفة بشكل مباشر.
وتحتضن الفلبين العديد من التيارات الإسلامية المتشددة، مثل «جماعة أبو سياف» التي كانت على علاقة بتنظيم القاعدة، ثم على علاقة بتنظيم «داعش» ومجموعات إسلاموية متشددة أخرى في عموم جنوب شرق آسيا، وهي جماعة تتصف بالوحشية وتقاتل في الفلبين لأكثر من 25 عامًا.
وتعد «أبو سياف» جماعة جهادية انشقت عن جبهة التحرير الوطنية «جبهة مورو»، وتأسست في تسعينيات القرن الماضي، تحديدًا في العام 1991 في جنوبي الفلبين، وأنشأها عبد الرزاق أبوبكر جنجلاني المكنى بـ«أبو سياف»، بتمويل من تنظيم القاعدة، وهي تحارب من أجل تأسيس إقليم إسلامي مستقل في الفلبين.
وبعد عودة «أبو سياف» من ليبيا، حيث عاش ودرس العلوم الإسلامية هناك، في أوائل التسعينيات، شكل مجموعة عسكرية عرفت باسم «جماعة أبو سياف» نسبة له، الذي قُتل خلال اشتباك مسلح مع الشرطة الفلبينية في قرية «لاميتان» بجزيرة باسيلان في 18 ديسمبر 1998، فحلّ محله بعد ستة أشهر أخوه الأصغر «قذافي جنجلاني»، وسجن أخاه الثالث «هكتور جنجلاني» بتهمتي القتل والخطف.
ولد «أبو سياف» في العام 1959 لأب مسلم وأم مسيحية، واستطاع والده أن يحصل له على منحة دراسية في ليبيا لدراسة اللغة العربية وعلومها في مدارسها، ثم ذهب إلى أفغانستان ومعه مجموعة من الطلاب للجهاد، وتدرب على فنون القتال، ووطد علاقته بالمجاهدين العرب أثناء التدريب والقتال هناك.
استهداف الاجانب
يُنسب للجماعة عدة عمليات، منها هجوم كبير لها عام 1995 على بلدة «إيبيل» في جزيرة «مندناو»، وغالبًا ما تستهدف الجماعة الأجانب، خاصة الأوروبيين والأمريكان، للضغط على الحكومة لتلبية مطالبهم، وينسب للجماعة أيضًا عدد من حالات الاختطاف وهجمات بالقنابل في العام 1998.
كما تستهدف الكنائس الكاثوليكية، وبعثات التبشير والراهبات، لكنها سرعان ما تحولت إلى الهجمات الكبيرة وعمليات الخطف لشخصيات مهمة، وقتل الأجانب، بما في ذلك تنفيذ عملية خطف في منتجع ماليزي عام 2000.
ومن أبرز عملياتها، حريق سفينة قبالة «مانيلا» في فبراير عام 2008، ما أدى لمقتل نحو 100 شخص، وقامت الجماعة في 25 أبريل 2016 بقطع رأس المواطن الكندي «جون ريدسديل»، الذي كان قد اختطف في الفلبين في سبتمبر 2015.
وكان لحصار تنظيم داعش فى منطقة الشرق الأوسط العامل الأكبر فى انتقال التنظيم إلى منطقة جنوب شرق آسيا؛ إذ شرع التنظيم فعليًا في التفكير عن كيفية إعادة ترتيب صفوفه، ومع أن الفلبين بعيدة جدًا عن مكان ولادة «داعش» في الشرق الأوسط، فقد استولى الجهاديون التابعون للتنظيم وسيطروا على إحدى المدن هناك أصلاً لمدة ثلاثة أشهر، وكبدوا القوات الأمنية في البلد كلفة كبيرة في جهود استعادتها.
الفلبين مقصدًا
كما دعا تنظيم داعش المقاتلين الموالين لفكره المتشدد إلى التوجه إلى الفلبين في يونيو 2016، في حال كانوا غير قادرين على التوجه إلى سوريا.
وكان الاستيلاء على مدينة «ماراوي»- كبرى مدن منطقة «مندناو» التي تتمتع بالحكم الذاتي- في 23 مايو 2017، وسيطرة الجهاديين التابعين للتنظيم عليها لمدة ثلاثة أشهر، مؤشرًا على ما سيأتي؛ فمع تدمير معاقله في الشرق الأوسط من المرجح أن يصبح «داعش» أكثر تشرذمًا، فيعمد إلى نقل انتباه أكبر لمناطق جديدة تمتد من جنوب شرق آسيا. فيما أعلن رئيس الفلبين رودريغو دوتيرت، أن «ماراوي» تحررت يوم 17 أكتوبر 2017، بعد يوم من قتل قوات الأمن الفلبينية «اسنيلون هابيلون، وعمر موات» أعلى قائدين للجهاديين في «ماراوي».
ويحاول «داعش» مراجعة استراتيجيته عبر تشكيل مجموعات تابعة رسمية، في محاولة لإعطاء ماركته لمعانًا وتعزيزًا في أمسّ الحاجة إليهما الآن، وفق استراتيجيتى الهدف البعيد والهدف القريب.
وعلى الجانب الآخر، أعلن زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، فى بث مصور نشر عبر شبكة الإنترنت في الرابع من سبتمبر 2014، أن «القاعدة ستنشر الحكم الإسلامى، وترفع علم الجهاد في أنحاء شبه القارة الهندية»، معلنًا عن إنشاء فرع جديد للقاعدة في شبه القارة الهندية أطلق عليه «جماعة قاعدة الجهاد في شبه القارة الهندية»، الذي يمتد ليشمل الهند وباكستان وبنجلاديش وبوتان ونيبال وسريلانكا وجزر المالديف وبورما.
ولهذا فإن دعوة «قاعدة شبه القارة الهندية» إلى المجموعات الجهادية الأخرى للاندماج معها في جنوب آسيا، تؤكد أنها تعتزم توحيد هذه الجماعات من أجل تنفيذ عمليات كبرى في تلك المنطقة، والتي تمتد إلى الفلبين.
ومن المرجح أن تظل الفلبين هدفًا ناضجًا نظرًا لعدد سكانها الضخم من المسلمين، ووجود حركات إسلاموية راديكالية عنيفة وغير عنيفة هامشية قبل ظهور «داعش»، وتساهل أنظمتها المالية الرسمية وغير الرسمية، وضعف المؤسسات المحلية، فضلاً عن وجود زعيم مثل ديوارت، يقود إدارة أشرفت على أزمة في ماراوي أسفرت عن عشرات القتلى من المدنيين ومئات الآلاف من المشردين.
وحتى لو فشلت الفلبين في التحول إلى عقدة رئيسية في الشبكة العالمية المتقلبة لتنظيم «داعش»، فإنها سوف تظل على الأرجح أرضًا خصبة للتجنيد والتمويل، وانتشار الدعاية التي تستلهم «داعش»، أو تدعم التنظيم وأجندته العنيفة بشكل مباشر.