مقاتلو «داعش» في ضيافة الحكومة الأفغانية..«رفاهية وموائد واتفاق حماية»
الإثنين 06/أغسطس/2018 - 09:29 ص
طباعة
شيماء حفظي
خلف أسوار لا تبدو المعاملة بداخلها «عقابًا» لقادة تنظيم داعش الإرهابي، يقف قيادي التنظيم «مولوي حبيب رحمان» مع 250 من مقاتليه، في سجون أفغانستان بعدما سلم نفسه إلى الحكومة الأفغانية، خوفًا من الوقوع في أسر حركة طالبان.
وتصف صحيفة «نيويورك تايمز»، في تقرير بعنوان: « Are ISIS Fighters Prisoners or Honored Guests of the Afghan Government?»، مشهد «حبيب رحمان» بين أنصاره من أعضاء التنظيم المحبوسين، بأنه كان واقفًا خلف منبر مزين بدرع وكالة المخابرات الحكومية الأفغانية، ويقف على يساره قائد الشرطة المسؤول عن المقاطعة الأفغانية «جوزجاني»، وخلفه مجموعة متنوعة من الشخصيات البارزة من الشرطة، والجيش، والشخصيات السياسية.
ووفقًا لـ«التايمز»؛ فإن «رحمان»، تحدث وبجانبه زجاجة مياه معدنية، وقدم الشكر للحكومة الأفغانية على «الضيافة»، لكنه بدأ يحذر مضيفيه بشكل حاسم أن يبقوا على الاتفاق الذي وقعوه معه، قائلًا: «امنحونا الأمن الشخصي، ومدونا بمعلومات أمنية، وابقوا أوفياء لالتزامكم معنا، فلقد أصبحت القوات المقاتلة ضد الحكومة الأفغانية مستعدة للحوار معها».
المعاملة المختلفة لمقاتلي داعش، فسّرها الجنرال «فقير محمد جوزجاني»، قائد شرطة المحافظة الذي شارك المنصة مع «رحمان»، بأن قيادي التنظيم ورجاله «استسلموا للقوات الأفغانية، ولم ينضموا إلى عملية السلام، وهما أمران مختلفان».
وبحسب ما نقلته الصحيفة، فإن الحكومة الأفغانية رتبت لمقاتلي داعش دارًا للضيافة في عاصمة مقاطعة شبرغان، ونُشر حراس حوله لمنع المتمردين من الدخول، وسُمح لهم بالاحتفاظ بالهواتف المحمولة وغيرها من الممتلكات الشخصية.
وفي دار الضيافة، احتفل مقاتلو تنظيم داعش، بحظهم الجيد واحتضن بعضهم البعض، وذكرت «نيويورك تايمز»، أن أحد قادة داعش ويُدعى «المفتي نعمت»، كان «في يده ساعة آبل، ويحمل هاتفًا يعمل بالأقمار الصناعية، وأجرى اتصالات منتظمة بين إجراء المقابلات».
وبساعته الآبل، وقميصه الأسود، راح «نعمت»، يتحدث عن كراهية العالم لـ«داعش» فقال إنهم يعتقدون بدعم الولايات المتحدة لحركة طالبان، قائلًا: «الكل ضدنا.. كل جانب يضع ضغوطًا علينا.. الحكومة الأفغانية وطالبان وكذلك الشعب.. العالم كله ضدنا».
انضم «نعمت»، إلى داعش لأنه يؤمن بأيديولوجية المجموعة التي شعر أنها أقرب إلى القيم الأفغانية من تلك التي لدى طالبان أو الحكومة، بحسب قوله.
وقال «نعمت»: «نريد أن يقبل الآخرون أفكارنا بقلوبهم، وليس بالقوة.. ليست هناك حاجة لإجبار الناس على قبولنا».
حديث نعمت، القيادي بداعش، حول الاتفاق مع الحكومة الأفغانية، كان حادًا، إذ قال: «لقد وعدت الحكومة الأفغانية أنها لن تعاقبنا، يجب عليها أن تنقذ حياتي وأن تزودني بالأمن»، مصرًا في الوقت ذاته على أن قادته وأتباعهم كانوا مذنبين في القتال في ساحة المعركة، ومؤكدًا «أنا مستعد للذهاب إلى المحكمة إذا كان هناك أي دليل ضدي».
ويشير «نعمت»، إلى أن «جميع مقاتليهم استسلموا الآن، وتم القبض عليهم من قبل طالبان أو قتلوا»، فضلًا عن المتحدثين باسم الحكومة وطالبان.
ولا يقتصر وجود مقاتلي داعش في السجن على «رفاهية» كتلك التي يتمتعون بها حاليًا، لكنهم يثيرون المتاعب أيضًا، فيصرخون في وجه الصحفيين ومن لا يطلقون اللحى بمقولة: «كفار»، وهو ما أغضب بعض ضباط الشرطة الأفغان، الذين تساءل أحدهم: «لماذا لم ندع طالبان تقتلهم، بدلًا من معاملتهم كضيوف شرف؟».
وكردة فعل على تلك «المعاملة المرفهة» للإرهابيين، قال الجنرال جوزجاني: «إنه تم استلام 50 شكوى يوم الخميس، في كل شكوى، سيتم استجواب المقاتلين والتحقيق معهم».
ومن بين أصحاب الشكاوى «يار محمد»، البالغ من العمر 53 عامًا، والذي قال: «قتل مقاتلو داعش أكثر من 100 شخص في درزاب.. على الحكومة أن تقاضي هؤلاء القتلة».
وبعد مشاهدة لقطات تلفزيونية للسجناء الذين كانوا يتغذون بأرز بيلاف باللحوم والخضراوات والمياه المعبأة في زجاجات، غضب عبدالحميد (يبلغ من العمر 52 عامًا)، الذي فر مع حوالي 10 آلاف شخص آخرين على مدى العامين الماضيين، من درزاب إلى حياة بذيئة كشخص نازح في شبرغان، حيث اللحم هو ترف لا يمكن تخيله.
ويقول عبدالحميد لـ«التايمز»: «لقد فقدنا كل شيء لداعش، والآن ترسل الحكومة طائرات مروحية لهم من كابول وترسلهم إلى هنا وتمنحهم الأرز واللحوم والمياه المعدنية، وتزودهم بالأمن، ونحن حتى لا نستطيع العثور على الطعام».
ويضيف «باز محمد دور»، البالغ من العمر 32 عامًا، وهو أيضًا لاجئ من درزاب، «في 15 أبريل قاموا بقطع رأس طفل يبلغ من العمر 12 عامًا بدعوى التعاون مع الشرطة المحلية.. ارتكبوا مئات الجرائم بما في ذلك اغتصاب النساء والفتيات، واستعبادهن وقتلهن وقطع رؤوسهن.. لن يسمح الناس بهذا. لقد قتلوا الكثير من أبنائهم، وسرقوا الكثير من مواشيهم، وستكون هناك احتجاجات ضخمة إذا لم تعاقبهم الحكومة».
وبحسب ما ذكرته «نيويورك تايمز»؛ فإن الطريقة المريبة لاستسلام مقاتلي داعش، هي دعاية انتخابية لحركة طالبان التي بدأت هجومًا مع الآلاف من المقاتلين منذ حوالي شهر للقضاء على تنظيم داعش في الشمال.
ولا يزال لدى داعش مقاتلون كُثر في الجزء الجنوبي من مقاطعة نانجارهار، في شرق أفغانستان، لكن الهجمات المنسقة التي تشنها القوات الخاصة الأمريكية والأفغانية، المدعومة بالغارات الجوية، قللت بشكل كبير من وجودهم في تلك المنطقة في الأشهر الأخيرة، وهو ما جعلهم يركزون على شن هجمات انتحارية على أهداف مدنية خفيفة.
وقال مسؤول في المديرية الوطنية للأمن، وهي وكالة استخبارات قوية، إن مقاتلي تنظيم داعش، سيكونون أمام مفاجأة عندما يتم نقلهم إلى عهدة وزارة الأمن الوطني في كابول، مضيفًا «نحن لا نقيم السلام مع داعش.. داعش مجموعة إرهابية دولية.. نحن لا نجعل السلام مع الإرهابيين».