«دعاة الصوفية» يجذبون المريدين الجدد بـ«جلسات التصوير»
الجمعة 10/أغسطس/2018 - 09:23 ص
طباعة
سارة رشاد
منذ شهر حملت «إيمان»، الشابة القاهرية (25 عامًا) على كتفها منامًا رأته، قبل خمس سنوات، وذهبت به إلى الجامع الأزهر.
في الصحن الكبير للجامع، سجلت اسمها ضمن 13 ألفًا، هم إجمالي الملتحقين ببرنامج الدروس العلمية الذي يقدمه الأزهر ضمن خطة يتبناها لإحياء الرواق الأزهري (يقصد به الشكل الكلاسيكي الذي عكف الأزهر منذ ألف عام على تقديم الدروس العلمية من خلاله).
لم تكن تعرف الشابة إن قدومها إلى هناك سيكون خاتمة رحلة بحث مشتتة قضت فيها أعوامها الأخيرة للعثور على شيخ؛ تروي «إيمان» قصتها بمزيج من الشاعرية والارتياح فتقول إنها منذ خمس سنوات جاءها في منامها شيخ مشرق الوجه واللباس بلحية بيضاء، يسند ظهره إلى جدار ناصع البياض، طالبها بكثرة الدعاء «فالله يسمعها»، لتختار هي أن تدعي فقط لـ«أمها».
«حين رويت رؤيتي على جاري الصوفي قال إنها بشائر صوفية»، هكذا تقول الشابة التي بدأت من وقتها البحث في معنى التصوف وسير الأولياء، «لكنها ظلت بدايات هشة»، إلى أن التحقت بدروس الرواق الأزهري لتلتقي هناك بالشيخ الصوفي الأزهري الدكتور محمد مهنّا، المشرف على الرواق، ومستشار شيخ الأزهر.
تؤكد إيمان، «من المرة الأولى التي حضرت فيها للشيخ ارتاح قلبي، إلى أن طالعت صفحته الرسمية على الفيسبوك، فتيقنت إنني أخيرًا في الطريق السليم»، مسترسلة إنها رأت الشيخ الذي زارها في المنام متجسدًا في صورة حديثة نشرتها الصفحة للدكتور محمد مهنّا، مشرق الوجه مرتديًا ثوبًا ناصع البياض وعمامة تضفي على وجه هدوء شديد.
زيارات «إيمان»، لمجالس «مهنّا» العلمية مازالت مستمرة، محاولة في كل مرة اختراق الملتفين حوله، لمطالبته بأخذ العهد عليها (والعهد هو رابطة روحية بين الشيخ والمُريد يمنحه الأخير للأول ليساعد الشيخ المُريد في رحلة الوصول لله)، فهناك حالات شبيهة تتفق معها في ميلها إلى التصوف من صفحة لشيخ محبوب على «فيسبوك».
ويلاحظ اهتمام متصاعد من قبل بعض دعاة الصوفية بمصر بالتواصل على الأجيال الحديثة، حتى بدأ قطاع منهم في الحضور القوي على مواقع التواصل الاجتماعي عبر صفحات تنقل لحظيًا تحركات الشيخ ودروسه بجودة عالية، كصفحة مفتي الديار المصرية السابق، وشيخ الطريقة «الصدّيقية الشاذلية»، الدكتور علي جمعة، التي تضم أكثر من مليون و300 ألف متابع، وصفحة الدكتور عمرو الورداني، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، وتجذب 45 ألف متابع.
الصور على وجه الخصوص تلعب دورًا بارزًا في ذلك، إذ تنشر صفحات المشايخ صورًا شخصية لهم بتقنيات عالية، وإن كانت الصوفية في المفهوم الشعبي الموازية لمعاني الصفاء والنفوس الهادئة، فلا يضر أن تكون صورة الشيخ مفعمة بالنور، ما يعطي مزيدًا من الإحساس بالراحة، بالضبط كما حدث مع «إيمان» التي قررت الالتحاق بركب «مهنا» من صورة.
الدعاة الجدد
لا تعد التجربة الصوفية في ذلك هي الأولى؛ إذ سبقتهم تجربة شبيهة لـ«الدعاة الجدد»، وهم مجموعة شباب قدموا من مستويات اجتماعية ميسورة، وظهروا مطلع الألفية الحالية، لتقديم الدين في صورة تلائم شريحة الشباب.
ولهذا الغرض وجد «الدعاة الجدد» على مواقع التواصل الاجتماعي، محاولين ربط الدين بالحياة الاجتماعية للشباب ومشكلاتهم الحالية، حتى لو جاء ذلك على الشكل الكلاسيكي للتدين.
واعتمد هؤلاء الدعاة من أمثال مصطفى حسني، ومعز مسعود، لتدعيم خطابهم على الصور ومقاطع الفيديو التي ينشرونها على صفحاتهم؛ فيظهر الفرد منهم مهندمًا وعلى مستوى مائل إلى الجمال، فيما وصل الأمر إلى أن البعض منهم كان يجرى جلسات تصوير لينتقي منها صورًا تجذب حوله أكبر عدد من الشباب.
وكما تسببت ظاهرة الدعاة الجدد في تكسير الشكل التقليدي للداعية، فلفتت أنظار الدعاة الآخرين إلى أن ثمة شريحة يمكن الوصول لها بصورة وفيديو.
ولنفس الغرض، خفف بعض دعاة الصوفية من لغتهم الخطابية، حتى أن عمرو الورداني يقدم برنامجًا على فضائية «الناس»، يتناول فيها المصطلحات الدارجة المصرية، تحت مسمى «التدين المصري».