قمع مسلمي الروهينجا يوفِّر فرصة لـ«داعش» للانتشار في آسيا
الجمعة 10/أغسطس/2018 - 09:30 ص
طباعة
أحمد لملوم
لا يختلف المتخصصون في طبيعية العوامل التي تُحوّل شخصًا ما إلى متشدد ينتهي به الأمر منتحرًا خلال تنفيذه عملية إرهابية، ويتربع على قمة هذه العوامل العنف والقمع اللذين يتعرض لهما الشخص، ولا يذهب أثرهما بعيدًا، بل يخّزَنان في نفسية الشخص، إضافة لضعف التعليم الممنوح والخدمات المقدمة وقلة الفرص المتاحة لهؤلاء الأشخاص، وبمرور الوقت يصبحون مستعدين نفسيًّا للانضمام للجماعات الإرهابية.
وما تقوم به حكومة ميانمار في ولاية راخين؛ حيث يعيش الغالبية العظمى من أقلية الروهينجا المسلمة، يدق ناقوس الخطر في رأي مراقبين لنشاط الجماعات الإرهابية في آسيا، إذ يوفر العنف الحكومي في الولاية المضطربة، أرضية تسهل على جماعات الإرهاب -خاصة داعش- تجنيد أعضاء جدد، خاصة مع الهزائم العسكرية التي مُنيَ بها تنظيم داعش في العراق وسوريا، وبحث قيادته عن مناطق بديلة لنقل نشاطه إليها.
تطهير عرقي
وتعود بداية الأحداث في ولاية راخين إلى أغسطس 2017، عندما شنّ الجيش حملة عسكرية على المناطق التي يعيش فيها الروهينجا البالغ عددهم نحو 1.1 مليون شخص، وتتهم منظمات دولية الجيش بارتكابه جرائم ترقى إلى التطهير العرقي، والتسبب في فرار ما يقرب من 700 ألف من مسلمي الروهينجا إلى بنجلاديش المجاورة.
وكان مسلمو الروهينجا يعانون من عدم توافر احتياجاتهم وحقوقهم الأساسية، كالرعاية الصحية والتعليم وفرص العمل، إذ ترفض الحكومة منحهم الجنسية والاعتراف بهم كمواطنين، وتقول إن أصول الروهينجا تعود إلى مهاجرين غير شرعيين من المسلمين البنغال الذين استقروا في البلاد بالماضي دون وجه حق، وهو ما يرفضه الروهينجا بشدة، معتبرين أنفسهم السكان الأصليين لولاية راخين.
وميانمار دولة ذات أغلبية بوذية، كانت تحكم من قِبل قادة عسكريين لعقود، عقب استقلالها من الاحتلال البريطاني عام 1948، وبدء الجيش اتخاذ خطوات في عملية تحول تدريجي في البلاد منذ عام 2010.
وتولى حزب «الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية» الذي تتزعمه الحائزة على جائزة نوبل للسلام، «أونج سان سو كي» السلطة عام 2015، وتعرضت «سو كي» لوابل من الانتقادات من جماعات حقوق الإنسان، بسبب الجرائم التي ارتكبت خلال الحملة العسكرية.
ودعت الأمم المتحدة حكومة «سو كي» أمس الأربعاء؛ لتطالبها بتحسين الظروف المعيشية في ولاية راخين؛ من أجل سلامة عودة من فر من أقلية الروهينجا المسلمة إلى بنجلاديش، واتخاذ إجراءات جدية في منح الجنسية لهم.
وفي يوليو الماضي، وقعت الأمم المتحدة اتفاقًا مع ميانمار، يهدف إلى السماح في نهاية المطاف لمئات الآلاف من الروهينجا في بنجلاديش بالعودة بسلام وباختيارهم، لكن الاتفاق لا يقدم ضمانات واضحة بشأن منحهم الجنسية أو حرية الحركة داخل البلاد.
وتقول الصحفية المتخصصة في شؤون الجماعات الإرهابية، «إيكاترينا سيرجاتسكوفا»، في مقال بمجلة «فورين أفيرز» الأمريكية: إن «تنظيم «داعش» لا يضيع أي فرصة تتاح أمامه لإحداث أضرار، والعنف الذي يتعرض له الروهينجا يعتبر فرصة عظيمة له في منطقة جنوب شرق آسيا».