خيارات أوروبا لتقويم أطفالها العائدين من أحضان «داعش»
الجمعة 10/أغسطس/2018 - 09:35 ص
طباعة
أحمد لملوم
شهدت دول أوروبية عديدة خلال الفترة القصيرة الماضية، عودة أطفال كانوا قد سافروا مع عائلاتهم إلى مناطق يسيطر عليها تنظيم «داعش» في العراق وسوريا، هؤلاء الأطفال يشكلون واحدًا من تحديات عدة تواجهها دول القارة العجوز في معركتها ضد الإرهاب.
وفي فبراير الماضي، استقبلت ألمانيا أول طفل لأم «داعشية» من العراق، بعد ما كان محتجزًا معها في مدينة أربيل العراقية، وأكدت وزارة الخارجية الألمانية خبر إطلاق سراح طفل ألماني من العراق، وإرجاعه إلى ألمانيا دون تقديم مزيد من التوضيحات.
وتبذل الحكومات الأوروبية جهودًا حثيثة للتعامل مع هذا الملف الخطير بشكل سليم، لكن نقص التجارب السابقة يعد المعضلة الحقيقة، فلا يوجد نموذج يُسترشد به في تقويم هؤلاء الأطفال بعد تعرضهم للأفكار المتشددة التي يتبناها تنظيم داعش، ما يفتح الباب أمام الجهود الفردية.
وتمثل احتمالية استخدام الأطفال في هجمات مستقبلية للتنظيم الإرهابي خطرًا لا يغيب عن أنظار المسؤولين الأوروبيين، حيث الشرطة البريطانية مع أحد الإرهابيين على كتيب عن كيفية تجنيد أعضاء جدد لتنظيم داعش، وكان يحتوي على جزء خاص بتجنيد الأطفال، وذكر فيه: «أطفالكم سوف يصبحون تابعين لنا، ولسوف يمجدون مقاتلينا الذين قتلوا آباءهم».
وفي مقال له بصحيفة «ذا جارديان» البريطانية، قال الصحفي المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية، جون هينلي: إن «القضية حساسة ولا تتحمل الإخفاق في التعامل معها، ويجب أن توفر الدول كل الإمكانيات الممكنة في استراتيجياتها لتقويم هؤلاء الأطفال».
النموذج الدنماركي
ويشير «هينلي»، إلى أن هناك نموذجًا طبقته الحكومة الدنماركية من أجل تغيير أفكار المتشددين العائدين للبلاد من مناطق الصراع في الشرق الأوسط، يمكن أن يكون مفيدًا في هذه القضية الشائكة، وإن كان النموذج الدنماركي هدفه التعامل مع المتشددين البالغين وليس القصر.
ويركز النموذج الدنماركي على التاُثير على الجانب النفسي لدى الأشخاص المعتنقين الأفكار المتشددة، من خلال إدارة نقاشات معهم لحثهم على التفكير النقدي في هذه الأفكار وتحليلها وتفكيكها، لإظهار مدى هشاشتها، وعدم استنادها إلى أمور يقبلها العقل والمنطق الإنساني.
بالإضافة إلى إزالة الأثر النفسي الذي تركته تجربة العيش في المناطق التي سيطر عليها تنظيم داعش، بالاستعانة بأطباء نفسيين متخصصين في التعامل مع الأطفال، وكان التنظيم ينفذ ممارسات عنيفة ومتشددة، تشمل تنفيذ عمليات قتل جماعي وإعدام علني في الساحات ويمثل بجثث الضحايا ليرسل رسالة قوية لمن يحاول الخروج على القواعد التي وضعها.
كما أسس التنظيم عددًا من المدارس، كانت تقدم مناهج متشددة للأطفال من أجل زرع أفكار التنظيم في عقولهم مبكرًا، وجعلهم يعتادون أفعاله الإرهابية باعتبارها أمرًا طبيعيًّا.
ويرى «هينلي» أن عمر الطفل من الأمور التي يجب أن توضع في الاعتبار، إذ إنه كلما صغر أعمارهم يسهل التعامل معهم؛ لأن ذاكرتهم لا تحمل الكثير مما مروا به في سوريا والعراق، وعلى البرامج التي تتعامل مع الأطفال مراعاة ذلك، وتكثيف العمل مع الأطفال الأكبر في السن، كونهم الأكثر تأثرًا بتجربة العيش في أحضان داعش.