الأزهر والكنيسة.. رباط وطني يسمو على الطائفية
الجمعة 10/أغسطس/2018 - 09:38 ص
طباعة
دعاء إمام
على مدار الأيام الماضية، عجت مشيخة الأزهر بوفود كنسية من مصر وعدد من الدول؛ لتهنئة فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب، بحلول عيد الأضحى، بما يعكس روح التآخي والوحدة التي أرساها الطرفان.
أمس الأربعاء، قدّم قداسة البابا تواضروس، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية التهنئة للإمام الأكبر، مشيدًا بفكرة منتدى «شباب صناع السلام» الذي جمع بين الأزهر ومجلس حكماء المسلمين وكنيسة «كانتربرى» الإنجليكانية، بحضور مجموعة من الشباب المسلم والمسيحي من الشرق والغرب في لندن، مؤكدًا أهمية جمع الشباب للحوار والتفاهم وتبادل الأفكار والتعايش الفعلي.
كما هنأ الدكتور أندريا زكي، رئيس الطائفة الإنجيلية في مصر، الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية، بقرب عيد الأضحى المبارك، وموسم الحج، مبيّنًا أن تلك الزيارات المتبادلة تعزز قيم المحبة والتسامح، وتزيد الروابط الوثيقة بين الأمة.
وقال «علّام» خلال استقباله وفد الكنيسة الإنجيلية، أمس: إن مصر صاحبة تجربة فريدة في العيش المشترك، وعلى مرِّ تاريخها كانت عصية على كل محاولات التفرقة وزرع الطائفية؛ بسبب التلاحم بين المسيحيين والمسلمين.
خطيب المنبرين
العلاقة بين أصحاب العمائم الأزهرية البيضاء، وأصحاب العمائم السود، هي نتاج مواقف عدة، احتضن فيها الأزهر قساوسة الكنيسة، واستضافت الكاتدرائية شيخ الأزهر مرات عديدة، إذ عُرف عن القس ملطي سرجيوس عبدالملاك، دوره في ثورة 1919 حين خطب في الجامع الأزهر، وفي مسجد أحمد بن طولون، والعديد من مساجد مصر.
دعا «سرجيوس» المسلمين والمسيحيين إلى التآخي والتضامن؛ لمقاومة المحتل البريطاني منذ سبتمبر 1912، وحينما قامت الثورة سنة 1919، برز القمص وسط الثائرين، ولُقب بـ«خطيب الثورة» و«خطيب المنبرين»؛ إذ عاش في الأزهر ثلاثة أشهر يخطب في الليل والنهار مرتقيًا المنبر، معلنًا أنه مصري أولًا ومصري ثانيًا ومصري ثالثًا، وأن الوطن لا يعرف مسلمًا ولا قبطيًّا، بل مجاهدون فقط دون تمييز بين عمامة بيضاء وأخرى سوداء، وقدم الدليل للمستمعين إليه بوقفته أمامهم بعمامته السوداء.
استمر «سرجيوس» في الخطابة على المنابر وفي الكنائس والأندية والمحافل وفي الشوارع والميادين، ومن أشهر ما قاله: «إذا كان الإنجليز يتمسكون ببقائهم في مصر بحجة حماية القبط فأقول: ليمت القبط ولتحيا مصر حرة مستقلة.. إن مصر وطن بجناحين هما الهلال والصليب».
صلاة المغرب في الكنيسة
منذ 7 أعوام، أرسل البابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية السابق، دعوة إفطار رمضاني لشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، ولبى الإمام الأكبر دعوة البابا، فزار الكاتدرائية برفقة وفد يضم أعضاء هيئة كبار العلماء ومجمع البحوث.
من بين الحاضرين، كان الدكتور علي عبدالباقي شحاتة، أمين عام مجمع البحوث الإسلامية الأسبق، وكان شاهدًا على واقعة صلاة المغرب داخل الكاتدرائية، قائلًا: إنه في عام 2011، توجه شيخ الأزهر للإفطار، وبعد الأذان، سارع القساوسة بفرش سجاد الكاتدرائية؛ لنصلي فيها بإمامة الإمام الأكبر.
وأكد «شحاتة»، في تصريح لـ«المرجع»، أن البعض أصبح يسخر نفسه للاعتراض على أي شيء، لبيان الاختلاف عن الاتجاه العام للبلد، والتأكيد أنهم أصحاب الدين، ومن يختلف معهم جاهل ولا يفقه شيئًا، مشددًا على أن الصلاة في الكنائس جائزة وليست مخالفة للشرع.
وأضاف أن العلاقة الطيبة بين الأزهر والكنيسة، ليست جديدة علينا، فالتهنئة في أعيادنا وأعيادهم أمور اجتماعية في المقام الأول، مشيرًا إلى أن البعض يريد أن يختلف عن الاتجاه العام، فيفتي بحرمتها، ما يبين جهلهم بالدين، وافتقادهم الوطنية والانتماء لبلدهم.
كما أسهم الحوار بين الأزهر والكنيسة، من خلال مبادرة «بيت العائلة المصرية»، في التأليف بين المسيحيين والمسلمين، وقطع الطريق على من يريدون العبث بالنسيج الوطني الواحد للشعب المصري.