«أردوغان» يَترنّح.. انخفاض الليرة يُبشِّر بانهيار اقتصاد تركيا

السبت 11/أغسطس/2018 - 01:11 م
طباعة «أردوغان» يَترنّح.. باريس / كاترين جابر
 
انهارت، أمس الجمعة، العملة التركية، إذ وصلت لأدنى مستوى في تاريخها، وانخفضت 20% أمام الدولار، في يوم واحد، ما دفع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، للخروج في خطاب طارئ، يحث المواطنين بسرعة التوجه للبنوك التركية واستبدال العملات من اليورو والدولار إلى الليرة التركية؛ لرفع قيمة العملة من خلال زيادة الطلب عليها.


وأشار «أردوغان»، في خطابه، إلى وجود «مؤامرة خارجية» تريد النيل من اقتصاد البلاد، فيما وصل سعر الليرة في فترة وجيزة إلى 6.99 مقابل الدولار الواحد، وهو أدنى مستوى تاريخي لها، فاقدة بذلك بذلك نحو 40% من قيمتها منذ بداية العام.


سوء حوكمة

وترجع الأزمة الاقتصادية في تركيا إلى انفجار دين الشركات التركية، التي اعتمدت على سياسة الاقتراض بالدولار بكثافة شديدة لتحقيق ما أطلق عليه «أردوغان»، «مشروعات التنمية الاقتصادية» بالاعتماد على الاقتراض.


تلك السياسة وضعت الاقتصاد التركي في مهب رياح التغيرات في أسعار الصرف، خاصة أن استيراد تركيا من الموارد يفوق صادراتها بمعدلات كبيرة، ما جعل أنقرة تعاني من عجز كبير في الحساب الجاري، لاعتمادها بشكل كبير على التمويل الأجنبي خاصة من الدولار، وتفاقمت الأزمة الاقتصادية أيضًا، بسبب مشكلات هيكلية في السياسة الاقتصادية لحكومة أردوغان.


وأصبحت البنوك في حالة سيئة، والتضخم المتسارع تسبب في خفض 16% من القوة الشرائية للأسرة، وهو معدل شهر يوليو فقط، وتتولد الآن مخاوف لدى الاتحاد الأوروبي من عدوى انهيار الأسواق المالية، وتأثر البنوك الأوروبية الموجودة في أنقرة، خاصة مع تعنت وتردد الإدارة المركزية في اتخاذ التدابير اللازمة لوقف انهيار الليرة وكبح جماح التضخم.


وفي الوقت الذي تخشى فيه حكومة «أردوغان»، من رفع سعر الفائدة كعلاج مبدئي للأزمة، كما تتردد في فرض ضوابط صارمة على رأس المال؛ لوقف التدفقات النقدية الخارجة من البلاد، مع تشديد السياسات المالية والنقدية، أوضح مراقبون أن النظام التركي متوجس خيفة من أن تتسبب تلك العلاجات المؤلمة في خروج احتجاجات كبيرة ضد «أردوغان»، وارتفاع الأصوات المعارضة للنظام وسياسته الاقتصادية.


وتسارع نزيف الليرة التركية، بالتزامن مع إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عن زيادة حادة في ضرائب استيراد الصلب والألومنيوم التركي تصل إلى الضعف، أي ارتفاع يصل من 25% و10% إلى 50% و20% على التوالي.


والسؤال: لماذا فرض ترامب عقوبات اقتصادية على تركيا؟

أزمات سياسية كبيرة في كواليس الكارثة الاقتصادية، وترجع أسباب الأزمة الدبلوماسية الخطيرة بين أنقرة وواشنطن بالأساس إلى احتجاز القس الأمريكي «أندرو برونسون»، ووضعه تحت الإقامة الجبرية في تركيا.


وتتهم الحكومة التركية «برونسون» -الذي كان يدير كنيسة بروتستانتية في إزمير (مدينة تركية مطلة على بحر إيجه)-، بالتجسس والتخابر مع شبكة فتح الله جولن، وأيضًا لحزب العمال الكردستاني، ما دفع إدارة «ترامب» لفرض عقوبات مباشرة على وزيري العدل والداخلية التركيين، ولكن أنقرة ترفض الإفراج عنه حتى الآن.


فضيحة «بانك»

وتعتبر قضية «هالك بانك»، هي أهم أسباب فرض العقوبات الأمريكية على الاقتصاد التركي، حيث تمت محاكمة 9 أتراك بينهم محمد هاكان أتيلا، نائب المدير السابق للبنك العام التركي «هالك بانك»، أهم البنوك التركية العامة، مع أعضاء سابقين في الحكومة، وثلاثة مديرين تنفيذيين لمدة 32 شهرًا، وفقًا لقرار محكمة بـ«منهاتن»، جميعهم متهمون في قضايا غسيل أموال والتزوير المصرفي وقضايا تنطوي على مليارات الدولارات، وأيضًا التحايل والتخابر مع الحكومة الإيرانية والعمل لصالح الشركات الإيرانية، رغم العقوبات المفروضة على طهران.


وتم تسجيل المعاملات التجارية التركية مع إيران بين عامي 2010 و2015 بتشجيع من حكومة أنقرة، حيث سمحت الأخيرة بتهريب الذهب، وتقاضي رشاوى وتحويل مليارات الدولارات من العملات الأجنبية إلى طهران مقابل الحصول على مواد الهيدروكربونات من إيران، وفقًا لما أعلنته مصادر مطلعة على القضية.


واعترف رجل الأعمال «التركي - الإيراني» رضا ضراب، أنه شارك في قضية غسيل الأموال التابعة لـ«هالك بانك»، وتعاون مع مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف.بي.آي) للوصول للمتهمين في هذه القضية، في الوقت الذي تمت فيه مطالبة البنك باسترجاع مليارات الدولارات.


تنال القضية أيضًا من «بيرات البيرق»، صهر أردوغان، وزير الطاقة والموارد الطبيعية، الذي ترأس شركة «كاليك هولدينج»، الشركة الأم لبنك «أكتيف»، إحدى المؤسسات المعنية بالقضية.

شارك