حماية الكنائس.. فريضة إسلامية غائبة عن «أذناب الإرهاب»

السبت 11/أغسطس/2018 - 04:16 م
طباعة حماية الكنائس.. فريضة دعاء إمام
 
فندت وزارة الأوقاف المصرية وعلماء الأزهر الشريف، مزاعم الجماعات الإرهابية، باستهداف الكنائس ودور العبادة المسيحية، والتى كان آخرها صباح اليوم السبت، بمحاولة انتحاري تفجير نفسه بالقرب من كنيسة «مريم العذراء» بمنطقة مسطرد فى محافظة القليوبية، لكن الحضور الأمني المكثف أفشل مخططه.
ورد الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، على من ينسب الإرهاب للإسلام أو اضطهاد الأقباط، بأن تفسير الآية (لَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)، يبين أن الله عز وجل، ذكر دُور عبادة أهل الديانات السابقة، وهي صوامع الرهبان، وبِيَع النصارى، وصلوات اليهود، ومساجد المسلمين؛ لأنهم أهل كتب سماوية سابقة ويجب حمايتهم، وبالتالى فإن هدم دُور عبادة غير المسلمين والتعرض لها يمثل إكراهًا فى الدين منهي عنه.

وقال في كتابه «حماية الكنائس في الإسلام»: إن أسباب تورط البعض، ممن لا فقه لهم فى العدوان على الكنائس، هى عدم النضج الفقهى بأحكام أهل الكتاب، ولاسيما لدى الجماعات المتطرفة، وعدم وجود منهج معرف ومُلزم بالطريقة المُثلى للبحث عن أحكام أهل الكتاب، والمأمول فى الفتاوى والأحكام الشرعية التي تتعلق بالقضايا الكبرى للدولة أن تشكل فيما بينها آلية للتواصل والتنسيق تحقق التناغم والانسجام، بدلًا من الأحكام والفتاوى المتناقضة التي تثير عوامل الاضطراب.

وتطرَّق الكتاب إلى أن المحافظة على الكنائس مطلب إسلامى يقوم على عدد من أهم مبادئ الإسلام وهو المحافظة على الدين، فجميع الشرائع السماوية بينها قاسم مشترك، يتمثل فى الضرورات الدينية والمبادئ الأخلاقية، كما تتفق تلك الشرائع فى المحافظة على القيم الإنسانية كالوفاء والكرم والصدق والأمانة، وغيرها من القيم التى تقتضي وجوب الحفاظ على تلك الشرائع وعدم المساس بها، أيضًا ذكر الله مطلوب من المسلم وغير المسلم، حتى لو كان لا يؤمن بدين من الأديان.
وفي مبحث آخر من الكتاب، يوضح الدكتور محمد عبدالستار الجبالى، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر (مؤلف الفصل)، موقف الإسلام من ممارسة غير المسلمين شعائر دينهم، فيقول: «لا تُهدم لهم بيعة أو كنيسة ولا يكسر لهم صليب، بناء على القاعدة العامة فى حقوق أهل الذمة (أن لهم ما لنا وعليهم ما علينا) وهذه القواعد جرت على لسان الفقهاء ويؤيدها بعض السلف».

كما نوّه بوصية النبي محمد صلى الله عليه وسلم بالأقباط، حينما قال لأصحابه «إنكم ستفتحون مصر، وهى أرض يُسمى فيها القيراط، فاستوصوا بأهلها خيرًا، فإن لهم ذمة ورحمًا»، كما طبّق عمرو بن العاص هذا التسامح عمليًّا عندما فتح مصر، حيث أطلق الحرية الدينية للأقباط، وردّ البطريرك بنيامين إلى كرسيه بعد تغيبه عنه ما يقرب من ثلاث عشرة سنة، بل إنه أمر باستقباله بكل حفاوة عندما وصل إلى الإسكندرية.
فيما أكد الدكتور عبدالحليم منصور، وكيل كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر فى أحد الفصول، أن الإسلام يحرِّم المساس بدُور العبادة كلها من كنائس وأديرة ومساجد وغير ذلك، فقد كفل حرية الاعتقاد لكل البشر، وعدم جواز إكراه أحد على الدخول فيه، ويدل على ذلك قول الله تعالى «لا إكراه فى الدين»، وقوله أيضًا «أفأنت تُكره الناس حتى يكونوا مؤمنين».
كما قال الدكتور محمد نبيل غنايم، أستاذ الشريعة الإسلامية جامعة القاهرة، إنه ورد الأمر الديني بصيانة الكنائس، وعدم المساس بها والمحافظة عليها، ولفت إلى تعامل النبي مع أهل الكتاب في المدينة، وفي الجزيرة العربية، وفي اليمن، ولم يرو عنه أنه أمر بشىء من الهدم أو العدوان، بل نهى المسلمين الفاتحين عن هدم الصوامع أو قتل الرهبان أو النساء أو الأطفال في أي معركة، وقد سار الخلفاء الراشدون على سنته، فلم يُرو عن أحدهم أنه هدم كنيسة أو أمر بالعدوان عليها.

ويضيف: «أمر الإسلام أمرًا واضحًا بحسن رعاية أهل الكتاب ومعاملتهم، وقرر أن لهم ما لنا وعليهم ما علينا، وأن من آذى ذميًّا فالله ورسوله بريئان منه لأنه قد آذى الله ورسوله، مع لزوم معاملتهم بالعدل والإنصاف».

يُذكر أنه شارك في تقديم الكتاب، كل من الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، ومفتي الجمهورية الدكتور شوقي علام، ومجموعة من أساتذة الفقه والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر.

شارك