الصوفية وإيران.. بين التغلغل الشيعي ومواجهته
الإثنين 13/أغسطس/2018 - 12:32 م
طباعة
علي رجب
بالرغم من أن «الصوفية» هي التوجه الديني الأكثر حضورًا بين المسلمين، لكنها تتهم بنشر التشيع وفي الوقت ذاته تتهم بمناوأته والوقوف كحائط صد ضد توغله، وهي بذلك تُعد جانيًا ومجني عليه، ولعل الخيط الرفيع الذي يُفرق بين التشيع والتصوف، جعل المتشددين السنة يعتبرون الصوفية بابًا لتغلل المذهب الشيعي.
وما بين اتهامات نشر التشيع ومواجهته، تبقي «الصوفية» حالة دينية بذاتها، تشكل جسرًا للتواصل والترابط بين الشيعة والسنة، وكذلك بين المسلمين وغير المسلمين، والذي يمثل فارقًا بين الشيعة والمتصوفة، هو أن أتباع المذهب الشيعي ينتقدون الصوفية لقولهم بـ«الولاية» و«القطب» و«الغوث»، وهو ما يعطل علم الإمامة عند الشيعة.
الطريق القريبة من إيران
هناك العديد من الطرق الصوفية القريبة من النظام الإيراني، والتي يعتبرها البعض بابًا خلفيًا لنشر التشيع، وتغلل إيران في الدول العربية.
والطريقة العزمية من أكثر الطرق الصوفية التي ينظر إليها على أنها مرتبطة بإيران، ولا تخفى علاقة هذه الطريقة بطهران، وزيارات الشيخ أبو العزايم إلى الأراضي الإيرانية متكررة ومستمرة؛ حتى أن الشيخ هو من يساعد الطرق الصوفية الأخرى في حضور مؤتمرات ومناسبات في إيران لتعزيز العلاقات بين المذهبين (الشيعي والسني) .
كما أن الطريقة الطريقة الأحمدية المنتشرة في عدد من الدول العربية وخاصة في الصومال ومصر، كان لها علاقات قوية بإيران، حيث خرج من هذه الطريقة قيادات شيعية من أبرزهم: سالم الصباغ، وعماد قنديل.
وهناك طريقة «السادة التسقيانية»، المنتشرة في مصر، وشيخها أحمد التسقيانى، وله علاقة قوية بالشيخ أبو العزايم، وكذلك الطريقة «المدنية الهاشمية الشاذلية»، والتي كان من مشايخها القيادي الشيعي طاهر الهاشمي.
وفي اليمن يوجد الصوفية الشوافع، الذين فتحت إيران علاقات معهم من أجل البحث عن حضور سياسي جديد على الأراضي اليمنية.
وفي الجزائر توجد أكثر من 30 طريقة صوفية، بعض منها فتح علاقات مباشرة مع إيران، خصوصًا مع تولي القيادي بالحرس الثوري أمير موسوي، الملحق الثقافي بالسفارة الإيرانية بالجزائر.
وتعد «الطريقة البكتاشية»، من الطرق الصوفية التي ينظر إليها على أنها ساهمت في تغلغل التشيع في مصر والعراق وعدة دول عربية، وكذلك في تركيا وآسيا الوسطى.
كما تعد الطريقة التيجانية، والتي لها انتشار واسع في مصر، ودول شمال أفريقيا، واحدة من الطرق التي ساهمت في تغلغل التشيع داخل الدول العربية، ولا أدل على ذلك من أن أحد مشايخ الطريقة وهو «محمد التيجاني السماوي» (أحد أبرز المتصوفة في تونس)، انتقل من التصوف إلى التشيع.
وتأتي الطريقة الرفاعية، التي تنتمي إلى الشيخ أحمد الرفاعي (أحد أهم مشايخ الطرق الصوفية في الوطن العربي والعالم الإسلامي)، كأبرز أبواب نشر التشيع، ويقول محمد فهد الشقفة صاحب كتاب «التصوف بين الحق والخلق»: «لدى تصفحي مواضيع كتاب بوارق الحقائق للرواس، وجدت أنه ينظر لمؤسس الطريقة الرفاعية أحمد الرفاعي، على أنه بمنزلة مباشرة بعد الأئمة الأثنى عشر، حيث يقول الرواس، في هذا الكتاب: إن بعض الأجلاء رأى الرسول عليه الصلاة والسلام في المنام وسأله عن الإمام السيد أحمد الرفاعي ـ رضي الله عنه ـ فقال له عليه الصلاة والسلام: هو ثالث عشر أئمة الهدى من أهل بيتي» .
ومن الطرق التي ينظر إليها على أنها قريبة من التشيع، الطريقة «الكركرية»، ومقرها في مدينة العروي بالمغرب، وتتهم هذه الطريقة بأنها ذات توجه ومنهج شيعي.
وهناك أيضا الطريقة «الأحمدية»، وقد وجهت إليها تهم نشر التشيع في مصر عبر توزيع كتاب:«أوراد الآمدي للوصول للبقاء السرمدي»
وتواصلت إيران بشكل رسمي وغير رسمي مع العديد من الطرق الصوفية في غرب أفريقيا، ومن أشهرها: التجانية، والمريدية، فأتباع هذه الطرق يقدرون بالملايين، ولا تلعب قيادات هذه الطرق دورًا كبيرًا في الشؤون الدينية فقط، بل يوازي ذلك أدوار اقتصادية وثقافية وسياسية.
وعلي الجانب الآخر؛ فإذا كانت هناك العديد من الطرق الصوفية مقربة من إيران بطريقة أو بأخرى، وينظر اليها على أنها الباب الخلفي لنشر التشيع وتغلغل النظام الإيراني في المنطقة، فهناك دول أخرى تنظر إليها على أنها لعبت دورًا فعالًا وقيّمًا في مواجهة التشيع ومخططات إيران للتغلغل داخل الدول العربية.
وتُعد الطريقة البرهاميّة الشهاويّة، المنتشرة في مصر، هي إحدى أهم الطرق التي واجهت مخططات نشر التشيع والتغلغل الإيراني، ويقود الطريقة الشيخ محمد الشهاوي، والذي له آراء قوية في مواجهة التشيع.
وحذر «الشهاوي» مما وصفه بـ«الاختراق الشيعي لأهل التصوف»، كما جدد التأكيد على، أن «أهل التصوف في مصر، لن يسمحوا لمن يسبون أمهات المؤمنين والصحابة رضي الله عنهم، بنشر هذا المنهج بين صفوف المصريين، بما يمس بعقيدة أهل السنة والجماعة في مصر»
وهناك أيضًا، الطريقة الشرنوبية، وشيخها محمد عبد المجيد الشرنوبي، والذي اتهم الطريقة العزمية بنشر التشيع.
وكذلك الطريقة القادرية، المنتشرة في الجزائر وعدد من الدول العربية، وهي من الطرق التي تقف ضد التغلغل الشيعي وتدعم التصوف في مواجهة التشيع وأيضًا التشدد والتطرف السني.
وكذلك الطريقة المغازية، والتي عملت على مواجهة التشيع والأفكار والممارسات التي لصقت بالطرق الصوفية.
وهناك العديد من الطريق الصوفية التي تنأي عن نفسها الدخول في شبهة نشر التشيع، بل تعمل على تأصيل منهجها الصوفي، عن طريق التزام أتباعها بهذا المنهج بعيدًا عن صراع الشيعة، ومتطرفي السنة.