تحريف القرآن والأحاديث.. منهج «الإخوان» لشرعنة العنف
الأربعاء 15/أغسطس/2018 - 06:26 م
طباعة
دعاء إمام
في مواضع كُثّر، عمدت قيادات جماعة الإخوان إلى تأويل الكَلِم غير تأويله الصحيح؛ ما أدى إلى طمس المدلول الحق للكلمات في مفاهيمنا، واستبدالها بالمدلول الخاطئ.
فبدوره اختلق القيادي الإخواني وجدي غنيم، سندًا ومرجعًا من القرآن لعلامة «رابعة» التي رفعها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عام 2013.
وردّ «غنيم» علامة الأصابع الأربع، التي اتخذها الإخوان شعارًا لهم، إلى الآية القرآنية رقم 195 من سورة آل عمران: (الَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ)؛ رغبة منه في إضفاء قداسة على المشاركين في اعتصام الإخوان المسلح، عقب سقوط حكم الجماعة بثورة 30 يونيو 2013.
وقال القيادي الإخواني، في مقطع منشور بتاريخ مايو 2015: «الذين هاجروا، إحنا هاجرنا، إيه اللي مقعدنا في إسطنبول وسايبين بلدنا، كُتبت لنا هجرة.. وأخرجوا من ديارهم، إحنا سايبين بيوتنا وعربياتنا، وأوذوا في سبيلي، أذينا الحمد لله، واتسجنا وجينا هنا».
واستطرد: «كدة 3 وشعار، والرابعة هي «قاتلوا وقتلوا»، معناها إنت داخل تقاتل، فبتقتل وبعدين حد يتقلك، أومال هاندخل الجنة إزاي؟»، واستند «غنيم» في شرعنة العمليات الانتحارية إلى «وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ»، أنها في قراءة «خلاد عن حمزة» تقرأ «وَقُتِلُواْ وَقَاتَلُواْ»، قائلًا: «حد يجيبلي أي تفسير تاني ليها غير العمليات الاستشهادية؛ إن الواحد بيكون لابس حزام ناسف ينفجر فيه فيقتله، ومن ثم يُقتل من حوله».
في موضع آخر، أورد حسن البنّا، مؤسس جماعة الإخوان، في سيرته الذاتية المعنونة بـ«مذكرات الدعوة والداعية»، موقف أطلق عليه «معاكسات»، تمحور حول رجل تبرع للإخوان بقطعة أرض، ثم طلب استرداد أوراق المكاتبة.
فقال «البنّا»: «دعوة الحق في كل زمان ومكان لابد أن تجد لها من المعارضين والمناوئين من يقف في طريقها، ويعمل على معاكساتها وإحباطها، ولكن النصر لها في النهاية، سنة الله «فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلا»، «وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ ۗ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا».
تحريف القرآن والأحاديث..
وعلّق حلمي النمنم، وزير الثقافة المصري السابق (2015-2018)، على تلك الواقعة في كتابه «حسن البنا الذي لا يعرفه أحد»، الصادر في يونيو 2011، قائلًا: «الاستشهادات القرآنية التي استشهد بها المرشد المؤسس في واقعة سحب المتبرع تبرعه، تعني أنه يضع نفسه في مصاف الأنبياء الذين نزل فيهم قول الله تعالى في الآيات السابقة، وأن الذين يعترضون على دعوته وجماعته هم من المجرمين والشياطين».
ووصف «النمنم»، ما فعله المرشد، بأنه استسهال بالغ؛ فلا «البنّا» في مكانة الأنبياء، ولا خصومه من الشياطين، مشددًا على أن القياس والاستشهاد خاطئ تمامًا، وخطورة هذا الخطاب أنه انزلق منه إلى أتباعه وإلى غيرهم، فصارت آيات القرآن تُستعمل في غير سياقها، ويضفي البعض على نفسه هالة من القداسة، ويتم شيطنة المخالفين لهم ومن ثم تكفيرهم.
ونقل وزير الثقافة عن حسن الباقوري (نائب مرشد الجماعة) من الرعيل الأول، شهادته عن النظام الخاص (تنظيم سري عسكري أسسه البنّا 1940)، إذ انتقد «الباقوري» استباحة الدماء المعصومة في شريعة الله، قائلًا: «لو وقف الأمر عند ذلك لكان أمرًا ميسورًا احتماله، مقدور على التماس وجه له يسوغ المسار إليه، ولكنه تعدى ذلك إلى ما يجافي الحق ويقود إلى أسوأ سيئات التأويل».
وأردف: «ذلك أن يقول قائل: إن رسول الله أمر بالاغتيال ثم يستشهد لقوله هذا بمقتل كعب بن الأشرف (شاعر كتب قصيدة هجاء في النبي، فقيل أنه أمر بقطع رأسه)، فإذا هو على ذلك يتغاضى عن حقائق لا نُدحة للمسلم عند النظر إليها، والإيمان بها في هذا المقام، وأولى هذه الحقائق أن ثمة فرقًا بين رسول الله المعصوم من الهوى وغيره من الذين تصرفهم الأهواء، ولا تحوطهم عناية الله كما تحوط رسوله».
من جانبه، أكد الباحث في شؤون الحركات الاسلامية، ثروت الخرباوي (قيادي إخواني انشق عن الجماعة عام 2002)، أن الإخوان وجماعات الإسلام الحركي تتبع طريقة تأويل نمطية تؤدي إلى ارتكاب مخالفات دينية، وتستند إلى أحاديث ضعيفة تتعارض مع ما جاء به القرآن الكريم.
وأضاف «الخرباوي»، في تصريح لـ«المرجع»، أن علم الحديث يحتاج إلى إعادة ترتيب وجدولة؛ حتى لا تتخذ الجماعات من مفاهيم الجزية والخلافة وأحكام الردة سندًا للتنكيل بخصومهم.