«تصوف المساجين».. حينما ينتصر الحب الإلهي على غلو التكفيريين
الأربعاء 15/أغسطس/2018 - 06:54 م
طباعة
دعاء إمام
يستعين قطاع مصلحة السجون- من حين لآخر- بعدد من علماء الأزهر الشريف؛ لإلقاء محاضرات، وعقد ندوات دينية للنزلاء، خاصة المتورطين في جرائم إرهابية، والمسجونين على خلفية انضمامهم لجماعات متطرفة.
وتهدف وزارة الداخلية المصرية- من وراء ذلك- إلى وضع استراتيجية لدمج نزلاء السجون بالمجتمع؛ ليكونوا أفرادًا صالحين ومؤهلين بالاندماج في فئات المجتمع كافة «اجتماعيًّا، ودينيًّا، وثقافيًّا، ومهنيًّا»، وتوثيق أواصر الصلة بينهم وبين المجتمع الخارجي، والتنسيق مع المؤسسات المختصة لعقد ندوات دينية، يتلخص دورها في تصحيح المفاهيم المغلوطة.
عن وقع تلك الندوات الدينية وأثرها على مسجوني الجماعات، يقول الدكتور علي عبدالباقي شحاتة، أمين عام مجمع البحوث الإسلامية الأسبق: إن أفضل المذاهب لعلاج الأفكار الهدامة في عقول المتشددين وانتزاع مشاعر الكراهية من قلوبهم تجاه المجتمع، هو نشر التصوف الصحيح داخل السجون.
وأوضح لـ«المرجع» أن أساتذة الأزهر قاموا بهذا الدور منذ فترة حكم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، وحضروا في السجون بصحبة رئيس قطاع الإذاعة، حلمي مصطفى البلك، حين تمت الاستعانة بهم للإجابة على تساؤلات السجناء من الجماعات التكفيرية، خلال برنامج «ندوة للرأي».
واقترح إعادة إنتاج برامج تشبه محتوى «ندوة للرأي»، يتمكن خلالها علماء الأزهر، من عرض رؤى عن التصوف المعتدل وأثره، لاسيما أن التصوف لم يكن يومًا وجهًا للإرهاب، ولم يتورط المتصوفة في حمل أفكار عدائية للمجتمع، بل يشغلهم الحب الإلهي عن البغض والتشدد.
وتابع: «كثيرون تراجعوا عن أفكارهم المتشددة، مثل ناجح إبراهيم؛ بسبب استفادتهم من البرنامج، ومن آراء الأزاهرة، الذين بينوا لهم وسطية الدين، وبعده عن الغلو»، مشددًا على ضرورة أن تكون تلك الندوات واقعية، تترك فيها مساحة لأسئلة السجناء، ومعرفة ما يدور داخلهم، ويجيبهم الأساتذة؛ ما يُسهم في استجابتهم وتفاعلهم، وربما تراجعهم عمّا يعتنقون من أفكار.
ولفت «شحاتة» إلى أن نشر خطاب التصوف داخل السجون ربما يكن بديلًا للمراجعات الفكرية، التي قامت بها الجماعة الإسلامية في التسعينيات؛ وتسببت في توبة بعضهم، وآخرون عادوا إلى العنف من بعد ما نبذوه.
كما سبق أن تحدث اللواء فؤاد علّام، عضو المجلس القومي لمكافحة الإرهاب، عن أهمية حوار فقهي، ديني، سياسي، مع أصحاب الفكر التكفيري في السجون، مشيرًا إلى أن وزارة الداخلية نظمت من قبل ما سُمي بـ«القوافل الدينية»، بمشاركة الوزير محمد علي محجوب، وزير الأوقاف الأسبق.
وقال في حواره المنشور بجريدة الأهرام، بتاريخ 22 نوفمبر 2013: إن الأوقاف خصصت مجموعات من الدعاة والعلماء؛ للرد على تلك الأفكار بشكل علمي سليم كل حسب تخصصه، كما تبنت برنامج ندوة للرأي، لعمل حوارات مع المتشددين، داخل السجون وخارجها، وبعد فترة طلب التكفيريين المشاركة في تلك الحوارات.
وضرب مثلًا بعمليات استهداف السياح في مصر؛ إذ كان الإرهابيون يعتقدون أن السياح كفار، يأتون إلى مصر لتدنيس الأرض الإسلامية، وإشاعة الفساد؛ ما يستوجب قتلهم، لكن الحوارات معهم أسفرت عن الفهم الصحيح للإسلام، وإن أيًّا من هؤلاء السياح عندما يحصل على تأشيرة دخول لمصر، فإن هذه التأشيرة تفسيرها في الإسلام أنها عقد سلام بين الدولة وهذا الأجنبي، ومن هنا تتحمل الدولة الإسلامية مسؤولية تأمينه، وعندما اتضحت هذه القضية بالأدلة الشرعية كلهم تراجعوا عن هذه الفكرة.