«لندنستان».. بريطانيا تنكوي بين «داعش» و«الإخوان»
الخميس 16/أغسطس/2018 - 07:27 م
طباعة
نهلة عبدالمنعم
تُواجه بريطانيا العديد من التحديات والإشكاليات المتعلقة بملف الإرهاب، وإضافة إلى جهودها الصارمة في التصدي للعائدين من صفوف تنظيم داعش الإرهابي، تُجابه المملكة تمدد الجماعات المشبوهة على أرضها، وأبرزها جماعة الإخوان (أسسها حسن البنّا في مصر عام 1928)، وذلك إلى جانب الضربات الإرهابية التي تنتابها من آنٍ لآخر.
ولعل آخرها ما حدث في 14 أغسطس الحالي، عندما دهس المهاجر السوداني، «صالح خاطر»، عددًا من راكبي الدراجات أمام البرلمان البريطاني بحي وستمنستر، قبل أن تعتقله قوات الأمن.
إرهاب داعشي
رغم عدم تبني الحادث من قِبَل أي جماعة إرهابية، فإن تنظيم داعش لم يفوت الفرصة لاستغلاله، فبعد يومين من وقوع الجريمة توالت منشورات التنظيم لحث العناصر على استهداف بريطانيا.
وكان منها منشور يتضمن صورة لسيارات دفع رباعي من نوع المركبة التي استخدمها صالح في الهجوم، ويأمر التنظيم فيها عناصره باستخدام هذه الفئة من السيارات؛ لأن مقدمتها قوية؛ ما يؤدي إلى إسقاط أكبر عدد من الضحايا.
للمزيد: منفذ حادث الدهس بـ«وستمنستر» بريطاني من أصل سوداني
وبينما تذكر بعض التقارير والشهادات التي أدلى بها أصدقاء «خاطر»، أنه شخص هادئ ومسالم، لكنه يعاني من نوبات هلع، تحتوي منشورات «داعش» على ثناء ضمني لما قام به «خاطر»، بل تشدد على عناصرها بتقليد الحادث، واستهداف ساحة «بج بن» الشهيرة، والأماكن المكتظة بالمملكة المتحدة.
وتعي السلطات بشكل كبير تلك المخاطر؛ ما دفع رئيسة الوزراء، تيريزا ماي، إلى التعليق على الأحداث الأخيرة، مشيرة إلى أن المملكة المتحدة والمجتمع الإنساني لا يمكن أن ينقسم جراء تلك التهديدات، كما أن وزير الداخلية، «ساجد جافيد»، يرفع من الإجراءات الأمنية لمواجهة ارتفاع العمليات الإرهابية.
توغل الإخوان
مع كل عملية إرهابية يتصاعد الحديث دائمًا عن التوغل الإخواني بأراضي المملكة المتحدة، إلى جانب الجمعيات والمنظمات الخيرية التابعة للتنظيم الدولي، والتي تستخدم لتمويل التطرف.
فالفترة الأخيرة التي أعقبت الحادث الإرهابي شهدت الصحافة البريطانية جدالًا واسعًا عن حقيقة التنظيم، بل وامتدت إلى كشف بعض الشخصيات السياسية التي تدعمه وتدافع عنه.
وكان أبرزهم النائب العمالي «جيرمي كوربين»، الذي أثار ضجة واسعة بعد انتشار صورة له وهو يرفع شعار رابعة، مع أحد الموجودين بمسجد فينسبري في أثناء زيارته إلى هناك.
وقادت تلك الصورة صحفيي بريطانيا إلى البحث حول النائب الذي وجد أنه قد سافر إلى تونس، وأقام في فندق خمسة نجوم تصل تكلفة الإقامة فيه لليلة واحدة إلى 1000 جنيه إسترليني، دون أن يشير إلى الرحلة في سجل نفقاته، كما هو معتاد في المملكة المتحدة، كما أن تلك الإقامة تضمنت لقاءات مع عناصر للجماعة.
وفي حين تتزايد المطالبات بحظر جماعة الإخوان في المملكة المتحدة، ومصادرة ممتلكاتها، يؤكد السفير البريطاني بمصر، «جون كاسن»، أن المملكة المتحدة هي أكثر الدول حدة وصرامة في التعامل مع الجماعة التي تم إعلانها إرهابية في بعض دول الشرق الأوسط.
وجاءت كلمات السفير، ردًّا على سؤال أرسله أحد الأشخاص على صفحته بموقع التغريدات القصيرة «تويتر»، عن علاقة بريطانيا الوطيدة بتنظيم الإخوان وإفساحها المجال أمام الشركات الاقتصادية والإعلامية للتنظيم.
وتذكر دراسة أصدرها معهد هدسون بعنوان: «التوغل الإخواني في المملكة المتحدة»، أن التنظيم الدولي ببريطانيا يعتمد على المؤسسات المدنية والخيرية التي يؤسسها كستار له من دون الإعلان صراحةً عن نفسه، وذلك في إشارة إلى قوة المبادرة الإسلامية البريطانية التي أسسها المتحدث السابق باسم الجماعة، كمال الهلباوي في عام 1996.
كما تؤكد الورقة البحثية أن العاصمة تستحق لقب «لندنستان» الذي أطلق عليها كنتيجة لانتشار الجماعة وأيديولوجيتها المتطرفة داخل المجتمع.