ألمانيا تسعى للحدِّ من التشدد بترحيل الإرهابيين إلى بلادهم
الخميس 16/أغسطس/2018 - 07:35 م
طباعة
أحمد لملوم
تتبنى الحكومة الألمانية، تحت قيادة المستشارة أنجيلا ميركل، سياسة صارمة في التعامل مع المتشددين والإرهابيين، ويُعدُّ ترحيل الحارس الشخصي لـ«أسامة بن لادن» (زعيم تنظيم القاعدة السابق) لوطنه الأم «تونس»، بعد توقيفه، من أكثر الحالات التي أثارت ضجة إعلامية في ألمانيا.
وكان التونسي «سامي العيدوي»، البالغ من العمر 42 عامًا، يُقيم في ألمانيا لأكثر من 20 عامًا، ويعيش في مدينة بوخوم الألمانية منذ عام 2005، بعدما رُفض طلب اللجوء الخاص به، وفي أبريل 2018، صنفته السلطات المحلية في ولاية «رينانيا - فيستفاليا الشمالية» أنه شخص خطير ويُمثل تهديدًا على الأمن.
واستطاع «العيدوي» البقاء في ألمانيا هذه المدة الطويلة، رغم رفض السلطات طلب لجوئه، مستغلًا -كبقية المتشددين- الإجراءات القضائية المعقدة والطويلة التي تمرُّ بها عمليات ترحيل اللاجئين المرفوضة طلباتهم في ألمانيا، إضافة إلى ادعائهم بأنهم سوف يتعرضون للتعذيب والانتهاكات في حالة عودتهم لبلادهم.
وتختص المادة الـ16 من الدستور الألماني بحقوق مقدمي طلبات اللجوء، وتنص على: «ضرورة توفير الحماية لكل من قد يتعرض لمعاملة مهينة أو غير إنسانية في حالة عودته لوطنه».
وكان قضاة ينظرون قضية لخلية إرهابية بمدينة مونستر الألمانية، عام 2015، قد عثروا على أدلة تفيد بأن «العيدوي» تلقى تدريبات في معسكر للقاعدة في أفغانستان، العامين 1999 و2000، وبأنه من فريق الحراس الشخصيين لـ«بن لادن».
ليس مفاجئًا التوجه الجديد الذي تتبعه حكومة ميركل، خاصة أن حزبها -حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي- كان على وشك خسارة الانتخابات البرلمانية الأخيرة لصالح حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف، والذي استغل تزايد نشاط المتشددين وأزمة اللاجئين السوريين لحشد أصوات الناخبين، ما مكنه من الحصول على المركز الثالث في عدد المقاعد بالبرلمان، الأمر الذي جعله يصبح القوى المعارضة الرئيسية في البلاد.
وفي سياق متصل، تم ترحيل مواطن تونسي آخر هذا الأسبوع، بعدما قامت إدارة مدينة آخن في ولاية شمال الراين - ويستفاليا، بإصدار أمر بطرده خارج البلاد، لكونه خطرًا على النظام العام، لتعاونه مع تنظيم «داعش».
وكان الشخص تونسي الجنسية قد حُكم عليه بالسجن 5 سنوات ونصف بتهمة دعم تنظيم «داعش»، عام 2014، وبعد قضاء مدة العقوبة، تم ترحيله مباشرة من سجنه في مدينة دورتموند إلى مطار فرانكفورت، ومن ثم بالطائرة إلى تونس، برفقة رجال من الشرطة الاتحادية.
ورفضت المحكمة الإدارية في مدينة آخن، في يوليو 2018، طلبًا عاجلًا تقدم به محاميه لإيقاف ترحيله، لكن قضاة المحكمة قالوا: إن هناك مصلحة عامة وبالغة في ترحيله، لوجود خطر في أن يكرر جرائمه في ألمانيا عقب إطلاق سراحه، مشيرة إلى أن المدان حاول حتى خلال فترة قضاء عقوبته في السجن دفع سجناء آخرين لتبني أفكار تنظيم «داعش» المتطرفة.
ومن المتوقع أن ترحل السلطات الألمانية «منير المتصدق»، الذي أدين بتهمة مساعدة الخلية الإرهابية التي نفذت هجمات 11 سبتمبر في نيويورك وواشنطن، يوم 15 أكتوبر المقبل.
وقالت المتحدثة باسم الادعاء الاتحادي الألماني، في تصريح لإذاعة «دويتشه فيله»: إن «المتصدق» تقرر إطلاق سراحه مبكرًا قبل نهاية فترة سجنه في نوفمبر المقبل، وترحيله مباشرة إلى وطنه المغرب عبر مطار هامبورج.
و«المتصدق» هو أول المدانين بالمشاركة في هجمات سبتمبر 2001، وحكم عليه بالسجن لمدة 15 عامًا، بعد ثبوت أنه كان عضوًا في خلية «القاعدة»، في مدينة هامبورج، وكانت لديه اتصالات مكثفة مع المختطفين الـ19 للطائرات التي نفذت الهجوم الإرهابي، الذي أسفر عن مقتل أكثر من ثلاثة آلاف شخص.
وسكن «المتصدق» في الشارع نفسه الذي كان يسكن فيه محمد عطا، وهو المنفذ الرئيسي للعملية الإرهابية، وكان على صلة بمشتبه به آخر هو «مروان الشحي»، الذي يعتقد أنه قاد الطائرة الثانية، التي ضربت البرج الثاني لمبنى مركز التجارة العالمي في نيويورك، بعد قيادة «عطا» للهجوم على البرج الأول.