«الفوضى والحروب الأهلية».. طريق «داعش» لاختراق الصومال
الجمعة 17/أغسطس/2018 - 09:29 ص
طباعة
أحمد لملوم
في التاسع والعشرين من شهر يونيو 2014 ومن فوق مئذنة جامع النوري الكبير بمدينة الموصل العراقية، أطل أبوبكر البغدادي زعيم تنظيم داعش الإرهابي على العالم ليعلن إقامة الخلافة المزعومة، في لحظة انتظرتها الجماعات الإرهابية حول العالم كثيرًا.
وما بين مد الانتصارات الخاطفة المزيفة التى حققها التنظيم، وجز الهزائم المتلاحقة التى كبدته خسائر فادحة سواء بشرية أو مالية أو حتى على مستوى الأراضي التي استعيدت منه وردت لأصحابها، عاش التنظيم متخبطًا ومترنحًا، يغير استراتيجياته ويبحث عن عناصر جديدة يجندها في صفوفه، ويدرس أماكن ومناطق جديدة تصل إليها أذرعه الدموية الخبيثة لمجرد أن يعود لبؤرة الاهتمام مرة أخرى.
وفي أفريقيا توجهت أنظار التنظيم لعدة دول تعاني من هشاشة مؤسساتها، وتطحنها ضراوة الاضطرابات الداخلية وتمزقها صراعات الفوضى والانفلات الأمني، ومن تلك الدول كان الصومال هدفًا استراتيجيًّا للتنظيم الدموي، فالصومال متورط في حرب أهلية منذ عام 1991، عندما أطاحت جماعات مسلحة بالديكتاتور سياد بري، وما إن أطيح بالديكتاتور حتى تحول المنتصرون إلى شراذم وفرق ترفع السلاح في وجه بعضها بعضًا، للاستحواذ على السلطة، هذه الفوضى أتاحت ظرفًا مثاليًّا لتأسيس حركة الشباب الإرهابية المرتبطة بتنظيم القاعدة في عام 2004.
وكان أول ظهور لتنظيم داعش في الصومال عقب اغتيال أحمد عبدي غوداني (الزعيم الروحي لحركة الشباب) في غارة جوية أمريكيَّة في سبتمبر 2014.
أسهم رحيل «غوداني» تزامنًا مع تراجع نفوذ الحركة الإرهابية أمام القوات الحكومية والأفريقية في حدوث الانشقاقات داخل حركة الشباب لصالح تنظيم داعش، من رأس إدارة الحركة حتى القياديين الميدانيين، فقد أعلن القيادي عبدالقادر مؤمن هو وعشرات المنشقين من حركة الشباب مبايعتهم للبغدادي زعيم تنظيم داعش.
وصعد تنظيم داعش الإرهابي من هجماته في الصومال في الأشهر الأخيرة، وكان أكبر هذه العمليات قد وقعت أواخر الشهر الماضي (يوليو 2018)، عندما فجر انتحاري من عناصر التنظيم نفسه، ما أسفر عن مقتل 14 من قوات الأمن في منطقة شبيلي السفلى جنوب البلاد.
وفي تقرير نشره قسم المتابعة في هيئة الإذاعة البريطانية اليوم الخميس 16 أغسطس 2018، رصدت الهيئة أن التنظيم شن 39 هجمة استهدفت قوات الأمن الصومالية، كان أغلبها ينفذه انتحاريون منذ بداية العام حتى الآن.
وبلغ عدد الهجمات التي نفذها التنظيم الإرهابي في شهري يونيو ويوليو 2018 نحو 27 هجمة، ما يشير إلى ارتفاع حاد في وتيرة تنفيذ العمليات الإرهابية مقارنة بالشهور السابقة؛ حيث إن مجمل عمليات التنظيم خلال عام 2017 بالكامل، لم يتجاوز 21 هجومًا.
كما قام مسلحو تنظيم داعش بالتوجه- بشكل ملحوظ- من المناطق الشمالية الشرقية إلى الأجزاء الجنوبية في الصومال، مع تنفيذ المزيد من الهجمات في العاصمة مقديشو، فمن بين الهجمات الـ39 التي نفذت العام الجاري، نفذت 23 عملية منها في مقديشو، تحديدًا في منطقة سوق باكارا، والذي يقع في قلب العاصمة، ويعد واحدًا من أكبر الأسواق التجارية وأكثرها ازدحامًا في الصومال.
وفي مايو 2018 اتضحت النوايا الداعشية تجاه العاصمة الصومالية بوضوح، ﻭﻫو تحولٌ كبيرٌ في استراتيجية تنظيم داعش، ما يعد مؤشرًا بالغ الدلالة على دخول الصومال مرحلة جديدة من الفوضى والدمار حسبما يرى مراقبون متخصصون في الشأن الصومالي.