بسبب ضغط تركيا وقصف النظام.. «تحرير الشام» تحل مجالس الشورى
الأحد 19/أغسطس/2018 - 08:41 ص
طباعة
نورا بنداري - آية عز
حلت ما تُعرف بـ«هيئة تحرير الشام» خلال الساعات السابقة جميع مجالس الشورى التابعة لها في ريف حماة الشمالي، وفوضت المجالس المحلية المدنية بإدارة المناطق السورية الشمالية بدلًا من مجالس الشورى، لتكون هي السلطة الوحيدة والقضائية في الشمال السوري، وجاء ذلك خلال بيان أصدرته الهيئة عبر أحد المنابر الإعلامية التابعة لها، وخوّل البيان القيادي في الهيئة «أبو رضوان الخطابي»، لمتابعة القرار حتى تنفيذه.
وبالنظر تجاه هذا القرار، نجد أنه أمرٌ إداري جاء بسبب التعارض بين عمل مجالس الشورى والمجالس المحلية في بلدات المنطقة، كما تعتبر هذه الخطوة بادرة في سياسة الهيئة، التي تلاقي انتقادات في بعض مناطق سيطرتها الممتدة بين ريف حماة ومحافظة إدلب، ويطالب المدنيون بتسليم السلطات لهيئات مدنية وإبعاد الحكم العسكري.
سبب القرار
تُشكل مجالس شورى الهيئة عقبة أمام عمل المجالس المحلية، وتمثل سلطة عليا تتحكم في تشكيلة المجالس وقراراتها، وغالبًا ما يتم اختيار أعضاء المجالس المحلية تبعًا لولائهم وقربهم من مجلس الشورى، كما لحق الضرر بالعديد من المدن والبلدات التي تحكمها مجالس الشورى؛ بسبب رفض الجمعيات والمنظمات التي تمول المشاريع الخدمية في كثير من الأحيان العمل في ظل هيمنتها الفعلية وتغييب دور المجالس المحلية.
إضافة إلى أن مجالس الشورى تحكمت في معظم موارد المدن والبلدات التي تحكمها، والقطاعات الخدمية، وبيدها حل المشاجرات والخلافات الأهلية، وقد استخدمتها «الهيئة»؛ لفرض سيطرتها وتوسيع نفوذها في المنطقة، من خلال تعيين الموالين لها في مفاصل العمل المدني والإنساني.
لذلك فإنه خلال الأيام القليلة الماضية، علقت عدد من مجالس شورى الهيئة جنوبي إدلب عملها فعليًّا، وبعضها حُل بشكل كامل، وتوقف عن العمل حتى ما قبل صدور قرار الهيئة، في (خان شيخون والهبيط ومورك والتح).
كما أن حكومة الإنقاذ الوطنية المعارضة التي تعد بمثابة الذراع المدنية في الشمال السوري؛ تحاول فرض سيطرتها على المنشآت، والمجالس المحلية، والتحكم في المحروقات، وفرض الضرائب على الأسواق، والمحلات التجارية.
ضغط تركي وقصف النظام
يرجح بعض المراقبين، أن قرار حل الهيئة لمجالس الشورى جاء بضغط تركي، وشعبي في مناطق جنوبي إدلب، حيث إن مصير إدلب يتوقف على موقف أنقرة، وقدرتها على توسيع سيطرتها في شمال غرب سوريا، عبر تقليص نفوذ هيئة «تحرير الشام» التي تسيطر على نحو 60% من إدلب الحدودية مع تركيا.
ويرتبط مصير إدلب بالشروط الثلاثة التي نوقشت بين الضباط الأتراك، وممثلين عن هيئة «تحرير الشام»؛ حيث تم وضع الهيئة أمام خيارين إما أن تحل نفسها، وتنضم لمن يريد الانضمام من عناصرها بسلاحه لفصائل المعارضة مع إمكانية الخيار بين الفصائل، والثاني خروج الهيئة من كل الشمال السوري، وحصر وجودها في الساحل فقط.
كما يتزامن توقيت القرار مع القصف المدفعي والصاروخي المستمر الذي يتعرض له ريف حماة الشمالي من قبل قوات النظام السوري التي تعمل على استهداف تجمعات «جبهة النصرة» (المنحلة والمنضوية في هيئة تحرير الشام ).
إضافة إلى أن توقيت القرار يرجع إلى وصول تعزيزات عسكرية إلى المنطقة؛ حيث تولت الشرطة الروسية قبل أيام، إدارة معبر «مورك» في ريف حماة الشمالي بدلًا عن النظام السوري، بالتزامن مع وصول تعزيزات للأخير إلى المنطقة.
لذلك فإن هذا القرار قد يتكرر في مناطق أخرى تسيطر عليها مجالس شورى الهيئة، في ريف حلب الجنوبي، وريف إدلب، حيث إن هذا القرار يعد محاولة متأخرة من قبل الهيئة لكسب الشارع من خلال الانسحاب من الإدارات المدنية لصالح المجالس المحلية والهيئات والمؤسسات الأهلية، إلا أنه في الأساس يرجع إلى طبيعة الضغوط التي تواجهها الهيئة، التي تحاول قدر المستطاع الالتفاف عليها بما يخدم بقاءها.
وما تعرف بـ«هيئة تحرير الشام»، «جبهة النصرة» سابقًا، هو تحالف سوري مُسلح، تندرج تحته عدة فصائل مسلحة، أعلنت عن اندماجها تحت هذا المسمى في 28 يناير2017، ويعتبر هذا الفصيل إحدى الفصائل الإرهابية المنفصلة عن تنظيم «القاعدة» في سوريا في 2016، هو كبرى الفصائل في سوريا، ويسيطر منذ نهاية العام الماضي، على الشمال السوري، لذلك في 31 مايو 2018، أدرجت الولايات المتحدة الأمريكية، الهيئة على قوائمها للمنظمات الإرهابية.
وتحاول «هيئة تحرير الشام» إحكام سيطرتها على الشمال السوري، ببعض الإجراءات، منها تدشين جهاز أمني معني بالقبض على المعارضين، وحكومة موازية تُسيّر أمور الأهالي، كما تعمل الهيئة على القيام بأنشطة مدنية يستدل منها على أنها فصيل معارض يُلام النظام السوري إذا ما تعرض له.