بعد الدفاع مجددًا عن الجماعة.. «الإخوان والقاعدة» تاريخ من التقارب الدموي
الأحد 19/أغسطس/2018 - 08:46 ص
طباعة
عبدالهادي ربيع
بثت مؤسسة «السحاب» الإعلاميَّة (أحد الأذرع الإعلاميَّة لتنظيم القاعدة)، مساء السبت، إصدارًا مرئيًّا جديدًا لـ«حسام عبدالرؤوف»، أحد أبرز قياداتها المقربين من زعيمها أيمن الظواهري، تهاجم فيه الدول العربية والإسلامية، محرضة ضد الجيش المصري، لرفضه المصالحة المصالحة مع جماعة الإخوان.
وكشف الإصدار-مدته 80 دقيقة- عن توافق التنظيم الإرهابي مع جماعة الإخوان، خاصة في ظل الإطار العام الذي ينتهجه التنظيم من تحريض «الإخوان» على الدولة المصرية، التي كان آخرها ظهور زعيم «القاعدة»، أيمن الظواهري، موجهًا نداءً إلى أعضاء الجماعة لمواصلة عملياتهم الإرهابية في مصر، والعمل تحت مظلة التنظيم.
وتمتد العلاقة التاريخيَّة بين تنظيم القاعدة وجماعة الإخوان واقعيًّا وفكريًّا منذ سبعينيات القرن الماضي، فلم تكن الجماعات الإسلامويَّة تعرف الفصل الحاسم بين التنظيمات والأفكار، وكان غالبية من أسسوا لتنظيم القاعدة أعضاء سابقين في جماعة الإخوان، ومتأثرين بكتابات رموزها ومفكريها، مثل «سيد قطب»، وأبرز هؤلاء «أيمن الظواهري، أسامة بن لادن وعبدالله عزام» وغيرهم، وهو ما اعترف به «بن لادن» نفسه في الوثائق (مذكرات بن لادن) التي عثر عليها في مقر مقتله، التي يقول فيها: إن أول مرة فكر فيها بالجهاد كانت خلال المرحلة الثانوية، وبأنه لم يكن هناك أي جهة ترشده كما يفعل «الإخوان».
ويتفق «القاعدة» مع «الإخوان» في الهدف الذي ظهر منذ 1987، واستخدم في شعارها الانتخابي عام 2005، «الإسلام هو الحل»، أي السعي نحو تأسيس دولة إسلامية «دولة الخلافة»، وهو ما سعى له المرشد الخامس للإخوان، مصطفى مشهور، الذي اقترحَ تشكيلَ تنظيمٍ عالمي مسلح يسعي لتأسيسِ ما تسمى بـ«دولةِ الخلافة»، وأوعز حينها لمساعديه للاتفاقِ مع «أسامة بن لادن» على إطلاقِ «تنظيم القاعدة»، في أغسطس 1988، على أن يتولى منصبَ المنسق العام، برفقةِ أيمن الظواهري والتنسيقِ مع مسؤولِ «الإخوان» في فلسطين، عبدالله عزام.
وهو ما برز بأشكال مختلفة مع وصول جماعة الإخوان إلى الحكم في مصر عام 2012، إذ قرر الرئيس الإخواني المعزول، محمد مرسي، إعفاء المعتقلين على ذمة قضايا متعلقة بالإرهاب، والسماح لآخرين بالعودة إلى مصر، ضمن صفقات احتوائهم في مناطق متفرقة من مصر، في مقابل تقديم هذه الجماعات خدمات لـ«الإخوان» لمساعدتها في تمكينها من السلطة في مصر، إلى جانب أن الداعم المادي للجماعتين واحد، وهي الدول التي ترعى الجماعات الإرهابية، مثل قطر وتركيا.
هذا التقارب الذي يقوم على دعم أبناء المشروع الواحد، يمتد من مقولة مؤسس جماعة «الإخوان» ومرشدها الأول، حسن البنا: «نتعاون فيما اتفقنا فيه ويعزر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه»، وإن كانت قيلت هذه الجملة بشكل أساسي في التقارب بين السنة والشيعة على يد «الإخوان»، إلا أنها بشكل أو بآخر ترسخت في العقل الجمعي للجماعة في الدعم والتقارب بين من يسمونهم أصحاب المشروع الواحد.
وهو ما أكدته التقارير الدولية، خاصة البريطانية، التي أشارت إلى أن جماعة الإخوان مولت تنظيم القاعدة من خلال قيادات بارزة، مثل خيرت الشاطر، الذى حول مبلغ 25 مليون دولار لـ«الظواهري» (زعيم تنظيم القاعدة الحالي)، في عام حكم الجماعة فقط، لتأمين دعم «القاعدة» لحكم «الإخوان» فى مصر.
وتجسد ذلك على أرض الواقع، خلال فترة ثورة 25 يناير 2011، عندما ساعد رجال «القاعدة» حركة «حماس»، التابعة للتنظيم الدولي للإخوان، في تهريب قيادات الجماعة من السجون وأقسام الشرطة، في يوم 28 يناير 2011، المعروف بـ«جمعة الغضب».
العلاقة بين التنظيم والجماعة لم تكن على المستوى المصري فحسب، فبالنظر إلى مناطق النزاع المختلفة نجد أدلة واضحة على التعاون المشترك بينهما، ففي اليمن تعود العلاقة إلى ما قبل 30 عامًا، مع عودة الإخوان المشاركين في الحرب الأفغانية إلى اليمن لينشؤوا المعاهد التي تخرج فيها عناصر أصبحت فيما بعد قيادات لـ«القاعدة»، ومع بداية الثورة اليمنية ضمن قادة «الإخوان» لعناصر «القاعدة» أماكن الإيواء والدعم الاستخباراتي، وبالنظر إلى واقع تنظيم القاعدة الآن نجد أن غالبية قياداته كانوا من الصف الأول في الجماعة، مثل عبدالمجيد الزنداني (مؤسس جامعة الإيمان).
وفي ليبيا، العلاقة بين التنظيم والجماعة أكثر تشابكًا، بداية من العلاقة بين عبدالحكيم بلحاج وعلي الصلابي، وغيرهما، وتجسدت العلاقة في شخص مفتي جماعة الإخوان المعزول، الصادق الغرياني (الموضوع على قوائم الإرهاب)، الذي دعا لمساندة من أسماهم بـ«المجاهدين» من عناصر التنظيمات الإرهابية الموالية لتنظيم «القاعدة»، ولم يتوقف الأمر على مستوى الدعم فقط، بل وصل إلى الاندماج الفعلي، بين تنظيم القاعدة وجماعة الإخوان في ليبيا، في «مجلس شورى» موحد، مثل «مجلس شورى مجاهدي درنة، الذي يضم ( الجماعة الليبية المقاتلة، كتيبة شهداء بوسليم، أنصار الشريعة، والإخوان)، وكذلك الأمر بالنسبة لدعم حكومتي الإنقاذ الوطني، فالوفاق الوطني، على الترتيب تبعا لمصالحهما.