بسبب أردوغان.. «العدالة والتنمية» من النجاح إلى نموذج «آيل للسقوط»
الأحد 19/أغسطس/2018 - 08:48 ص
طباعة
علي رجب
17 عامًا مرت منذ إنشاء حزب «العدالة والتنمية» التركي، بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، اعتُبِرَ خلالها نموذجًا سياسيًّا لتيارات الإسلام الحركي في المنطقة العربية، ولكن عقب 2011، بدأ الحزب في التراجع بسبب سياسة «أردوغان» التي كلَّفت الشعب التركي كثيرًا؛ حيث يشهد الاقتصاد تدهورًا كبيرًا، وانخفضت معدلات النمو حتى وصلت إلى أقل درجاتها، بالتزامن مع ارتفاع التضخم لأعلى مستوياته منذ 14 عامًا، ما أدى إلى فقد الليرة التركية أكثر من 50% من قيمتها.
وازدادت وتيرة أعمال القمع وانتهاك حقوق الإنسان، خاصة بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016، ليكون المؤتمر العام السادس لحزب «العدالة والتنمية»، الذي انطلق اليوم السبت 18 أغسطس 2018، نقطةً فاصلةً في مستقبل الحزب، الذي بات غامضًا وتُحِيطُ به الشكوك حول استمرار نفوذ «أردوغان».
أسس «أردوغان» حزب «العدالة والتنمية» عام 2001، وتولى قيادته حتى 2014، ثم تولى رئاسة الحزب أحمد داود أوغلو (رئيس الحكومة التركية السابق، قبل أن يعود «أردوغان» لقيادة الحزب مرة أخرى، في مايو 2017، بعد التعديلات الدستورية، التي صوت الناخبون الأتراك لصالحها، في استفتاء 16 أبريل 2017، التي تسمح لرئيس الجمهورية بأن يكون حزبيًّا.
◄ نموذج الإخوان:
يعد «العدالة والتنمية» -المحسوب على جماعة الإخوان والمنبثق من حزب «الفضيل» التركي، الذي أسسه الأب الروحي لإسلاميي تركيا «نجم الدين أربكان»- النموذج المُلهِم لجماعة الإخوان في مصر والمنطقة، ويشكل سقوط هذا النموذج ضربةً قاضيةً لهم.
ويعتبر «العدالة والتنمية» جزءًا من التيار الإسلاموي العام في المنطقة، ويُجَمِّعُ الإسلامويين - خاصة جماعة الإخوان- حوله؛ حيث إنهم يعتبرون رئيس الحزب «الخليفة العثماني الجديد»، كما أنهم يُسَخِّرُونَ كل مقالاتهم وكتاباتهم، وكذلك وسائل الإعلام التابعة للإخوان في المنطقة العربية، للدفاع ليل نهار عن «الخليفة أردوغان»- حسب زعمهم.
◄ مستقبل الحزب:
يرى العديد من الخبراء أن مستقبل حزب «العدالة والتنمية» غامضٌ، ويتعلق بمدى قدرة رجب طيب أردوغان على تغيير سياسة الحزب، التي أضحت تهدد مساره المعتدل خلال العقدين الماضيين.
وفي هذا السياق، قال علي بكر، الباحث في شؤون الجماعات الإسلاموية بمركز الأهرام للدراسات السياسيَّة والاستراتيجيَّة: إن حزب «العدالة والتنمية» تمكن من تحقيق عددٍ من النجاحات الاقتصادية، شكلت نموذجًا قويًّا للإسلامويين، ولكن هذه النجاحات جاءت على حساب الحريات والديمقراطية في البلاد.
وأضاف بكر، أن سياسة «أردوغان» ارتكزت على الإقصاء والتخلص من معارضيه حتى لو كانوا من تيار الإسلام الحركي.
وتابع: «أردوغان أبعد عبدالله جل (الرئيس التركي السابق) وأحمد داود أوغلو، اللذان لعبا دورًا مهمًا في قيادة الحزب، ولكن ديكتاتورية الرئيس التركي وسعيه إلى دولة الرجل الواحد والحزب الواحد سيكون لها نتائج وخيمة على مستقبل حزب العدالة والتنمية».
وتابع بكر، في تصريح خاص لـ«المرجع»: «نتيجةً لسياسة الرجل الواحد التي يتبعها أردوغان، فقد «العدالة والتنمية» كل المكتسبات التي حققها خلال السنوات الماضية، وتراجع الاقتصاد التركي، وتحول الحزب من نموذجٍ ناجحٍ إلى نموذجٍ آيلٍ للسقوط».
ورأى الباحث في شؤون الجماعات الإسلاموية، أن سياسة «أردوغان» في قيادة «العدالة والتنمية»، واعتماده على أهل الثقة وليس أهل الخبرة، باتت تهدد الحزب، مشددًا على أن أردوغان مُطَالب بتغيير سياسته، التي يدير بها الحزب والدولة التركية من أجل إنقاذ مستقبل حزبه.
وأوضح بكر أن إنقاذ مستقبل حزب «العدالة والتنمية» يتطلب مراجعة شاملة لموقف «أردوغان» من جماعة الإخوان، التي شكلت عبئًا على الدولة التركية، وأضرت بعلاقاتها مع الكثير من الدول العربية، كما على «أردوغان» أيضًا مراجعة علاقته بكل من قطر وإيران، لتكون سياسته متوازنة وليس داعمة بشكل كامل.