«ليسوا إخوانًا وليسوا مسلمين».. فِقه التخلي عند الجماعة
الخميس 23/أغسطس/2018 - 09:23 ص
طباعة
دعاء إمام
غرفة مظلمة تفوح منها رائحة البخور والعطور الشرقية، يتوسطها طاولة خشبية يعلوها مصحف ومسدس، بها شخص مقنع ينتظر القادمين لمبايعته على السمع والطاعة والجهاد في سبيل الله؛ يضع العضو المرشح للبيعة يمناه على المصحف والمسدس، ويقسم على عدم إفشاء الأسرار وتنفيذ الأوامر، ثم ينتهي قسمه بمصافحة المقنع الذي يصطحبه إلى غرفة أخرى يجلس بداخلها مجموعة أعضاء التنظيم الخاص (تنظيم سري عسكري أسسه حسن البنّا عام 1940).
طقوس البيّعة عرفتها جماعة الإخوان منذ تأسيسها عام 1928، بواسطة حسن البنّا، وكانت دافعًا لرجال التنظيم السري لتنفيذ عمليات إرهابية، إلى أن جاء اغتيال القاضي المصري أحمد الخاذندار، الذي قتله حسن عبدالحافظ (سكرتير المرشد آنذاك)، ومحمود زينهم في مارس من العام 1948، وبعد القبض عليهم والتحقيق معهم ترددت أنباء عن تورط الجماعة في عملية الإغتيال، إلا أن المتهمين رفضا الاعتراف؛ حفاظًا على البيعّة.
وضع «البنّا»، دستورًا إخوانيًّا للتخلي عن الحلفاء، إذ أصدر بيانًا في مجلة الإخوان (الذراع الإعلامية للجماعة آنذاك)، مستنكرًا أعمال رجاله ودمغها بالإرهاب والخروج على القانون، قائلًا: «ليسوا إخوانًا وليسوا مسلمين»، ولم يكتفِ مؤسس الجماعة بهذا الوصف، بل أردف على جملته التي أقر فيها بتخلي الجماعة عن المتهمين القابعين في السجون، وأنهم خارجون عن ملة المسلمين، بجملة أخرى، قال فيها: «مصر الآمنة لن تروعها هذه المحاولات الأثيمة، وسيتعاون هذا الشعب حليم الفطرة مع حكومته الحريصة على أمنه وطمأنينته، في ظل جلالة الملك المعظم على القضاء على هذه الظاهرة الخطيرة».
تخلي «البنّا»، عن رجاله أدخل الإخوان في حالة انقسام، فالبعض رأى أن أمن الجماعة أهم من الدفاع عن المنتمين إليها، بينما وقع بيان «البنّا»، على القابعين في السجون، كالصاعقة، خاصة بعد أن وصفهم بـ«العابثين بأمن الوطن»، مطالبًا السلطة بالقضاء عليهم وعقابهم على ما اقترفوه.
وقال محمود عبدالحليم، مؤرخ جماعة الإخوان، ورفيق حسن البنّا، عن اغتيال «الخاذندار»: «اتهم في هذه الجريمة طالبان مِن المنتسبين إلى الإخوان، ولاأزال أذكر كيف وقع نبأ هذه الجريمة على الأستاذ الإمام، وعلينا جميعًا، موقع الصاعقة، حتى إن الأستاذ تنهد طويلًا، وأخذ يشكو إلى الله مِن هذا التصرف الأحمق، والحماس الأعمى..»، وهو اعتراف بانتماء منفذي العملية إلى الجماعة، لكنهم على حد زعمه لما يرجعوا إلى «البنّا» لأخذ الإذن قبل تنفيذ الاغتيال.
للمزيد: «الإخوان المسلمون».. أسرار«الجماعة» كما رواها كتاب «أحداث صنعت التاريخ»
تربى أعضاء الجماعة على التبرؤ ممن تورطوا في سفك دماء المصريين، وهو ما ظهر في موقف الإخوان تجاه تنظيم الفنية العسكرية (تنظيم عسكري نفّذ مجزرة بالكلية الفنية العسكرية بمصر عام 1974)، الذي اعترف بعض قياداته أنهم يتبعون أدبيات الإخوان؛ حيث تبرأت منهم الجماعة بنفس مبدأ البنّا «ليسوا إخوانًا وليسوا مسلمين»، وقالت إن هذا التنظيم يتبع منهجًا جهاديًّا، ولا ينتمي مؤسسوه لفكر الإخوان.
وفي سوريا أيضًا، تخلى المراقب العام، علي صدر الدين البيانوني، عن النقيب إبراهيم اليوسف، القيادي بجماعة الإخوان في سوريا، والمخطط للهجوم على مدرسة المدفعية بحلب (شمال غربي سوريا) عام 1979، والذي أسفر عن مقتل من 50 إلى 80 طالبًا، وجرح قرابة 54 (حسب الرواية الرسمية)، أما منفذو الهجوم فقالوا إن الهجوم خلّف 250 قتيلًا.
وقال «البيانوني»: «إن اليوسف، لم يكن إخوانيًّا، وكان يؤمن بالفكر البعثي القومي»، وهو ما نفته زوجة الضابط «عزيزة الجلّود»، التي وصفت الجماعة بأنهم «متخاذلون عن الجهاد»، مؤكدة أن زوجها كان على صلة بشقيق «البيانوني»، ونَسَّق معه قبل تنفيذ العملية، كما طلب منه أن ينضم 800 من شباب الجماعة إلى قائمة المنفذين لـ«مجزرة المدفعية».
للمزيد: مذبحة «مدرسة المدفعية».. طليعة الجهاد الإخواني في سوريا
مخطط «الإخوان» للانتقام من جيشي مصر وسوريا بسبب نصر العاشر من رمضان
لم تقتصر عبارة: «ليسوا إخوانًا وليسوا مسلمين»، على مؤسس الجماعة فقط، بل توارثتها أجيال الإخوان، فاقترنت بكل من أرادت الجماعة تأديبه أو شطبه، بعد أن كانت تصفهم بـ«فرسان الليل، ورهبان النهار»، إلى درجة أن محمد بديع، مرشد جماعة الإخوان (2010 - 2013) عندما هتف بعض المصريين أمامه «يسقط حكم المرشد»، في إشارة إلى عدم رضاهم عن أداء الرئيس الإخواني محمد مرسي (2012 - 2013)، أنكر عليهم انتماءهم للجماعة، قائلًا: «ليسوا إخوانًا».
طقوس البيّعة عرفتها جماعة الإخوان منذ تأسيسها عام 1928، بواسطة حسن البنّا، وكانت دافعًا لرجال التنظيم السري لتنفيذ عمليات إرهابية، إلى أن جاء اغتيال القاضي المصري أحمد الخاذندار، الذي قتله حسن عبدالحافظ (سكرتير المرشد آنذاك)، ومحمود زينهم في مارس من العام 1948، وبعد القبض عليهم والتحقيق معهم ترددت أنباء عن تورط الجماعة في عملية الإغتيال، إلا أن المتهمين رفضا الاعتراف؛ حفاظًا على البيعّة.
وضع «البنّا»، دستورًا إخوانيًّا للتخلي عن الحلفاء، إذ أصدر بيانًا في مجلة الإخوان (الذراع الإعلامية للجماعة آنذاك)، مستنكرًا أعمال رجاله ودمغها بالإرهاب والخروج على القانون، قائلًا: «ليسوا إخوانًا وليسوا مسلمين»، ولم يكتفِ مؤسس الجماعة بهذا الوصف، بل أردف على جملته التي أقر فيها بتخلي الجماعة عن المتهمين القابعين في السجون، وأنهم خارجون عن ملة المسلمين، بجملة أخرى، قال فيها: «مصر الآمنة لن تروعها هذه المحاولات الأثيمة، وسيتعاون هذا الشعب حليم الفطرة مع حكومته الحريصة على أمنه وطمأنينته، في ظل جلالة الملك المعظم على القضاء على هذه الظاهرة الخطيرة».
تخلي «البنّا»، عن رجاله أدخل الإخوان في حالة انقسام، فالبعض رأى أن أمن الجماعة أهم من الدفاع عن المنتمين إليها، بينما وقع بيان «البنّا»، على القابعين في السجون، كالصاعقة، خاصة بعد أن وصفهم بـ«العابثين بأمن الوطن»، مطالبًا السلطة بالقضاء عليهم وعقابهم على ما اقترفوه.
وقال محمود عبدالحليم، مؤرخ جماعة الإخوان، ورفيق حسن البنّا، عن اغتيال «الخاذندار»: «اتهم في هذه الجريمة طالبان مِن المنتسبين إلى الإخوان، ولاأزال أذكر كيف وقع نبأ هذه الجريمة على الأستاذ الإمام، وعلينا جميعًا، موقع الصاعقة، حتى إن الأستاذ تنهد طويلًا، وأخذ يشكو إلى الله مِن هذا التصرف الأحمق، والحماس الأعمى..»، وهو اعتراف بانتماء منفذي العملية إلى الجماعة، لكنهم على حد زعمه لما يرجعوا إلى «البنّا» لأخذ الإذن قبل تنفيذ الاغتيال.
للمزيد: «الإخوان المسلمون».. أسرار«الجماعة» كما رواها كتاب «أحداث صنعت التاريخ»
تربى أعضاء الجماعة على التبرؤ ممن تورطوا في سفك دماء المصريين، وهو ما ظهر في موقف الإخوان تجاه تنظيم الفنية العسكرية (تنظيم عسكري نفّذ مجزرة بالكلية الفنية العسكرية بمصر عام 1974)، الذي اعترف بعض قياداته أنهم يتبعون أدبيات الإخوان؛ حيث تبرأت منهم الجماعة بنفس مبدأ البنّا «ليسوا إخوانًا وليسوا مسلمين»، وقالت إن هذا التنظيم يتبع منهجًا جهاديًّا، ولا ينتمي مؤسسوه لفكر الإخوان.
وفي سوريا أيضًا، تخلى المراقب العام، علي صدر الدين البيانوني، عن النقيب إبراهيم اليوسف، القيادي بجماعة الإخوان في سوريا، والمخطط للهجوم على مدرسة المدفعية بحلب (شمال غربي سوريا) عام 1979، والذي أسفر عن مقتل من 50 إلى 80 طالبًا، وجرح قرابة 54 (حسب الرواية الرسمية)، أما منفذو الهجوم فقالوا إن الهجوم خلّف 250 قتيلًا.
وقال «البيانوني»: «إن اليوسف، لم يكن إخوانيًّا، وكان يؤمن بالفكر البعثي القومي»، وهو ما نفته زوجة الضابط «عزيزة الجلّود»، التي وصفت الجماعة بأنهم «متخاذلون عن الجهاد»، مؤكدة أن زوجها كان على صلة بشقيق «البيانوني»، ونَسَّق معه قبل تنفيذ العملية، كما طلب منه أن ينضم 800 من شباب الجماعة إلى قائمة المنفذين لـ«مجزرة المدفعية».
للمزيد: مذبحة «مدرسة المدفعية».. طليعة الجهاد الإخواني في سوريا
مخطط «الإخوان» للانتقام من جيشي مصر وسوريا بسبب نصر العاشر من رمضان
لم تقتصر عبارة: «ليسوا إخوانًا وليسوا مسلمين»، على مؤسس الجماعة فقط، بل توارثتها أجيال الإخوان، فاقترنت بكل من أرادت الجماعة تأديبه أو شطبه، بعد أن كانت تصفهم بـ«فرسان الليل، ورهبان النهار»، إلى درجة أن محمد بديع، مرشد جماعة الإخوان (2010 - 2013) عندما هتف بعض المصريين أمامه «يسقط حكم المرشد»، في إشارة إلى عدم رضاهم عن أداء الرئيس الإخواني محمد مرسي (2012 - 2013)، أنكر عليهم انتماءهم للجماعة، قائلًا: «ليسوا إخوانًا».