الصوفية الثائرة على «أردوغان».. دعمته ثم انقلب عليها
الجمعة 24/أغسطس/2018 - 09:43 ص
طباعة
عبدالهادي ربيع
يدَّعي رجب طيب أردوغان -الرئيس التركي الثاني عشر، والحالي منذ 28 أغسطس 2014- انتماءه إلى الطريقة الصوفية النقشبندية، إحدى أكثر الطرق انتشارًا، التي يعود أصلها إلى آسيا الصغرى، وأسسها محمد بهاء الدين نقشبند (1317- 1389 ).
وتُعتبر تركيا، أكبر دول العالم من حيث وجود مريدي النقشبندية، ومركزها الرئيسي في جامع إسكندر باشا بحي محمد الفاتح في إسطنبول، وحاول أردوغان -أكثر من مرة- استمالة الصوفية وكسب ودهم، من خلال ادعائه أن جذوره تنتهي إلى شيخ الطريقة النقشبندية ومؤسسها.
وفي 9 أغسطس عام 2014، ليلة الانتخابات الرئاسية التركية، زار مرشح الرئاسة حينها «أردوغان»، بصحبة زوجته «أمينة»، وابنته «سمية»، منزل «محمود أوسطة عثمان أوغلو»، أكبر ممثلي الطريقة النقشبندية الصوفية في تركيا، التي تتخذ من حي «جارشنبه» في مدينة إسطنبول مركزًا لها؛ ليطلب منه الدعاء والدعم السياسي في الانتخابات؛ حيث يسعى «أردوغان» لتوظيف الحركات الصوفية كبديل لتيار الإسلام الحركي، الذي أثبت فشله منذ صعوده للحكم في كل من مصر وتونس والسودان.
ورغم أن تركيا دولة علمانية، تدَّعي الوقوف على مسافة واحدة بين كل الفصائل والطوائف والطرق المختلفة؛ فإن واقع الأمر أنها تقف بوجه الحركات والتيارات الإسلامية، التي لا تتحالف مع حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، باستثناء وحيد هو الطريقة «الصوفية المولوية»، التي ليس لها أي دور سياسي؛ حيث تحظى بشيء من الدعم والتسهيل؛ بحجة اعتبار الدولة مراسم المولوية -الغناء والرقص- جزءًا من الفولكلور التركي.
والمولوية طريقة صوفية، منسوبة إلى جلال الدين الرومي (محمد بن محمد بن حسين بهاء الدين البلخي، شاعر، وعالم بفقه الحنفية، وهو صاحب المثنوي المشهور بالفارسية 1207- 1273)، واشتهرت بما يُعرف بالرقص الدائري لساعات طويلة.
القارئ لعلاقة أردوغان مع الطرق الصوفية عامةً، والطريقتين «النقشبندية» و«النورسية» خاصةً، يرى هشاشة هذه العلاقة، وقيامها على «المنفعة المتبادلة»، والطريقة النورسية أو «جماعة النور»، في تركيا التي أسسها بديع الزمان سعيد النورسي عام (1896) ثالث الجماعات الإسلامية من حيث التأسيس في العصر الحديث، بعد الجهد الفكري والإصلاحي الذي بذله جمال الدين الأفغاني، وتلميذه محمد عبده (1849- 1905)، ثم حركة الشيخ محمد رشيد رضا الإصلاحية (1865- 1935 ).
ووصل عدد مدارس النورسيين في العالم -حتى الآن- أكثر من 1100 مدرسة في 160 دولة. ويزعم أردوغان أنه كان أحد المنتسبين إليها في بداية حياته، إلا أنه انقلب عليها بعد دخوله السلك السياسي، ووصوله لرئاسة مجلس الوزراء، ثم رئاسة الجمهورية، وتُعد من أشهر الداعمين لفتح الله جولن.
وعانت الصوفية كثيرًا من أردوغان؛ حيث التضييق، والملاحقات في بعض الأحيان، كما وجَّه اتهامات لاذعة لعدد من أتباع الصوفية التركية غير مرة، آخرها في 20 نوفمبر عام 2016، بعد أن زعم وقوف الطرق الصوفية مع المُعارض «فتح الله جولن»، المولود في 27 أبريل 1941 شرق الأناضول -معارض تركي بالخارج ينتمي إلى الطائفة النورسية- الذي يمثل العدو الأكبر لأردوغان، الذي زعم تورط جولن في الانقلاب العسكري الفاشل في أنقرة 15 يوليو 2016.
لكن «جولن» تعهد لشباب الصوفية بنشر فكرهم من جديد، بعد أن تحولت الدولة للنظام العلماني، في ظل حكم حزب «العدالة والتنمية» التركي، الذي يترأسه «أردوغان»، إلا أن هذا التأييد الذي حظي به «جولن»، لم يعجب رجال «أردوغان»، وجعلهم يفتحون النار على النقشبندية خاصةً، والصوفية عامةً، ويصدرون تعليماتهم بمنع دروس وحضرات النقشبندية في عدد من مساجد أنقرة.
كما يلاقي «أردوغان» -أيضًا- معارضة شرسة من مريدي الطريقة الحبيبية الدرقاوية الشاذلية -سُنِّيَّة بالغرب الإسلامي، أسهمت في إحياء التصوف السُّنِّي الشاذلي وتجديده. من فروع الدرقاوية الشاذلية، المنسوبة إلى أبي المعالي محمد العربي بن أحمد الدرقاوي الحسني (1737– 1823)- التي تصفه بـ«الوصولي»، الذي استغل دعمها للارتقاء إلى الحكم، ثم انقلب عليها، كما اعترضت «الحبيبية» بشكل رسمي على موقف «أردوغان» المساند لجماعة الإخوان في مصر، وفي الحرب السورية.
وفي الأول من أغسطس 2017؛ شهدت العاصمة التركية «إسطنبول»، فعاليات المؤتمر الصوفي الدولي، الذي تم تنظيمه تحت رعاية الدولة التركية، ومشاركة ممثلين عن التيارات الصوفية من جميع أنحاء العالم، ووُجهت الدعوات للطرق الصوفية المصرية للمشاركة فيها؛ لكن الطرق الصوفية المصرية رفضت المشاركة في المؤتمر، كما أعلنت رفض الطرق الصوفية التركية التابعة لها، المشاركة في ذلك المؤتمر.
وفي التاسع من فبراير 2017؛ منعت السلطات التركية حضرات الطريقة النقشبندية -التي يتزعمها ممتاز النقشبندي، القيادي الصوفي البارز بتركيا- في عدد من المساجد؛ بسبب دعم عدد من قاداتها «لجولن».
وأظهرت التحقيقات الصحفية في تركيا، أن السلطات المحلية تمنع توظيف أبناء الطائفة العلوية من البكداشيين في الوظائف العمومية، والبكداشية هي طريقة صوفية علوية أقرب إلى التشيُّع، تعاليمها مُستمدة من مذاهب صوفية متعددة.
وتُمَثِّلُ الطائفة العلوية المجموعة غير المعترف بها في تركيا من ناحية معتقداتها؛ إذ تُسمى أماكن عبادة العلويين الأتراك «بيت الجمع»، وهي لا تتمتع بالاعتراف من جانب الدولة كدور للعبادة، والطريقة الوحيدة التي يمكن أن تنشط فيها بيوت الجمع هذه بشكل قانوني، هي تحت صفة «مؤسسة».
كما تُشكل البكداشية معارضة كامنة لحزب العدالة والتنمية التركي الحاكم، وزعيمه «أردوغان»، توشك أن تنفجر، وتتحد مع دعوات حركة «جولن» للطرق الصوفية، المتغلغلة في كبرى مؤسسات الدولة التركية، ومثال ذلك محاولة الانقلاب التي قال «أردوغان»: إن «جولن» المخطط الرئيسي لها؛ لمواجهة فكره غير المرضي للطرق الصوفية.
وتُعتبر تركيا، أكبر دول العالم من حيث وجود مريدي النقشبندية، ومركزها الرئيسي في جامع إسكندر باشا بحي محمد الفاتح في إسطنبول، وحاول أردوغان -أكثر من مرة- استمالة الصوفية وكسب ودهم، من خلال ادعائه أن جذوره تنتهي إلى شيخ الطريقة النقشبندية ومؤسسها.
وفي 9 أغسطس عام 2014، ليلة الانتخابات الرئاسية التركية، زار مرشح الرئاسة حينها «أردوغان»، بصحبة زوجته «أمينة»، وابنته «سمية»، منزل «محمود أوسطة عثمان أوغلو»، أكبر ممثلي الطريقة النقشبندية الصوفية في تركيا، التي تتخذ من حي «جارشنبه» في مدينة إسطنبول مركزًا لها؛ ليطلب منه الدعاء والدعم السياسي في الانتخابات؛ حيث يسعى «أردوغان» لتوظيف الحركات الصوفية كبديل لتيار الإسلام الحركي، الذي أثبت فشله منذ صعوده للحكم في كل من مصر وتونس والسودان.
ورغم أن تركيا دولة علمانية، تدَّعي الوقوف على مسافة واحدة بين كل الفصائل والطوائف والطرق المختلفة؛ فإن واقع الأمر أنها تقف بوجه الحركات والتيارات الإسلامية، التي لا تتحالف مع حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، باستثناء وحيد هو الطريقة «الصوفية المولوية»، التي ليس لها أي دور سياسي؛ حيث تحظى بشيء من الدعم والتسهيل؛ بحجة اعتبار الدولة مراسم المولوية -الغناء والرقص- جزءًا من الفولكلور التركي.
والمولوية طريقة صوفية، منسوبة إلى جلال الدين الرومي (محمد بن محمد بن حسين بهاء الدين البلخي، شاعر، وعالم بفقه الحنفية، وهو صاحب المثنوي المشهور بالفارسية 1207- 1273)، واشتهرت بما يُعرف بالرقص الدائري لساعات طويلة.
القارئ لعلاقة أردوغان مع الطرق الصوفية عامةً، والطريقتين «النقشبندية» و«النورسية» خاصةً، يرى هشاشة هذه العلاقة، وقيامها على «المنفعة المتبادلة»، والطريقة النورسية أو «جماعة النور»، في تركيا التي أسسها بديع الزمان سعيد النورسي عام (1896) ثالث الجماعات الإسلامية من حيث التأسيس في العصر الحديث، بعد الجهد الفكري والإصلاحي الذي بذله جمال الدين الأفغاني، وتلميذه محمد عبده (1849- 1905)، ثم حركة الشيخ محمد رشيد رضا الإصلاحية (1865- 1935 ).
ووصل عدد مدارس النورسيين في العالم -حتى الآن- أكثر من 1100 مدرسة في 160 دولة. ويزعم أردوغان أنه كان أحد المنتسبين إليها في بداية حياته، إلا أنه انقلب عليها بعد دخوله السلك السياسي، ووصوله لرئاسة مجلس الوزراء، ثم رئاسة الجمهورية، وتُعد من أشهر الداعمين لفتح الله جولن.
وعانت الصوفية كثيرًا من أردوغان؛ حيث التضييق، والملاحقات في بعض الأحيان، كما وجَّه اتهامات لاذعة لعدد من أتباع الصوفية التركية غير مرة، آخرها في 20 نوفمبر عام 2016، بعد أن زعم وقوف الطرق الصوفية مع المُعارض «فتح الله جولن»، المولود في 27 أبريل 1941 شرق الأناضول -معارض تركي بالخارج ينتمي إلى الطائفة النورسية- الذي يمثل العدو الأكبر لأردوغان، الذي زعم تورط جولن في الانقلاب العسكري الفاشل في أنقرة 15 يوليو 2016.
لكن «جولن» تعهد لشباب الصوفية بنشر فكرهم من جديد، بعد أن تحولت الدولة للنظام العلماني، في ظل حكم حزب «العدالة والتنمية» التركي، الذي يترأسه «أردوغان»، إلا أن هذا التأييد الذي حظي به «جولن»، لم يعجب رجال «أردوغان»، وجعلهم يفتحون النار على النقشبندية خاصةً، والصوفية عامةً، ويصدرون تعليماتهم بمنع دروس وحضرات النقشبندية في عدد من مساجد أنقرة.
كما يلاقي «أردوغان» -أيضًا- معارضة شرسة من مريدي الطريقة الحبيبية الدرقاوية الشاذلية -سُنِّيَّة بالغرب الإسلامي، أسهمت في إحياء التصوف السُّنِّي الشاذلي وتجديده. من فروع الدرقاوية الشاذلية، المنسوبة إلى أبي المعالي محمد العربي بن أحمد الدرقاوي الحسني (1737– 1823)- التي تصفه بـ«الوصولي»، الذي استغل دعمها للارتقاء إلى الحكم، ثم انقلب عليها، كما اعترضت «الحبيبية» بشكل رسمي على موقف «أردوغان» المساند لجماعة الإخوان في مصر، وفي الحرب السورية.
وفي الأول من أغسطس 2017؛ شهدت العاصمة التركية «إسطنبول»، فعاليات المؤتمر الصوفي الدولي، الذي تم تنظيمه تحت رعاية الدولة التركية، ومشاركة ممثلين عن التيارات الصوفية من جميع أنحاء العالم، ووُجهت الدعوات للطرق الصوفية المصرية للمشاركة فيها؛ لكن الطرق الصوفية المصرية رفضت المشاركة في المؤتمر، كما أعلنت رفض الطرق الصوفية التركية التابعة لها، المشاركة في ذلك المؤتمر.
وفي التاسع من فبراير 2017؛ منعت السلطات التركية حضرات الطريقة النقشبندية -التي يتزعمها ممتاز النقشبندي، القيادي الصوفي البارز بتركيا- في عدد من المساجد؛ بسبب دعم عدد من قاداتها «لجولن».
وأظهرت التحقيقات الصحفية في تركيا، أن السلطات المحلية تمنع توظيف أبناء الطائفة العلوية من البكداشيين في الوظائف العمومية، والبكداشية هي طريقة صوفية علوية أقرب إلى التشيُّع، تعاليمها مُستمدة من مذاهب صوفية متعددة.
وتُمَثِّلُ الطائفة العلوية المجموعة غير المعترف بها في تركيا من ناحية معتقداتها؛ إذ تُسمى أماكن عبادة العلويين الأتراك «بيت الجمع»، وهي لا تتمتع بالاعتراف من جانب الدولة كدور للعبادة، والطريقة الوحيدة التي يمكن أن تنشط فيها بيوت الجمع هذه بشكل قانوني، هي تحت صفة «مؤسسة».
كما تُشكل البكداشية معارضة كامنة لحزب العدالة والتنمية التركي الحاكم، وزعيمه «أردوغان»، توشك أن تنفجر، وتتحد مع دعوات حركة «جولن» للطرق الصوفية، المتغلغلة في كبرى مؤسسات الدولة التركية، ومثال ذلك محاولة الانقلاب التي قال «أردوغان»: إن «جولن» المخطط الرئيسي لها؛ لمواجهة فكره غير المرضي للطرق الصوفية.