أربعة كتب إخوانية توثق كيف استغلت الجماعة نساءها

السبت 25/أغسطس/2018 - 08:48 ص
طباعة أربعة كتب إخوانية هناء قنديل
 
مبدأ النفعية وقاعدة البرجماتية هما ما أُنشئت عليه جماعة الإخوان على يد حسن البنا 1928، فـ الإخوان لم يتركوا شيئًا قابلًا للاستغلال إلا واستغلوه، محاولين الاستفادة منه بأقصى ما يمكنهم، بداية من الدين ذاته ومتاجراتهم به في شتى المناسبات الدعوية والخيرية والإنسانية، مرورًا بالمشاهير من أهل الفن والرياضة ونجوم المجتمع، وصولًا- وليس انتهاء- بالأطفال والنساء، خصوصًا نساؤهم، فكل شيء يقع في طريق الإخوان يحولونه إلى سلعة وخدمة ووسيلة، لربما تتحقق غايتهم الكبرى الغامضة، التي تتلخص فيما يسمونه في أدبياتهم «أستاذية العالم».

ومن هذا المنطلق النفعي البحت، حظيت النساء داخل جماعة الإخوان بمكانة محورية ومهمة في نطاق العمل العام والخاص، حيث تقع عليهن- غالبًا- مسؤولية تنظيم شؤون الجماعة وقت غياب القيادات (سواء بالسجن أو بالهروب).

ونساء الجماعة لا يقفن كلهن على قدم المساواة في الدور الذي يؤدينه داخل مجتمع الإخوان، فمنهن من فاقت كل تصور في التأثير على مجريات الأحداث، وقرارات مكتب الإرشاد، وفي مقدمتهن زينب الغزالي، التي كانت تعد المرشد النسائي للأخوات.

وشهدت أدبيات جماعة الإخوان، 4 كتب ألقت الضوء على دور التنظيم النسائي، وكيف ظهر مصطلح «الأخوات المسلمات»، بعد فترة قليلة من نشأة الجماعة ذاتها، تحديدًا في عام 1933، لكن في الوقت ذاته لم يكن للتنظيم النسائي دور واقعي أو وجود حقيقي في تلك الفترة، إنما هي مجرد إرهاصات تشير إلى أن النساء سيلعبن دورًا مهمًا في مستقبل الجماعة، وهو ما حدث فعلا.

ظل دور نساء الجماعة، مقتصرًا على المجتمع الداخلي لها فترة ليست بالقصيرة، حيث لم يظهرن إلى العلن، إلا بفضل ثورة 25 يناير 2011، وما تلاها من أحداث قلبت المشهد السياسي برمته رأسًا على عقب، وصولًا لذروة الأحداث حين أطاح الشعب المصري بحكم الإخوان بثورته في 30 يونيو 2013.

لائحة البداية
وضعت اللائحة الأولى للأخوات المسلمات في الجماعة، بتاريخ 22 يوليو 1933، ونشرت في مجلتهم تحت عنوان: «أول لائحة للأخوات المسلمات»، وتضمنت أنه: «في غرة المحرم سنة 1352هـ، 26 أبريل سنة 1933م، تألفت في الإسماعيلية فرقة أدبية إسلامية تسمى (فرقة الأخوات المسلمات)، الدروس والمحاضرات في المجتمعات الخاصة بالسيدات والنصح الشخصي والكتابة والنشر».
وحددت اللائحة طبيعة هذا التنظيم، بكلمات موجزة: «تعتبر عضوة في الفرقة كل مسلمة تود العمل على مبادئها، وتقسم قسمها وهو: (عليَّ عهد الله وميثاقه أن أتمسك بآداب الإسلام، وأدعو إلى الفضيلة ما استطعت)».

ونصت اللائحة على أن المرشد العام هو رئيس التنظيم النسائي للأخوات المسلمات، ويتصل بأعضائها بوكيلة عنه، ونصت على أنه: «كل عضوات التنظيم، ومنهن الوكيلة، أخوات في الدرجة والمبدأ، وتوزع الأعمال التي يستدعيها تحقيق الفكرة عليهن، كل فيما يخصه، ويعقد أعضاء الفرقة اجتماعًا أسبوعيًّا خاصًا بهن يدون فيه ما قمن به من الأعمال خلال الأسبوع الماضي وما يرونه في الأسبوع الآتي، وفي حالة ما إذا كثر عدد الأعضاء يصح أن يقتصر هذا الاجتماع على المكلفات بالأعمال منهن».

وكان بديهيًّا أن تضطلع أكثر من كاتب وكاتبة إخوانية بتوثيق شهادتهم التاريخية في كتاب أو مقال، والمرجع يستعرض أهم تلك الشهادات الإخوانية: 

أولًا: «أيام من حياتي».. سياسة زينب الغزالي
تعد زينب الغزالي، أشهر أديبات الإخوان، وأهم عضوات التنظيم النسائي، أول من ألقى الضوء على هذا التنظيم، من خلال كتابها "أيام من حياتي"، الذي أوضحت فيه كيف رفضت التعاون مع الإخوان في البداية، ثم ما لبثت أن انضمت إليهم، وبعدها تم تكليفها بدور سياسي مهم، من قبل قيادات الجماعة، لمحاولة إبرام صفقات مع حزب الوفد، والقوى السياسية على الساحة في نهاية أربعينيات القرن الـ20، وتحديدا مع الزعيم مصطفى النحاس باشا.
وقادت زينب الغزالي أيضًا، التحركات عقب حل جماعة الإخوان، في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر.

ثانيًا: «رحلتي مع الأخوات».. حقائق بعيون فاطمة عبد الهادي

كانت القيادية الإخوانية فاطمة عبد الهادي، التي تولت منصب أول وكيلة لجنة نسائية في الإخوان، زوجة لأحد قيادات الجماعة الذي أعدم بصحبة سيد قطب في القضية الشهيرة سنة 1966.

كتاب فاطمة عبد الهادي، الذي حمل عنوان: "رحلتي مع الأخوات المسلمات.. حقائق من داخل الإخوان وعلاقتهم بثورة يوليو"، حمل شهادتها عن تلك الفترة، وسردت فيه أسرار نشأة التنظيم النسائي، ودور المرأة فيه، والمهام التي كانت موكلة إليها.

وكشفت فاطمة عبد الهادي، الكثير من التفاصيل في كتابها، عن علاقة زوجة مؤسس الجماعة حسن البنا بالعمل السياسي، وكيف أنها كانت تحرص على الابتعاد عن هذه المنطقة من عمل الجماعة، كما أشارت إلى طبيعة العلاقة التي جمعت قيادات مكتب الإرشاد، بنظام الحكم، سواء في عهد جمال عبدالناصر، أو خلفه أنور السادات.

ثالثًا: «تاريخ الأخوات».. وثائق عبده الدسوقي

وبعنوان "تاريخ قسم الأخوات المسلمات"، جاء كتاب عبده الدسوقي، الذي يرصد بالوثائق بداية فكرة تنظيم الأخوات، منذ نشأة الجماعة، ومراحل تطورها في لائحة 1933، مرورًا بالحوادث التاريخية، حتى الفترة القريبة الماضية.

واستعرض الدسوقي في كتابه، دور المرأة في الإخوان، منذ ثلاثينيات القرن العشرين، ملقيًا الضوء على حياة أول مسؤولة عن القسم النسائي، وهي لبيبة أحمد، التي عملت تحت إمرة رئيس القسم الشيخ عبد اللطيف الشعشاعي، والمشرف عليه من مكتب الإرشاد صالح عشماوي.

ويعرض كتاب الدسوقي أيضًا، تفاصيل أكثر دقة ممن سبقوه عن قسم الأخوات ولوائحه، وأنشطته، ودوره منذ مقتل حسن البنا، وحتى عام 2010، كما تناول دور القسم خلال الملمات التي طالتها، بسبب انتهاجها العنف، وصراعها مع الدولة.

رابعًا: «حكايتي مع الإخوان».. مذكرات إنتصار عبدالمنعم
أما رابع الكتب في أدبيات الإخوان، التي تناولت أسرار التنظيم النسائي، فكان كتاب الإخوانية المنشقة فيما بعد إنتصار عبد المنعم، الذي حمل عنوان، «مذكرات أخت سابقة.. حكايتي مع الإخوان»، وتناول دور سيدات الجماعة؛ حيث عمل الجميع في ذلك الوقت بمبدأ أنه لا يصلح للإخواني إلا زوجة إخوانية.

وتروي إنتصار في هذا الكتاب حكايتها ورؤيتها لطبيعة الجماعة، وبنائها الاجتماعي، وأسباب عدم انضمام المرأة لمكتب الإرشاد، رغم مكانتها ودورها الكبير في حياة الجماعة.

ويستمد كتاب إنتصار أهميته من أنه يوضح زيف مبادئ الجماعة، وكيلها بمكيالين، فهي تكلف النساء بأداء معظم المهام، والتعامل مع الرجال على نطاق واسع، لكنها في الوقت ذاته تمنع تقلدها المناصب المهمة، وعلى رأسها الانضمام لمكتب الإرشاد.

شارك