هل يستعيد «دراويش» العراق والمغرب مهد التصوف من المتطرفين؟

الأحد 26/أغسطس/2018 - 08:44 ص
طباعة هل يستعيد «دراويش» سارة رشاد
 
في التأريخ للبذور الأولى للتصوف العربي، قيل إن للمغرب وأرض العراق النصيب الأكبر، والدليل على ذلك كانت تلك الأعداد الضخمة من الأولياء الذين خرجوا من تلك الأماكن، وانتقلوا منها إلى باقي الأقطار، لنشر العلم الصوفي.

وبمرور الوقت طرأ تحول على هاتين الرقعتين، فـ«العراق» الذي أرسى به الإمام أحمد الرفاعي (عاش في القرن الـ12 الميلادي) طريقته الرفاعية (كبرى الطرق الصوفية العربية)، ومن هناك انطلقت إلى باقى الأقطار العربية، أعلن تنظيم «داعش» الإرهابي منه عن وجوده، متجاوزًا، في بضعة شهور، حدوده إلى رقع جغرافية متفرقة.

المغرب العربي هو الآخر، وفد منه المئات من المعلمين الأوائل للتصوف، وتمثل الصوفيَّة لديه وجدانًا شعبيًّا أكثر منها مدرسة لفهم الدين، ورغم ذلك يستقبل في صحرائه أحد أقوى فروع تنظيم «القاعدة» الإرهابي، لاسيما المغاربيين الذين أدرجتهم الولايات المتحدة الأمريكية على قوائم المطلوبين، في أعقاب أحداث 11 سبتمبر2001. 

وإذ قلنا إن التطرف الديني درجات؛ يبدأ من الجماعات المحلية إلى تلك الأكثر تعقيدًا ذات السمة العالمية مثل «داعش» و«القاعدة»، فكيف سمح مهد التصوف، بخروج هذا الشكل المعقد للتطرف، وكيف سمح صوفية العراق والمغرب العربي بخروج «داعش» وتأسيس فرع لـ«القاعدة»؟

خلل أحوال الصوفية

يشرح مصطفى زهران، الباحث في الشؤون الصوفية، الوضع فيقول إن السبب الأول يعود لخلل في أحوال الصوفية العربية منذ أمد طويل، مشيرًا إلى إنها فقدت ثقلها منذ اهتمت بالشكل والأمور الفلكورية تاركة المنهج ومضمونه.

ويلفت في تصريح لـ«المرجع»، إلى أن هذا الوضع يعيشه التصوف العربي بشكل عام بداية من العراق وسوريا ومصر، وحتى المملكة المغربية، متابعًا أن بعض الدول تشهد حراكًا صوفيًّا للتخلص مما سماه «الركود الصوفي»، إلا إن جميعها مازالت «محاولات ضعيفة عاجزة عن إحياء التصوف أو استعادة قوته.

ويشير إلى أن أزمة هذه الطرق ليس في منهج تمتلكه «فالمنهج قوي»، ولكن في تعاطي الطرق مع مناهجها وعدم دراستها الكاملة لها.

ويتطرق إلى الوضع السياسي الذي مر به العراق على وجه الخصوص خلال حقبة الرئيس الراحل صدام حسين (2006:1936)، وعقب الغزو الأمريكي (2003)، مشيرًا إلى أن ما سبق تسبب في صعود التيارات الإسلامية ووجود نزعات انتقامية ساهمت جميعها في تكوين «داعش». 

ورأي أن الظرف السياسي العراقي، إلى جانب الترهل الصوفي السابق عليه، أدى إلى صعود التشدد الفكري دون مقاومة صوفية. 

الصحوة الصوفية

وبينما تحل الصوفية كإجابة كلما طُرح السؤال عن كيفية مواجهة التطرف، يصبح السؤال «هل صوفية المغرب العربي والعراق قادرة على الصحوة الصوفية ومن ثم طرد التطرف؟».

وزير الأوقاف التونسي، المستشار أحمد عظّوم، قال لـ«المرجع» في حوار سابق إن تونس لا تحتاج إلى خطة لإحياء التصوف ومن ثم الاعتماد عليه في مواجهة التطرف، مشيرًا إلى أن التصوف في تونس حاضر طوال الوقت، وقدرته على مواجهة التطرف وانعاش أوضاعه مازالت قائمة.

وتطرق إلى تجربة الكتاتيب التي تعتمدها تونس منذ عام 2002، وتقدم فيها فهمًا صوفيًّا للدين، معتقدًا أن هذه التجربة بمقدورها إنعاش الخطاب الديني في تونس.


إحياء التصوف

بدوره قال الباحث التاريخي المغربي، محمد بن علي اليولو الجزولي، لـ«المرجع» إن ثمة تجربة مغربية في إحياء التصوف بدأت في الأعوام الأربعة الأخيرة، موضحًا أن المملكة المغربية تبنت مشروعًا يعتمد التصوف لمواجهة التطرف، مشيرًا إلى أنه يبدو ناجحًا حتى الآن وتدفع فيه المملكة الطرق والزوايا الصوفية إلى استعادة وزنها.

وتطرق إلى الوضعية الجيدة التي يتمتع بها التصوف في المجتمع المغربي، قائلًا إنه يساعد التصوف على إحياء وجوده.

وفيما يخص سبب انتشار التشدد في المغرب العربي، للدرجة التي تجعل تنظيم «القاعدة» قادرًا على تدشين فرع له هناك، قال إن السبب يعود إلى اتساع الصحاري التي تقع داخل دول المغرب العربي، لاسيما حلم الإسلاميين باستعادة دولة الأندلس.

وإذ كان «اليولو» يرى أن التصوف في المغرب يعيش حالة انتعاشة يسعى من خلالها للإطاحة بالتطرف، فيرى مصطفى زهران، الباحث في حركات الإسلام السياسي، أن وضع العراق أسوأ من دول المغرب العربي، إذ مازال التصوف هناك هشًا لا يجد أي جهات رسمية لدعمه.

ولفت «زهران» في تصريح لـ«المرجع» إلى أن المشهد العراقى المعقد، يدفع الطرق الصوفية إلى الانزواء عن المشهد مكتفين بممارسة طقوسهم، تاركين الساحة للمواجهات بين الدولة العراقية من ناحية والمتطرفين من ناحية أخرى.

شارك