بعد «أضحية العيد».. نيران الاضطهاد الديني تطارد الأقليات في الهند
الأحد 26/أغسطس/2018 - 08:50 ص
طباعة
إسلام محمد
ما إن مرت أيام عيد الأضحى بسلام حتى تنفس مسلمو الهند الصعداء، ففي كل عامٍ تمثل هذه المناسبة فرصة للمتطرفين الهندوس، الذين تصل نسبتهم إلى 80% من إجمالي عدد السكان، للتنكيل بالأقلية المسلمة البالغة 14% من إجمالي التعداد العام، بحجة قيام المسلمين بذبح الأبقار المقدسة لدى الهندوس، إذ تركز جماعات حماية الأبقار جهودها في تتبع أنشطة المسلمين، والتحريض ضدهم، حتى إن عددًا ممن اتهموا بذبح الماشية لقوا حتفهم بمجرد الإشاعة عنهم بذلك، في حين اتضح بعد قتلهم أنها كانت مجرد لحوم أغنام.
وقد شهد أغسطس الجاري، استقالة النائب البرلماني عن حزب «بهاراتيا جاناتا»، «تي راجا سينغ لوده»، بحجة التركيز على «حماية البقر خلال عيد الأضحى»، في وقت تتصاعد فيه موجات الإسلاموفوبيا تحت حكم رئيس الوزراء، ناريندا مودي، وحزبه بهارتيا جاناتا، اليميني المتعصب.
وفي العام الماضي حاولت الحكومة الهندية فرض حظر على بيع وشراء الماشية من الأسواق بغرض الذبح، لكنها ما لبثت أن تراجعت عنه.
ومنذ وصول «مودي» للحكم عام 2014، تصاعدت موجات التعصب ضد الأقلية المسلمة، بينما حصلت الأقليات الدينية المضطهدة القادمة من دول الجوار على كثير من الامتيازات، منها تأشيرات الإقامة طويلة المدى والسماح لهم بالتملك وافتتاح المشروعات التجارية، واستصدار بطاقات هوية، ورخص قيادة، وفتح حسابات بنكية، والالتحاق بالمدارس والكليات والجامعات والمعاهد الفنية من دون الحاجة لإجراءات خاصة.
في عام 2016، جرى تعديل تشريعي نص على أن الأقليات المضطهدة في الدول المجاورة من الهندوس، والسيخ، والبوذيين، والجاينجيين، والبارسيين والمسيحيين، التي قدمت للهند، لا يتم معاملتهم كلاجئين غير شرعيين بل يسمح لهم بالبقاء في الهند وطلب الجنسية، على حين لا يحصل اللاجئون المسلمون الفارون من مجازر ميانمار على المزايا التي تمنحها الحكومة لغيرهم من الأقليات الدينية في دول الجوار.
وقد كان الحزب الحاكم واضحًا في هذا الأمر منذ البداية، ففي برنامجه الانتخابي قبيل الانتخابات البرلمانية عام 2014، أعلن أن الهند وطن للهندوس.
بعد «أضحية العيد»..وسبق أن شبه رئيس الوزراء الحالي، ناريندا مودي في مقابلة مع وكالة رويترز، مقتل مئات المسلمين في أعمال الشغب عام 2002 أثناء ولايته لولاية جوجارات، بأنها مثل دهس كلب على طريق سريع، وفي عام 2003، أقرت حكومته قانونًا لمكافحة التحول إلى الديانة المسيحية أو الإسلام.
وقد شهدت البلاد منذ بضعة أشهر حالة من الغليان الطائفي بسبب الاحتجاجات التي نظمها اليمين الهندوسي اعتراضًا على محاكمة ثمانية رجال من الهندوس اتهموا باغتصاب طفلة من الأقلية المسلمة في الثامنة من عمرها في مدينة «جامو» شمال البلاد.
وبالرغم من أن عددًا من أفراد الأقلية المسلمة يحظون بشعبية جارفة في الهند، فإن ذلك لم يحمهم من موجات التعصب الديني التي يقودها حزب «بهاراتيا جاناتا» الحاكم، فقد سبق وقادت «سادهفي براتشي» القيادية بالحزب حملة لتشويه نجوم السينما من أبناء الأقلية، على اعتبار أن الأفلام التي شاركوا بها لا تخدم القيم الهندوسية، وركزت على شاروخان وعامر خان وسلمان خان، قائلة إن أفلام الخانات لا تترك الآثار الجيدة في نفوس الأطفال، ودعت لمقاطعتهم وعدم مشاهدة أي فيلم يظهرون فيه.
وعقب فوز «مودي» برئاسة الوزراء، نقلت صحف أجنبية عن النجم السينمائي عامر خان، تصريحات قال فيها: «نجوم السينما المسلمون يتعرضون للنقد بألفاظ بذيئة من النقاد الهندوس..عشت حياتي كاملة مع زوجتي هنا في الهند، لكنها تسألني للمرة الأولى ما إذا كان علينا أن نغادر، وهو كلام كان له وقع سيئ على نفسي».
وردًا علي بيانه خصص حزب «شيف سينا» الهندوسي مبلغًا يصل إلى مليون روبية، ما يعادل 134 ألف دولار أمريكي، مكافأة لمن يصفع وجه النجم، كما دشن نشطاء يتبعون الحزب ذاته موقعًا على الإنترنت يسخر منه، وأنشأوا موقعا على الإنترنت يُدعي «اصفع عامر» يسمح لرواده ومستخدميه بصفع صورة عامر، وتظهر التغييرات على وجهه بعد كل صفعة، بل إن نفس الحزب حجز تذاكر سفر إلى باكستان المجاورة ذات الأغلبية المسلمة باسم «عامر» وأفراد أسرته، داعيًا إياهم لاستخدامها وعدم العودة مجددًا للبلاد.
وقد سبق وأعرب المفوض السامي لحقوق الإنسان «زيد رعد بن الحسين» عن قلقه البالغ من تزايد انتهاكات حقوق الإنسان في الهند، مبينا أنه يشعر بالانزعاج الشديد من التمييز والعنف الموجه ضد الأقليات، بما في ذلك الداليت المنبوذين وغيرهم من الطوائف، والأقليات الدينية مثل المسلمين في الهند.