«الوارث النبوي».. دليل المتصوفة للوصول إلى السماء

الأحد 26/أغسطس/2018 - 03:43 م
طباعة «الوارث النبوي».. سارة رشاد
 
تملك الصوفية عالمًا متكامل الأركان؛ فهذا هو الإله.. وذاك هو طريقه الذي يسير فيه عبد فقير يُدعى «المُريد»، ولنجاح هذا المسير يعتقد المتصوفة بحتمية وجود مرشد أو دليل، فيقول العالم الصوفي السوري مصطفى البكري (1688: 1748) الذي أدخل إلى مصر الطريقة الخلواتية (إحدى الطرق الممتدة في المنطقة العربية): «إلهي دلني على من يدلني عليك، وأوصلني يا مولاي إلى من يوصلني إليك».
والدليل الذي يدعو «البكري» بالوصول إليه يُعرف لدى الصوفية بـ«الوارث النبوي»، أو «وريث الأنوار المحمدية»، ويكون شيخ وحيد في زمانه حتى وإن تعددت المشايخ، ويشترط أن يكون هذا الوارث حاصل على علمه من عالم وارث نبوي راحل عنه يكون قد أخذ من راحل أخرى، وهكذا إلى أن تصل إلى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.

استمدت «الصوفية» فكرة «الوارث النبوي» من تفسيرها لآيات قرآنية أوصت بالاستعانة بأهل العلم كما في الآيات: (الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا)، أو (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين)؛ إذ يرى المتصوفة فيها أمرًا مباشرًا بالبحث عن هذا الخبير أو كما يسميه الصوفية بـ«الوراث».

وتُشبّه العلاقة بين «الوارث النبوي» و«المُريد» بـ«الولادة» التي تسمح للمتصوف بالوصول إلى الله، وفهم الإرث النبوي فهمًا صحيحًا، فيعتبر الوارث هنا هو السبيل الوحيد لفهم «الإرث النبوي»، وبدونه يستحيل الوصول.

ولا يرتبط دور الوارث بمرحلة، بل يعتبر تهذيبًا مستمرًّا لسلوك مُريديه، وقتل حب الذات في نفوسهم، حتى تحيى قلوبهم ويكونوا صالحين للوصول إلى الله، وبذلك الوارث النبوي هو «المربّي».
ولأهمية دور هذا الوارث تناولت مراجع صوفية كثيرة كيفية التعرف عليه، وتناولت سلسلة مقالات منشورة للباحث والمفكر الإسلامي التونسي الصوفي، «بدري بن منور المدني»، كيفية الوصول إلى «الوارث» وعدم الوقوع في شباك من يزعمون دوره، يقول: «إذا لم يجد أحدًا في مدينته فليبحث عنه في مدن أخرى، ألا ترى المريض يسافر إلى بلدة ثانية للتداوي إذا لم يجد الطبيب المختص، أو حين يعجز أطباء مدينته عن تشخيص دائه، ومعرفة دوائه. ومداواة الأرواح تحتاج إلى أطباء أمهر من أطباء الأجسام».

ولعدم تحديد المنهج الصوفي لمعيار واضح يحكم عملية معرفة الوارث، اتجه عدد ليس بالقليل من حديثي التصوف إلى الزعم بوراثتهم للإرث النبوي، مدعين رؤية الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الحلم أو في اليقظة؛ ما جلب انتقاداتٍ واسعةً للصوفية.

ولمعالجة الوضع يحاول قطاع كبير من مشايخ الطرق توضيح ماهية هذا الوارث؛ لتبرئة الصوفية مما ينسبه لها من اتهامات بـ«الخرافات».

شارك