ليكسبريس: المذكرة السرية لوزارة الخارجية الفرنسية حول أزمة اللاجئين
الإثنين 27/أغسطس/2018 - 08:51 ص
طباعة
لوران ليجي
الوثيقة التي وقعت عليها الوزيرة ناتاي لوازو، والتي حصلت «ليكسبريس» على نسخة منها تتطرق لهذا الموضوع الشائك.
في الوقت الذي يبقى 150 مهاجرًا غير شرعي عالقين في ميناء إيطالي، بسبب رفض روما استقبالهم، صدرت مذكرة سرية بتوقيع الوزيرة المكلفة بالشؤون الأوروبية لدى جان إيف لودريان، ناتالي لوازو، وذلك بتاريخ 3 أغسطس 2018، تمكنت «ليكسبريس» من الحصول على نسخة منها، حيث توضح جيدًا مايجري في كواليس الرهانات ومسائل الهجرة.
وتقترح الوزيرة في البداية أن على باريس «اتخاذ موقف الضعف» في خطابها و«مواصلة تقديم أفكار جديدة مناسبة لقيمها ومصالحها». و يبدو أن الهدف من ذلك واضح ، حيث يتعلق الأمر «ممارسة السرد في مسألة الهجرة بدل تحمل أعبائها» أي الإعلام قبل كل شيء.
وتشير إلى أن «القادة الشعبويون» الأوروبيين (في إيطاليا و هنغاريا) لا ينوون التخلي عن «حبل الهجرة» الذي يجمعهم في المستقبل القريب، و حسب الوثيقة دائمًا، «أن مواصلتهم في فرض قراءتهم الخاصة (إيطاليا منبوذة، أوروبا غير مجدية، سيادة وهوية هذه الدول مهددة) و ممارساتهم الخاصة، الطرد الجماعي، غلق الموانئ، دون ان ننسى مدى خطورة انتقاد إيطاليا لاتفاقية سامبيري»، يتعلق الأمر بنص يحكم التعاون الأمني و الجمركي بين باريس و روما.
رئاسة نمساوية «خطيرة»
و تشير ناتالي لوازو إلى أن الاتحاد الأوروبي كان قادرًا على احتواء «قدوم مليوني شخص» لدى حصول أزمة المهاجرين في 2015، رغم أنه لم يكن يتمتع بكفاءات واسعة، وهو كفيل بتدمير أسطورة «أوروبا المصفاة». وفي مواجهة العراقيل الإيطالية، تشير كذلك إلى أن الظروف كافية لمحاربة فكرة «إيطاليا المتروكة لحالها» وأنها بلد «الأكثر عرضة لدخول المهاجرين» بمجرد أن يتم «تدوير هذه الفكرة عند اليمين المتطرف وأن يصبح الوضع متحركًا». وتكشف الوزيرة أنه ليست فقط خارطة الفروع من تحولت بل «الاتحاد لم يكن قادرًا أن يكون حاضرًا في أوروبا»، مذكرة بالصعوبات التي واجهتها المديرية العامة للأمن و جهاز "«فرونتكس» (حراس الحدود و حراس الشواطئ الأوروبي) حيث واجه كلاهما «أعذار السيادة الإيطالية» إلى جانب عدد و فاعلية ضئيلة لنقاط دخول المهاجرين.
وعلى العموم لا يمكن «اختزال مسألة الهجرة في الحد من الإقبال أو التحركات»، بل يجب معرفة «كيفية إدماج المهاجرين، تفادي حشدهم في ظروف مزرية في قلب المدن الكبيرة» و «ضمان عودة» المهاجرين الاقتصاديين إلى بلدانهم الأصلية .
وحسب الوثيقة فإن الحلول التي قدمها المجلس الأوروبي شهر يوينو الماضي «غير مجدية» و مستمدة من «غياب الأجندة و المنهج» سيما حين تجازف الرئاسة النمساوية «بإظهار ضعفها، بل مدى خطورتها في هذه المسائل». و مع ذلك أكدت الوزيرة على عكس ذلك في ٢٢ أغسطس الماضي على قناة أورويا ١ حين قالت :«إن كل الأمور قيد التنفيذ و هي تجري على ما يرام».
هاهي تكتب في مذكرتها إن لا أحد يرغب في مقترح مراكز الاستقبال. و ماذا عن التعاون مع ليبيا؟ الأمور تسير بشكل ضئيل جدًا، و دعم تكوين حراس الحدود الليبيين «تشرف عليها إيطاليا منذ سنين عديدة» و يبدو أن الموضوع في غاية الحساسية «لا تريد روما أن نتدخل و ستعرقل أية مبادرة أخرى سوى مساهمة مالية من عند الأوروبيين».
ندوة دولية ضد المتاجرة بالبشر
و ماذا عن العملية البحرية صوفيا، التي تضم عسكريين أوروبيين لمكافحة العابرين وتهريب الأسلحة؟ «مجرد إجابة سيئة لتحديات حقيقية». بل هي تمثل «أداة لإنقاذ الأرواح البشرية للمهاجرين التائهين» ولهذا تؤكد الوزيرة أن ماتيو سلفيني يتعامل مع «صوفيا» «بحذر»: «يجب أن نتركه يتحمل الأثر المعنوي الناجم عن إيقاف العملية ( التي أطلقت بطلب من إيطاليا) ». و أمام غياب نتائج كافية في محاربة العابرين، تقترح الوزيرة تنظيم «ندوة دولية لمحاربة تهريب البشر».
وماذا تقترح الوزيرة المكلفة بأوروبا فيما يتعلق بالـ"فرونتكس"؟ يجب التفكير مليًا قبل اقتراح دعمها. يجب بالفعل «الكثير من الرجال في ظل ولاية معززة». و مع هذا يستحيل على حارس حدود فنلندي لا يتقن العربية أو اليونانية أن يكون نافعًا في الجزر اليونانية و سيكون ذلك «مكلفا». أما فيما يتعلق بمراجعة قانون دبلن حول استقبال طالبي اللجوء في أوروبا تقول الوزيرة: «نظريا لدينا مصلحة في ذلك» لكن «الوضع السياسي الحالي في أوروبا يفرض الواقعية و بالتالي الحذر، فقد أصبحت الطاولة الأوروبية تضم عددًا كبيرًا من الفاعلين» الذين لديهم مصلحة في «تفجير هذا الوضع»- يمكن لإيطاليا و كذلك بدرجة أقل اليونان وإسبانيا، «التخلي بسهولة عن مسؤولياتها كبلدان الإقبال الأول، و حتى تسجيل الوافدين «سلوك سينجر عنه عواقب وخيمة لباقي دول الاتحاد».
وتلح الوزيرة حول ضرورة "التقدم في مشروع مراكز المراقبة، التي وصفتها بأماكن (حيث يتم تحديد هوية ثم انتقاء طالبي اللجوء السياسي، الذي يستوجب استقبالهم، و المهاجرين الاقتصاديين، الذين لا ترغب فيهم أوروبا) "بالإجابة الوحيدة الممكنة لمعضلة عملية الانقاذ من البحار". و على العموم يبدو أن أوروبا التي تريدها الوزيرة ناتالي لوازو «مسيطرة على قدرها» ليست على اتم الاستعداد للتكتل حول مسألة المهاجرين القابلة للانفجار في أية لحظة.