«الجعفري».. معلم «الرفاعية» بصعيد مصر
الثلاثاء 28/أغسطس/2018 - 03:01 م
طباعة
سارة رشاد
من بين مُعلمين اجتهدوا في تعريف المصريين بفكر القطب الصوفي العراقي أحمد الرفاعي، كان شيخًا صعيديًّا ينسب للنسل النبوي هو «عبدالمنعم الجعفري»، الذي يحتفل رفاعيو مصر غدًا الثلاثاء بمولده عرفانًا بجميله، وينتهي الخميس.
وينسب للجعفري دوره في نشر المنهج الرفاعي بين قرى الجنوب المصري، إذ يحظى بمكانة في قائمة الرفاعيين الذين قدموا طريقتهم العراقية للمصريين.
وتبدأ القائمة في القرن السابع الهجري، عندما عرفت مصر مبادئ التصوف على يد ضيف عراقي يدعى «أبو الفتح الواسطي».
قدم «الواسطي» إلى مصر، بوصية من إمامه القطب الصوفي العراقي «أحمد الرفاعي»، الذي أشار عليه بالذهاب إلى الإسكندرية لنشر منهج طريقته الرفاعية، ونزل الضيف العراقي بالمدينة الساحلية عام 620 ه وعمل على نشر منهج إمامه الرفاعي على مدار 12 عامًا مات بعدها ودفن بمسجد يعرف اليوم بمسجد «الواسطي».
وبعد ذلك بنحو نصف قرن، استقبلت مصر ضيفًا عراقيًّا جديدًا، وهذه المرة هو الحفيد الأقرب للرفاعي ويدعى أحمد الصياد وطاف الصياد عقب وفاة «الرفاعي» دولا عربية كثيرة، من ضمنها مصر، ناشرًا منهج جده في التصوف منهج الطريقة الرفاعية، وعندما نزل الصياد بمصر تزوج من ابنة أحد أمراء المماليك لينجب علي أبوشباك، الذي أسس بعد ذلك فرع الطريقة الرفاعية في مصر ويطلق عليه مريدو الطريقة «الرفاعي الصغير» نسبة لجده القطب الصوفي العراقي أحمد الرفاعي.
وإذ كان هؤلاء، هم رواد المنهج الرفاعي، فماهو هذا المنهج؟
مبدئيًا، تعرف الطريقة الرفاعية بأنها من كبرى الطرق الصوفية في مصر من حيث عدد المريدين؛ إذ يبلغ عدد المسجلين في قوائمها سبعة ملايين مريد، فيما يتلخص منهجها في بعض القيم الإنسانية المأخوذة عن شيخها الأول أحمد الرفاعي، فيتراوح منهج الرفاعي بين الزهد والسخاء وخدمة الضعفاء، فيروى عنه إنه كان يحترم الكبير والصغير؛ فلا يخاطب الصغير إلا بـ«سيدي»، وكثير الذكر والصلاة.
ويرصد كتاب «الفيوضات المحمدية على الطريقة الرفاعية» للشيخ فواز الطباع الحسني، جوانب من منهج الرفاعي، فيقول: «كان كالعصب المهند، فشدَّ بالطريق فخاره، وجدد بهمته آثارها، وكان للحقيقة البيضاء والطريقة السمحاء الحصن الحصين، يجبر المنكسر، ويعالج المريض، ويصل الرحم».
وفيما يخص القضايا الدينية نصح الرفاعي اتباعه بالالتزام بالقرآن والسنة دون التطرق أو الدخول في تفاصيل الأمور العبادية أو كيفية تأديتها، وهو الوضع الذي يؤخذ على الطريقة إذ تُتهم بأنها تهمش العبادات مقابل الاهتمام بأمور أخرى من صنع الطريقة من بينها «الأوراد».
وتحمل الرفاعية تراثًا ضخمًا من الأوراد، عبارة عن طقوس نُقلت عن مؤسس الطريقة ومشايخها الأوائل ويلتزم بها المريدون كنوع من التبرك والتقرب إلى الله ثم الأولياء.
ويستهل الرفاعية أعمالهم وأورادهم بدعاء «الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.. إلى آخره»، كما تحدد الطريقة أورادًا عقب كل صلاة وبين الصلوات وهي الأوراد التي تصنف بـ«البدع» لدى السلفيين.
«الرفاعية» اشتهرت بعمل قطاع كبير منها بترويض الثعابين، حتى سُمي من يعمل بمهنة استخراج الثعابين من البيوت في مصر بـ«الرفاعي»، وتعرف المهنة على نطاق واسع بمنطقة القلعة التي يوجد بها مسجد الرفاعي، ويقول أصحابها إنها تعتمد في جزء منها على المهارات الشخصية بالإضافة لكرامة الرفاعي الذي يتلو على الثعبان عبارة يقول إنه يتمكن من خلالها من تسّخير الثعابين.
وانطلقت الفكرة داخل الطريقة من الروايات المنقولة عن الرفاعي الأول، إذ كان يقطن بقرية في العراق تدعى «أم عبيدة» وكانت تعرف بكثرة وجود الثعابين، وتقول الروايات إن الله سخر للرفاعي هذه الثعابين لحمايته كنوع من الكرامات، وهو ما يؤكده شيخ الطريقة «طارق الرفاعي»، لكنه ينفي أن تمتد هذه الكرامة إلى أي مريد.
وعلى خلفية ذلك تلقت الطريقة انتقادات بعضها لاعتبار هذه العادة بدعة وبعضها الآخر لعمل عدد كبير من مدعي النصب بمهنة الرفاعي وهو ما أساء للطريقة ومريديها.
وسواء كان هذا أو ذاك فالطريقة بدورها، بدأت منذ فترة ليست بعيدة نفي علاقتها بمهنة ترويض الثعابين، إلا أن هذا النفي يظل ضعيفًا طالما بقى أبناء الرفاعية يحتفظون بعاداتهم باللعب بالسيوف والثعابين والنار في مولد أحمد الرفاعي كل عام.
وتتهم الرفاعية بتقربها من المذهب الشيعي، إذ يستدل الحاملون لهذا الرأي على رأيهم بالراية السوداء التي تتخذها الطريقة شعارًا لها وتقترب من الأعلام والعمائم السوداء التي تعبر عن الشيعة.
وتفسر الطريقة اختيارها لهذا اللون بأن الأسود هو لون عمائم الرسول صلى الله عليه وسلم إلى جانب الأبيض، وتم الاستقرار على الأسود تحديدًا اقتداءً بأحمد الرفاعي الذي يقولون عن عمامته السوداء «خرقته المباركة».
ويتابع الرافضون للطريقة استدلالهم على ربطهم بين الرفاعية والشيعة بالخلوة التي يدخل فيها أتباع الطريقة وتعرف بـ«الخلوة الأسبوعية».
وتحدد الطريقة لهذه الخلوة اليوم الثاني من عاشوراء الموافق الحادي عشر من محرم، وتعتبر أحد شروط الالتحاق بالطريقة، ويرى هؤلاء أن هذا التوقيت من العام يتزامن مع الطقوس التي يدخل فيها الشيعة لإحياء ذكرى عاشوراء، وهو ما يعتبرونه تدعيما لرأيهم.
وينسب للجعفري دوره في نشر المنهج الرفاعي بين قرى الجنوب المصري، إذ يحظى بمكانة في قائمة الرفاعيين الذين قدموا طريقتهم العراقية للمصريين.
وتبدأ القائمة في القرن السابع الهجري، عندما عرفت مصر مبادئ التصوف على يد ضيف عراقي يدعى «أبو الفتح الواسطي».
قدم «الواسطي» إلى مصر، بوصية من إمامه القطب الصوفي العراقي «أحمد الرفاعي»، الذي أشار عليه بالذهاب إلى الإسكندرية لنشر منهج طريقته الرفاعية، ونزل الضيف العراقي بالمدينة الساحلية عام 620 ه وعمل على نشر منهج إمامه الرفاعي على مدار 12 عامًا مات بعدها ودفن بمسجد يعرف اليوم بمسجد «الواسطي».
وبعد ذلك بنحو نصف قرن، استقبلت مصر ضيفًا عراقيًّا جديدًا، وهذه المرة هو الحفيد الأقرب للرفاعي ويدعى أحمد الصياد وطاف الصياد عقب وفاة «الرفاعي» دولا عربية كثيرة، من ضمنها مصر، ناشرًا منهج جده في التصوف منهج الطريقة الرفاعية، وعندما نزل الصياد بمصر تزوج من ابنة أحد أمراء المماليك لينجب علي أبوشباك، الذي أسس بعد ذلك فرع الطريقة الرفاعية في مصر ويطلق عليه مريدو الطريقة «الرفاعي الصغير» نسبة لجده القطب الصوفي العراقي أحمد الرفاعي.
وإذ كان هؤلاء، هم رواد المنهج الرفاعي، فماهو هذا المنهج؟
مبدئيًا، تعرف الطريقة الرفاعية بأنها من كبرى الطرق الصوفية في مصر من حيث عدد المريدين؛ إذ يبلغ عدد المسجلين في قوائمها سبعة ملايين مريد، فيما يتلخص منهجها في بعض القيم الإنسانية المأخوذة عن شيخها الأول أحمد الرفاعي، فيتراوح منهج الرفاعي بين الزهد والسخاء وخدمة الضعفاء، فيروى عنه إنه كان يحترم الكبير والصغير؛ فلا يخاطب الصغير إلا بـ«سيدي»، وكثير الذكر والصلاة.
ويرصد كتاب «الفيوضات المحمدية على الطريقة الرفاعية» للشيخ فواز الطباع الحسني، جوانب من منهج الرفاعي، فيقول: «كان كالعصب المهند، فشدَّ بالطريق فخاره، وجدد بهمته آثارها، وكان للحقيقة البيضاء والطريقة السمحاء الحصن الحصين، يجبر المنكسر، ويعالج المريض، ويصل الرحم».
وفيما يخص القضايا الدينية نصح الرفاعي اتباعه بالالتزام بالقرآن والسنة دون التطرق أو الدخول في تفاصيل الأمور العبادية أو كيفية تأديتها، وهو الوضع الذي يؤخذ على الطريقة إذ تُتهم بأنها تهمش العبادات مقابل الاهتمام بأمور أخرى من صنع الطريقة من بينها «الأوراد».
وتحمل الرفاعية تراثًا ضخمًا من الأوراد، عبارة عن طقوس نُقلت عن مؤسس الطريقة ومشايخها الأوائل ويلتزم بها المريدون كنوع من التبرك والتقرب إلى الله ثم الأولياء.
ويستهل الرفاعية أعمالهم وأورادهم بدعاء «الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.. إلى آخره»، كما تحدد الطريقة أورادًا عقب كل صلاة وبين الصلوات وهي الأوراد التي تصنف بـ«البدع» لدى السلفيين.
«الرفاعية» اشتهرت بعمل قطاع كبير منها بترويض الثعابين، حتى سُمي من يعمل بمهنة استخراج الثعابين من البيوت في مصر بـ«الرفاعي»، وتعرف المهنة على نطاق واسع بمنطقة القلعة التي يوجد بها مسجد الرفاعي، ويقول أصحابها إنها تعتمد في جزء منها على المهارات الشخصية بالإضافة لكرامة الرفاعي الذي يتلو على الثعبان عبارة يقول إنه يتمكن من خلالها من تسّخير الثعابين.
وانطلقت الفكرة داخل الطريقة من الروايات المنقولة عن الرفاعي الأول، إذ كان يقطن بقرية في العراق تدعى «أم عبيدة» وكانت تعرف بكثرة وجود الثعابين، وتقول الروايات إن الله سخر للرفاعي هذه الثعابين لحمايته كنوع من الكرامات، وهو ما يؤكده شيخ الطريقة «طارق الرفاعي»، لكنه ينفي أن تمتد هذه الكرامة إلى أي مريد.
وعلى خلفية ذلك تلقت الطريقة انتقادات بعضها لاعتبار هذه العادة بدعة وبعضها الآخر لعمل عدد كبير من مدعي النصب بمهنة الرفاعي وهو ما أساء للطريقة ومريديها.
وسواء كان هذا أو ذاك فالطريقة بدورها، بدأت منذ فترة ليست بعيدة نفي علاقتها بمهنة ترويض الثعابين، إلا أن هذا النفي يظل ضعيفًا طالما بقى أبناء الرفاعية يحتفظون بعاداتهم باللعب بالسيوف والثعابين والنار في مولد أحمد الرفاعي كل عام.
وتتهم الرفاعية بتقربها من المذهب الشيعي، إذ يستدل الحاملون لهذا الرأي على رأيهم بالراية السوداء التي تتخذها الطريقة شعارًا لها وتقترب من الأعلام والعمائم السوداء التي تعبر عن الشيعة.
وتفسر الطريقة اختيارها لهذا اللون بأن الأسود هو لون عمائم الرسول صلى الله عليه وسلم إلى جانب الأبيض، وتم الاستقرار على الأسود تحديدًا اقتداءً بأحمد الرفاعي الذي يقولون عن عمامته السوداء «خرقته المباركة».
ويتابع الرافضون للطريقة استدلالهم على ربطهم بين الرفاعية والشيعة بالخلوة التي يدخل فيها أتباع الطريقة وتعرف بـ«الخلوة الأسبوعية».
وتحدد الطريقة لهذه الخلوة اليوم الثاني من عاشوراء الموافق الحادي عشر من محرم، وتعتبر أحد شروط الالتحاق بالطريقة، ويرى هؤلاء أن هذا التوقيت من العام يتزامن مع الطقوس التي يدخل فيها الشيعة لإحياء ذكرى عاشوراء، وهو ما يعتبرونه تدعيما لرأيهم.