الموقف المصري تجاه القضايا العربية.. وضوح وثبات ورؤية شاملة
الجمعة 31/أغسطس/2018 - 08:17 ص
طباعة
نهلة عبدالمنعم
تعد مصر- جغرافيًّا وتاريخيًّا- قلب الوطن العربي، الملتهب بالصراعات والمعارك حامية الوطيس التي تعود جذور بعضها ربما إلى مئات السنين، إلا أنه مؤخرًا زادت حدت تلك الصراعات الداخلية وتطورت من مجرد صراعات إلى حروب حقيقية كانت نتائجها إنهاك حدود وتشريد شعوب بأكملها.
وفي ظل هذا الزخم السياسي واحتدام قضايا المنطقة العربية، يظهر موقف مصر، ثابتًا وراسخًا تجاه كل تلك القضايا، لا سيما سوريا والعراق وليبيا واليمن، رافضةً كل الرفض وجود ميليشيات مسلحة في أي دولة عربية.
ففي كل من سوريا والعراق واليمن وليبيا والصومال ذبح الإرهاب ونحر بسكين التطرف أبرياء وضحايا لا ذنب لهم سوى انتمائهم لتلك الدول التي أكلتها الصراعات وأحرقتها نيران الطائفية، في الوقت الذي أكد فيه الرئيس عبدالفتاح السيسي- خلال المؤتمر الوطني للشباب في نسخته الأخيرة، يوليو 2018، أن العناية الإلهية أنقذت مصر من المصير الذي تواجهه بعض الدول الشقيقة.
فمصر أبدًا لم تكن بعيدة عن هذا المخطط الموحش، فقد سقطت في براثن الفوضى الناجمة عن المتاجرة بالدين، فترة لم تطل، فقد أدرك شعبها وفطن سريعًا لما يحاك ضدهم، ولذلك انتظموا في صفوف ملأت الشوارع في 30 يونيو عام 2013 لطرد جماعة الإخوان- التي أعلنت إرهابية فيما بعد- من على سدة الحكم المصري لتستقيم أمور الدولة، وتخرج بأمان- سريعًا جدًا- من لعبة المصالح والتحالفات وحكم الجماعات الظلامية.
الرئيس عبدالفتاح السيسي، تحدث بشكل واضح عن موقف مصر إزاء القضايا المرتبطة بالإرهاب، والتي لم تكن إلا محصلة بديهية للتطرف الذي انتشر في عدة مناطق بالوطن العربي، الذي لا تنقصه الصراعات ولا تعوزه الفوضى، فضلًا عن انحناء كاهله بملفات معقدة وثقيلة.
سوريا.. واستراتيجية تقريب المسافات
بالنسبة للصراعات المحتدمة بسوريا صرح الرئيس خلال المؤتمر الوطني السادس للشباب بأن الدولة تسعى جاهدة لتقريب المسافات بين الحكومة الرسمية لسوريا والمعارضة المعتدلة وذلك في محاولة للتفاهم وحل الأزمة.
للمزيد: إخراج إيران من سوريا.. صفقة أمريكية برعاية روسية
وفي أبريل 2018، تحديدًا خلال كلمة الرئيس في القمة العربية التي عقدت بالسعودية، أشار السيسي إلى أن الشعب السوري هو الوحيد الذي يحق له تقرير المصير ومستقبل الدولة، فحل الأزمة السورية لا بد أن يكون متوافقًا مع رغبات شعبها وليس برعاية أو بأي تدخل إقليمي، داعيًا إلى وقف نزيف دماء الشعب السوري.
ليبيا.. الدعم الكامل للجيش الوطني
وعلى صعيد الأزمة الليبية، أعرب الرئيس السيسي أثناء النسخة السادسة لمؤتمر الشباب عن دعمه الكامل للجيش الوطني ليس لليبيا فقط بل لكل الدول العربية فالجيوش هي المسؤولة عن حماية الشعوب والأراضي والحدود، مؤكدًا رفضه التام لتواجد أي ميليشيا مسلحة داخل الحدود العربية.
علاوة على ذلك، أشار الرئيس إلى إرسال مصر قوات خاصة داخل العمق الليبي منذ سقوط الرئيس معمر القذافي في عام 2011، كما أنها تقوم بتأمين الحدود بين البلدين وضمان عدم اختراق الإرهابيين وتسللهم للعمق المصري.
كما أن السياسة المصرية تؤيد إجراء انتخابات سريعة بالبلاد لضمان استقرارها ووحدة أراضيها.
فلسطين.. انحياز مصري تام للقضية
وفيما يخص القضية الفلسطينية فموقف مصر منها دائمًا ما يتسم بالانحياز لمصالح المواطنين الفلسطينيين أولًا وأخيرًا، كما أنها تستحوذ على جزء مهم في أغلب خطابات الرؤساء المصريين لا سيما عبدالفتاح السيسي الذي سبق وأكد أن مصر ستظل تعترف بالقدس الشرقية عاصمة لفلسطين وأن حدودها هي المتفق عليها منذ عام 1967.
أما صفقة القرن وما يثار حولها من لغط فأكد السيسي عدة مرات أن مصر تؤيد فقط حقوق الفلسطينيين في العيش بسلام داخل دولتهم وأن هذه الصفقة هي فقط مصطلح إعلامي لا علاقة لها بالواقع السياسي.
وأشار الرئيس إلى أن نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس سيزيد من تعميق الأزمة الفلسطينية، ودعا الدولة المحتلة إلى البحث عن السلام، مؤكدًا أن مصر لا تنتظر حدوث الأزمات الفلسطينية ثم تبحث لها عن حل بل هي تتبع سياسة استباقية للمشاكل التي قد تحدث.
اليمن.. تأييد الشرعية
وفي أغسطس الجاري، استقبل الرئيس المصري نظيره اليمني، عبدربه منصور هادي وخلال تلك المباحثات أكد السيسي أن السياسة المصرية تدعم استقرار اليمن ووحدة أراضيه إلى جانب تأييد السلطة الشرعية للدولة.
استقرار اليمن يمثل أهمية قصوى لمصر ولأمنها القومي، حيث عبر السيسي أن الدولتين لديهما تاريخ من الكفاح المشترك.
ثوابت واضحة
ودائمًا ما يكرر الرئيس أن سياسات مصر تجاه أشقائها العرب تتسم بالوضوح والثبات، فالقيادة المصرية، وفقًا للسيسي تنحاز بشكل كامل لإرادة الشعوب وليس لتدخلات القوى الإقليمية فمن حق الشعب السوري والليبي والعراقي واليمني أن يقرروا وحدهم ما يريدون، مؤكدا أن مصر لا يمكن أن تتآمر على أي دولة من دول الجوار أو تتدخل في شؤونها الداخلية، بل ترتكز استراتيجيتها في التعامل مع الدول الشقيقة على عدة مبادئ أساسية أولها دعم الحل السياسي لأزمات المنطقة وذلك للبعد عن العمل العسكري والحروب لتجنيب الشعوب ويلاتهم، وثانيًا الحفاظ على وحدة أراضي الدول العربية ومنع تقسيمها الذي قد يؤدي إلى المزيد من العنف والاضطرابات الأمنية.
دعم الجيوش لا المليشيات
وعن السياسة المصرية الخارجية تجاه الدول العربية الشقيقة، يقول محمد صادق إسماعيل، مدير المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية إن موقف مصر واضح وثابت فهي تدعم وتساعد كل دول المنطقة التي تواجه الإرهاب والتطرف.
للمزيد «البغدادي» يكذب على أهل السنة في العراق: «جئنا لنصرتكم»
وأشار الباحث في تصريح خاص للمرجع إلى أن السياسة الخارجية المصرية دائمًا ما تتجه نحو عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، واحترام سيادتها، كما أن مصر من أهم الدول الموقعة على الاتفاقيات والمعاهدات كافة، المتعلقة بمكافحة الإرهاب وتجفيف منابع تمويله.
فيما لفت صادق إلى الموقف الرافض للإرهاب بكل صوره والذي تتبناه الدولة سواء على مستوى مناهضة تمويل الإرهاب أو الحيلولة ضد استفحال الإرهاب المعلوماتي أو الكيميائي أو البيولوجي وكل الأشكال المستحدثة للتطرف.
بينما أوضح حسن سلامة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أن مواقف مصر الثابتة تجاه الدول التي تعاني من التطرف تنبع من أن الدولة تتبنى استراتيجية متكاملة وفعالة لمكافحة الإرهاب.
وفي تصريح خاص لـ«المرجع» أكد سلامة أن الدولة المصرية لا تعادي فقط الجماعات المسلحة والمتطرفة بل أيضًا من يقوم بتمويل الإرهاب، أو يوفر له ملاذات أمنة، أو يدعمه بالسلاح.
فمصر كما يقول حسن سلامة تتصرف على أنها دولة كبيرة تحترم تاريخها الحضاري والإنساني فهي لا تتدخل في أمور الدول الأخرى كما أنها لا تتعامل إلا مع السلطات الرسمية للشعوب وليس الميليشيات.
ولعل مواقفنا الثابتة تجاه الدول الشقيقة ورفضنا التام لرعاية الإرهاب سيحفظنا دائمًا من ويلات الحروب والانزلاق إلى التطرف والهاوية.
ناجح إبراهيم لـ«المرجع»: «سيناء 2018» ضربت الإرهاب في مقتل