الأب الروحي يُضحي بأبنائه.. تركيا تُصنف «تحرير الشام» «إرهابية»

السبت 01/سبتمبر/2018 - 03:12 م
طباعة الأب الروحي يُضحي آية عز
 
صنفت الحكومة التركية، أمس الجمعة، ما تُعرف بــ«هيئة تحرير الشام» كمنظمة إرهابية، وجاء التصنيف بمرسوم جمهوري نُشر في الجريدة الرسمية، ليتطابق مع قرار الولايات المتحدة الأمريكية، يونيو الماضي، باعتبار الهيئة منظمة إرهابية بسبب صلتها بتنظيم «القاعدة»، وذلك بعد رفض الأخيرة العرض التركي مقابل حلِّ الهيئة.
وعلى الرغم من العلاقة الوثيقة التي جمعت الحكومة التركية والهيئة خلال السنوات السابقة؛ حيث قدم الجانب التركي العديد من المساعدات المختلفة لأعضاء الهيئة، شملت الأموال والعتاد والملابس والطعام، إضافة إلى ذلك كانت الهيئة تعتبر الرئيس التركي أردوغان بمثابة الأب الروحي لها، ولكن تركيا تتجه لتغيير أجندتها السياسية، ونبذ الهيئة من أجل مصالحها مع روسيا.

وبالتزامن مع القرار أعلنت بعض الفصائل المسلحة الموجودة في الشمال السوري عبر منابرها الإعلامية المختلفة خلال اليومين السابقين، رغبة تركيا في تفكيك ما تُعرف بـ«هيئة تحرير الشام»، مؤكدة أن الحكومة التركية تواصل جهودها على مستويات عدة من أجل إقناع قيادات الهيئة بأمر الحل.

وأشارت تلك الفصائل، إلى أن هناك بعض التيارات داخل الهيئة تجاوبت مع العروض التركية والبعض الآخر -وهم الأغلبية- رفضوا طلب حل الهيئة، مؤكدة أن تركيا تواجه تعقيدات كبيرة في إقناع التيارات المتشددة داخل الهيئة بأمر الحل والاندماج في فصائل أخرى لا تتبنى فكر تنظيم «القاعدة»، وذلك لأن معظم القيادات في الهيئة ترغب في إقامة إمارة إسلامية في الشمال السوري؛ ولهذا السبب يرفضون طلب تركيا.

وبسبب تعنت قيادات هيئة تحرير الشام بشأن أمر الحل، اشتعل غضب الحكومة التركية، وبدأت شن حرب نفسية عبر وسائل إعلامها، وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، أن الهيئة تفككت، وأن بها خلافات وانشقاقات، إلى أن خرجت الهيئة عن صمتها، ونشرت بيانًا عبر أحد المنابر الإعلامية التابعة لها، مؤكدة عدم وجود أي خلافات داخلها، وأنها مازالت موجودة على الساحة السياسية ولم تتفكك، وأن كل ما نشر ما هو إلا عبارة عن شائعات مغرضة، بحسب ما قالته.

ضغوط روسية
ويقول هشام النجار، الباحث في شؤون الحركات المتطرفة: إن تركيا ترغب في تفكيك هيئة تحرير الشام بضغوط من روسيا، لتفادي الهجوم على «إدلب» وفق تفاهمات مشتركة بين موسكو وأنقرة.

للمزيد: دوافع اقتتال «هيئة الشام» و«تحرير سوريا»

وأكد النجار في تصريح لـ«المرجع»، أن الرئيس التركي يفاضل خلال هذه المرحلة بين أمرين، إما الضغط على قادة الهيئة فتحل نفسها، وإما أن يعطي الضوء الأخضر لفصائل أخرى لمواجهتها عسكريًّا، وفي كلتا الحالتين سيفي بما هو مسند إليه من قبل الروس، وسيضمن زحف الهاربين من الاقتتال إلى مناطق تمركز الأكراد في «عفرين»، وبذلك يستطيع أردوغان أن يحقق ما يصبو عليه من خلط للأوراق أمام الطموحات الكردية بشأن العودة لمناطق نفوذ الأكراد، وذلك لأن النازحين من الصراع غالبيتهم عرب، وسيضمن كذلك ألا يعبروا إلى الجانب الآخر داخل الحدود التركية.

وأشار إلى أن قيادات «تحرير الشام» تشعر في الوقت الحالي بالخطر من غدر «أردوغان»، ولذلك أكد بعض القيادات في الهيئة خلال الأيام الماضية عدم الاستسلام وتسليم السلاح، وحذروا أيضًا من التعويل على وعود «أردوغان» أو الاعتماد على نقاط المراقبة التركية في «إدلب».

وأوضح الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، أن «أردوغان» يسعى في الوقت الحالي للحيلولة دون وقوع هجوم سوري على «إدلب» لتحريرها، وتُعد هذه هي المعركة الفاصلة والحاسمة، وإذا تحقق النصر فيها فستكتب نهاية حضور «أردوغان» في المشهد السوري، وهو يناور حتى لا تدور هذه المعركة مع وجود انقسامات في صفوف الفصائل، ويحرص على التوصل للتسوية عن طريق الروس، التي تقضي بتفكيك جبهة الجولاني وطرد العناصر الأجنبية، واحتواء السوريين من جماعة الإخوان ضمن الكيان الجديد الذي تَشَكل تحت رعاية «أردوغان» مؤخرًا في الشمال السوري وغالبيته من إخوان سوريا.

للمزيد: إنفوجرافيك.. «هيئة تحرير الشام».. تعددت المُسميات والإرهاب واحد".

شارك