«أكثر من الحب».. مقهى إندونيسي لاحتواء المتطرفين العائدين

الخميس 06/سبتمبر/2018 - 11:36 ص
طباعة «أكثر من الحب».. شيماء حفظي
 
يُشكل المتطرفون العائدون من مناطق الصراعات والنزاعات، خطرًا كبيرًا على بلادهم الأصلية، خاصة المنتمين إلى صفوف تنظيم داعش الإرهابي؛ حيث تحاول كل دولة وضع برنامج لتأهيل أولئك العائدين، وفي إندونيسيا اتخذ احتواء هؤلاء العائدين شكلًا مختلفًا عن أنماط برامج إعادة التأهيل التقليدية.

وهناك مئات من الإرهابيين المرتبطين بـ«داعش» -أو بغيره من التنظيمات الإرهابية- قد عادوا إلى إندونيسيا في العام الماضي، مع مئات آخرين يقال إنهم يحاولون الفرار من الشرق الأوسط، وهو ما يجعل مواجهة التطرف في إندونيسيا مهمة أكبر من الوقت السابق.



«أكثر من الحب»، هو معنى اسم المقهى (Gandroeng)الذي يقع قريبًا من الجامعة الإسلامية، في إحدى مدن جزيرة جافا الإندونيسية، ويعمل بشكل أساسي على مواجهة التطرف، وفقًا لموقع «SBS» الأسترالي، وصاحب المقهى هو محمد إنعام، الذي يقول: إن الفكرة جاءته بعد مقتل شقيقه عن عمر يناهز 18 عامًا؛ حيث كان الفتى المراهق متطرفًا بعدما أقنعه إرهابيون بالقتال في صفوفهم كمهاجم انتحاري في حلب السورية، وفي عام 2012. نفذ تفجيرًا قتله بالطبع هو وعشرات المدنيين.



و يقول صاحب المقهى الفريد: أقول للإرهابيين السابقين إن الجهاد الحقيقي هو الحفاظ على سلام العالم، والعناية بالأسرة، وعدم شنِّ حرب، فمن الصعب التأثير على الشخص من خلال عقله وأفكاره فقط، علينا أن نعامله كإنسان ونلمس قلبه.



حظر «أنصار الدولة».. ذراع «داعش» المسلحة في إندونيسيا

أمان عبدالرحمن.. «والي داعشي» في إندونيسيا



يعمل في المقهى اثنان من الإرهابيين السابقين (أحمد أزهر، وسلمان الفالوتي ) واللذان تم إخضاعهما لبرنامج تأهيلي إصلاحي وقضيا فترة عقوبة في السجن لمدة 3 أيام في الأسبوع، يستقبلان خلالها المتطرفين السابقين.



كان «أزهر»، متهمًا في قضية إرهاب، حينما كان يبلغ 28 عامًا، وقتها صنع قنبلة في المنزل لاستهداف السفارة الأمريكية في جاكرتا، لكن السلطات أحبطت العملية، وقضى بعد ذلك عقوبة خمس سنوات في سجن يسمى (super-max)أقصى سجن أمني في سجن جزيرة جاوة الشهير نوسا كامبانغان.



أما «الفالوتي»، فسُجن بتهمة المشاركة في تدريب على الطراز العسكري مع جماعة مسلحة في إندونيسيا. وقبل إلقاء القبض عليه كان الرجل البالغ من العمر الآن 30 عامًا ينوي التوجه إلى ساحات القتال في سوريا والعراق، وبعد خروجهما من السجن، يتعلم الرجلان مهارات الضيافة والأعمال في المقهى الذي افتتح في عام 2015.



.«الكيانات المعتدلة».. سلاح إندونيسيا لمواجهة التطرف



الأستاذ المساعد محمد ويلدن من جامعة يوغياكارتا الإسلامية، يساعد «إنعام» صاحب المقهى، ويرى أن عملية إعادة التثقيف أصبحت أكثر صعوبة بسبب النقص السائد في محو الأمية الدينية والاجتماعية؛ لأن العديد من الشباب الضعفاء يقبلون ويصدقون ما يرونه ويقرأونه على الإنترنت، «مرة واحدة يتم التواء بعض الآيات القرآنية من قبل المتطرفين، ثم يتم نشرها في وسائل الإعلام الاجتماعية، وسيعتقد العديد من الناس أن غير المسلم (كافر)، وهذا ضد اعتقاد الإسلام».



وقال: إن الافتقار إلى فرص العمل والتدريب على المهارات العملية يعد من العوامل المهمة التي تُسهم في التطرف.



«مثل هذه المعاملة للإرهابيين في السجن ، ليس فقط التعامل مع الأيديولوجية ولكن التعامل مع الأشياء النفسية، وكذلك كيفية الاندماج في المجتمع ؛ لمنحهم المزيد من المهارات للعمل أو لإدارة الأعمال الصغيرة، أعتقد .. يجب أن نذهب معًا» بحسب ويلدان .



يقول «الفالوتي» –الذي كان إرهابيًّا فيما مضى: «بدأتُ أعيد التفكير في طريقة تفكيري من أن أكون متشددًا إلى درجة أكبر من التسامح»، كما يقول «أزهر»: إن الدروس المستفادة غيرت وجهة نظره حول الدين والحياة، وإنه، الآن، يشعر بالسلام.



ويؤكد «أزهر» ما استقر عليه قائلًا: «لا أريد أن أمارس العنف كوسيلة، أريد نشر الإسلام غير العنيف من خلال الوسائل السلمية».



15 ألفًا و860 لقاءً جماهيريًّا.. ماذا قدَّم الأزهر على «المقاهي الثقافية» طوال عامين؟



وعلى صعيد حكومي، تنظم إندونيسيا اجتماعات بين عشرات المسلحين المدانين والناجين من هجمات، على أمل أن تكافح التطرف وتعزز المصالحة، على أن تكون هذه الاجتماعات مغلقة على مدار ثلاثة أيام تبدأ من الاثنين، وسيسمح للصحفيين بحضور فعالية اليوم الأخير.



وبحسب ما أعلنه مدير وحدة مكافحة الإرهاب في إندونيسيا، مطلع العام 2018، سيقدم نحو 120 مسلحًا اعتذارًا لضحايا وناجين من هجمات متفرقة مثل تفجيرات بالي عام 2002 وتفجير السفارة الأسترالية في جاكرتا عام 2004، حسب مدير وكالة مكافحة الإرهاب في إندونيسيا.



وتفجيرات بالي التى وقعت عام 2002 تعتبر من أقوى الهجمات الإرهابية في تاريخ إندونيسيا، وراح ضحيتها 202 شخص، من بينهم 150 من جنسيات أجنبية.



ومؤخرًا نفذ تنظيم «داعش» الإرهابي، ثلاث هجمات هي الأولى من نوعها، لكن تنفيذ الهجمات لم يقتصر على إرهابي واحد، بل اشتركت في تنفيذها أسر كاملة.

شارك