«رسالة قاعدية مجهولة»: الوطنية كفر والانضمام للجيوش النظامية حرام!
الجمعة 07/سبتمبر/2018 - 06:17 م
طباعة
أحمد الشوربجي
لم تختلف نظرة تنظيم «القاعدة» الإرهابي لقيمة «الوطنية» والجيوش النظامية في الدول العربية وغيرها، عن نظرائه من التنظيمات الإرهابية مثل تنظيم «داعش»؛ حيث يعتبرون هذه الجيوش «كافرة» و«مرتدة» ــ وفق عقائد الإرهاب الفاسدة ــ، مع ما يترتب على ذلك من استحلال دماء الضباط والجنود، وهو ما ظهر في رسالة تداولها عناصر «القاعدة» بعنوان «حكم الانتساب للجيوش والجماعات الوطنية» لشخص يدعى «أنس خطاب».
وعلى الرغم من أن أفكار هذه التنظيمات والجماعات الإرهابية تبدو للوهلة الأولى معقدة، فإنها لا قيمة لها إذا وضعت على مائدة الدرس والتحليل، ما يؤكد ضرورة مناقشة هذه الأفكار وتفنيدها والرد عليها، حتى لا تنطلي على العديد ممن شغلتهم ظروف الحياة عن البحث أو لم يدرسوا العلوم الإسلامية.
البداية من سوريا
يبدأ التنظيم رسالته من الواقع السوري الذي يموج بالصراع بين الجيش الوطني السورى من ناحية، وبين تنظيمات وميليشيات وفصائل، تصف نفسها بـ«الوطنية» أيضًا من ناحية أخرى، والجميع - وفق الرسالة التي بين أيدينا- «كفار»، لأنهم يرفعون راية «الوطنية» التي يراها التنظيم «ردةً» عن الإسلام من وجهة نظر «القاعدة».
ويهدف «القاعدة» بهذه الرسالة إلى التحريض على الجيوش الوطنية لاستنزاف قوى البلدان الأساسية، وضياع ثرواتها في حرب إن انتصرت فيها هذه الجيوش تكون قد خسرت معظم قوتها في سبيل استعادة هيبتها، وإن انتصر هؤلاء تدخلت جيوش العالم للقضاء على الإرهاب، محققين رؤية هذه الجماعات في سحق الأوطان، وفق نظرية «شوكة النكاية والإنهاك» التي تحدث عنها القيادي الداعشي «أبوبكر الناجي» في كتابه «إدارة التوحش».
للمزيد.. يوروبول: «القاعدة» سيكون جاذبًا لعناصر «داعش» في أوروبا
فتنة «القاعدة»
وصفت رسالة «أنس الخطاب» «الوطنية»، بـ«الفتنة» التي ماجت في هذه الساحة، معتبرًا إياها مذهبًا من المذاهب العقائدية الفاسدة التي تعتمد عليها الجيوش، على اعتبار أن أي جيش لا يمكن أن يخوض غمار المعارك أو يتحمل تبعات القتال بدون عقيدة تدفعه، وهو ما يطلق عليه بالتعبير المعاصر «العقيدة القتالية»، والتي من أهم بنودها الدفاع عن وحدة الوطن وسلامة أراضيه.
وتعتبر نظرة «القاعدة» للأوطان امتدادًا لما قاله قادة جماعة الإخوان (1928)؛ أمثال سيد قطب منظر الجماعة، في مقولته الشهيرة: «ما الوطن إلا حفنة من تراب عفن»، وكذلك قول مرشد الإخوان السابق «محمد مهدى عاكف» ساخرًا من فكرة الوطن: «طظ فى مصر»، وهو ما يؤكده صاحب الرسالة بقوله: «من أراد الاستزادة من الحديث عن مذهب الوطنية، فليراجع فصل القومية والوطنية من كتاب «مذاهب فكرية معاصرة»، لـ«محمد قطب».
وحرض «خطاب» أتباعه على رفض «الوطنية» التي تساوي بين المسلمين وغير المسلمين في الحقوق والواجبات خاصة في مسألة تولي المناصب العامة، وأفتى بأن من مات دفاعًا عن وطنه، يموت كافرًا ويعذب في النار، نافيًا وجود مصطلحات «شهيد الوطن»، رغم أن الدين الإسلامي يؤكد فى حديث للنبي محمد صلى الله عليه وسلم أن «من قٌتل دون أرضه فهو شهيد».
وطنية الإسلام
وتطرقت الرسالة إلى إشكالية توهمها المتطرفون على اختلاف مذاهبهم، وهى أن «الوطنية» تتناقض مع الإسلام، على اعتبار أنها «دين» يعادي الدين الإسلامي، مرجعين ذلك إلى أن الوطنية تجعل الولاء محصورًا على أبناء الوطن الواحد بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية، وتجعلهم متساوين في الحقوق والواجبات، وهو ما ترفضه عقائد المتطرفين التي تصنف المواطنين بناءً على الفرز الطائفي وفق عقيدة كل منهم، رغم أن رسول الإسلام جعل اليهود مع المسلمين أمة واحدة، وفق صحيفة المدينة التي كتبها الرسول لتكون أول وأقدم دستور عرف المواطنة.
وجاء فى نص وثيقة النبي(«سيرة ابن اسحاق» ج1 - ص 501 - ط: مصطفى الحلبى): «هذا كتاب من محمد النبي بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب، ومن تبعهم، فلحق بهم وجاهد معهم أنهم أمة واحدة من دون الناس، وأن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين لليهود دينهم وللمسلمين دينهم»، فهنا إقرار بالمواطنة، بل أوجب الرسول على المسلمين الدفاع عن اليهود في المدينة، عند تعرضهم لاعتداء خارجي، كما يلتزم اليهود بالدفاع عن المسلمين.
واستشهد المؤلف القاعدي فى رسالته التحريضية، بمجموعة من النصوص المقدسة من القرآن والسنة، عن طريق الاجتزاء من النص الأصلي، دون التطرق للسياق الزماني والمكاني، وأسباب النزول والتفسيرات المختلفة التي وردت بشأنها، لتبرير عقيدته الفاسدة تجاه الأوطان.
للمزيد.. «داعش» و«القاعدة» يتنافسان على صراع النفوذ الإرهابي بـ«كشمير»
وعلى الرغم من أن أفكار هذه التنظيمات والجماعات الإرهابية تبدو للوهلة الأولى معقدة، فإنها لا قيمة لها إذا وضعت على مائدة الدرس والتحليل، ما يؤكد ضرورة مناقشة هذه الأفكار وتفنيدها والرد عليها، حتى لا تنطلي على العديد ممن شغلتهم ظروف الحياة عن البحث أو لم يدرسوا العلوم الإسلامية.
البداية من سوريا
يبدأ التنظيم رسالته من الواقع السوري الذي يموج بالصراع بين الجيش الوطني السورى من ناحية، وبين تنظيمات وميليشيات وفصائل، تصف نفسها بـ«الوطنية» أيضًا من ناحية أخرى، والجميع - وفق الرسالة التي بين أيدينا- «كفار»، لأنهم يرفعون راية «الوطنية» التي يراها التنظيم «ردةً» عن الإسلام من وجهة نظر «القاعدة».
ويهدف «القاعدة» بهذه الرسالة إلى التحريض على الجيوش الوطنية لاستنزاف قوى البلدان الأساسية، وضياع ثرواتها في حرب إن انتصرت فيها هذه الجيوش تكون قد خسرت معظم قوتها في سبيل استعادة هيبتها، وإن انتصر هؤلاء تدخلت جيوش العالم للقضاء على الإرهاب، محققين رؤية هذه الجماعات في سحق الأوطان، وفق نظرية «شوكة النكاية والإنهاك» التي تحدث عنها القيادي الداعشي «أبوبكر الناجي» في كتابه «إدارة التوحش».
للمزيد.. يوروبول: «القاعدة» سيكون جاذبًا لعناصر «داعش» في أوروبا
فتنة «القاعدة»
وصفت رسالة «أنس الخطاب» «الوطنية»، بـ«الفتنة» التي ماجت في هذه الساحة، معتبرًا إياها مذهبًا من المذاهب العقائدية الفاسدة التي تعتمد عليها الجيوش، على اعتبار أن أي جيش لا يمكن أن يخوض غمار المعارك أو يتحمل تبعات القتال بدون عقيدة تدفعه، وهو ما يطلق عليه بالتعبير المعاصر «العقيدة القتالية»، والتي من أهم بنودها الدفاع عن وحدة الوطن وسلامة أراضيه.
وتعتبر نظرة «القاعدة» للأوطان امتدادًا لما قاله قادة جماعة الإخوان (1928)؛ أمثال سيد قطب منظر الجماعة، في مقولته الشهيرة: «ما الوطن إلا حفنة من تراب عفن»، وكذلك قول مرشد الإخوان السابق «محمد مهدى عاكف» ساخرًا من فكرة الوطن: «طظ فى مصر»، وهو ما يؤكده صاحب الرسالة بقوله: «من أراد الاستزادة من الحديث عن مذهب الوطنية، فليراجع فصل القومية والوطنية من كتاب «مذاهب فكرية معاصرة»، لـ«محمد قطب».
وحرض «خطاب» أتباعه على رفض «الوطنية» التي تساوي بين المسلمين وغير المسلمين في الحقوق والواجبات خاصة في مسألة تولي المناصب العامة، وأفتى بأن من مات دفاعًا عن وطنه، يموت كافرًا ويعذب في النار، نافيًا وجود مصطلحات «شهيد الوطن»، رغم أن الدين الإسلامي يؤكد فى حديث للنبي محمد صلى الله عليه وسلم أن «من قٌتل دون أرضه فهو شهيد».
وطنية الإسلام
وتطرقت الرسالة إلى إشكالية توهمها المتطرفون على اختلاف مذاهبهم، وهى أن «الوطنية» تتناقض مع الإسلام، على اعتبار أنها «دين» يعادي الدين الإسلامي، مرجعين ذلك إلى أن الوطنية تجعل الولاء محصورًا على أبناء الوطن الواحد بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية، وتجعلهم متساوين في الحقوق والواجبات، وهو ما ترفضه عقائد المتطرفين التي تصنف المواطنين بناءً على الفرز الطائفي وفق عقيدة كل منهم، رغم أن رسول الإسلام جعل اليهود مع المسلمين أمة واحدة، وفق صحيفة المدينة التي كتبها الرسول لتكون أول وأقدم دستور عرف المواطنة.
وجاء فى نص وثيقة النبي(«سيرة ابن اسحاق» ج1 - ص 501 - ط: مصطفى الحلبى): «هذا كتاب من محمد النبي بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب، ومن تبعهم، فلحق بهم وجاهد معهم أنهم أمة واحدة من دون الناس، وأن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين لليهود دينهم وللمسلمين دينهم»، فهنا إقرار بالمواطنة، بل أوجب الرسول على المسلمين الدفاع عن اليهود في المدينة، عند تعرضهم لاعتداء خارجي، كما يلتزم اليهود بالدفاع عن المسلمين.
واستشهد المؤلف القاعدي فى رسالته التحريضية، بمجموعة من النصوص المقدسة من القرآن والسنة، عن طريق الاجتزاء من النص الأصلي، دون التطرق للسياق الزماني والمكاني، وأسباب النزول والتفسيرات المختلفة التي وردت بشأنها، لتبرير عقيدته الفاسدة تجاه الأوطان.
للمزيد.. «داعش» و«القاعدة» يتنافسان على صراع النفوذ الإرهابي بـ«كشمير»