باكستان.. «الأحمدية» تضع «خان» بين شِقَّي الرَّحَى

الإثنين 10/سبتمبر/2018 - 09:36 ص
طباعة باكستان.. «الأحمدية» أحمد لملوم
 
يسعى عمران خان، رئيس الوزراء الباكستاني الجديد لتنفيذ برنامجه الانتخابي، إذ وعد بتوفير 4.5 مليون فرصة عمل خلال فترة توليه السلطة، ويقوم لاعب الكريكت السابق بتشكيل فريق من الخبراء لمساعدته في تحقيق هذا الوعد، بيد أن قرار استبعاد عاطف ميان، خبير الاقتصاد العالمي والمرشح المحتمل لجائزة نوبل فرع الاقتصاد، من الفريق الاستشاري لرئيس الوزراء، كونه ينتمي لطائفة الأحمدية، التي تتعرض للاضطهاد في باكستان، لقي كثيرًا من الانتقادات.

للمزيد: مصير حركة طالبان بعد فوز عمران خان برئاسة وزراء باكستان
وقال رحيم الله يوسفزي، المحرر المقيم لصحيفة «ذا نيوز» الدولية في بيشاور فى تصريح لموقع «المرجع»: إنه كان على «خان» التأني قبل اختيار عاطف ميان في فريق المستشارين الاقتصاديين له، لكن طالما اتخذ القرار كان عليه ألا يتراجع عنه، فهذه بداية متعثرة له، وتُظهر الحكومة ضعيفة.

وأضاف «يوسفزي»: «عندما كان (خان) في المعارضة، كان يَفْخَر بأن عاطف ميان من أكبر 25 خبيرًا اقتصاديًّا في العالم، لكن هناك ضغوط من الغالبية حتى في صفوف مؤيديه خضع لها، وهو يبعث رسالة أن حكومته لا تستطيع مواجهة الانتقادات، وأنه مستعد للتراجع عن قراراته حتى وإن كانت صحيحة سياسيًّا».

فيما تساءل الكاتب الباكستاني، خان زمان كركر، في تعليقه على القرار لـ«المرجع»، قائلا: «ما الضغوط التي مارستها الغالبية لإبعاد عاطف ميان؟ إنها مجرد استراتيجية تستخدمها الدولة العميقة، من خلال تعبئة الناس، عندما نسمع عبارة (ممارسة الغالبية للضغوط) في بلادنا، فإنها غالبًا تعني أن الدولة العميقة كانت تواجه تحديًا يهددها».

وشهدت وسائل التواصل الاجتماعي في باكستان حملة دعائية مناهضة لتعيين ميان، وتم تداول منشورات عنه، وعن الطائفة الأحمدية مئات المرات، غير أن عددًا من مستخدمي هذه المواقع تحدثوا عن ضرورة النظر لمؤهلاته العلمية وخبراته كمستشار اقتصادي.

من السيد؟
يقول الخبير البحريني في الشؤون الآسيوية، الدكتور عبدالله أحمد المدني، في تعليقه على القرار لـ«المرجع»: «هذا أفضل دليل على أن السيد عمران ليس سيد نفسه، فهو واقع تحت الضغوط التقليدية «للعسكريتاريا» الذين أوصلوه للسلطة، وإن قيل إنه وصل بالانتخابات الشعبية، ومن جهة أخرى، هو واقع تحت ضغوط قوى الإسلام السياسي التي كان يوما من أشد حلفائها».

وقام عمران رسول، مدرس الاقتصاد في كلية لندن البريطانية بتقديم استقالته من فريق الاستشاريين صباح أمس السبت، 8 سبتمبر 2018، احتجاجًا على إلغاء تعيين ميان، وقال في نص استقالته التي نشرها على صفحته الشخصية على موقع «تويتر» للتغريدات: «أن يكون المعيار الذي تأخذ به القرارات هو الانتماء الديني، أمرًا يخالف كل ما أؤمن به، وعكس القيم التي أعلمها لأطفالي».

وفي أبريل الماضي، أصدرت الطائفة الأحمدية في باكستان بيانًا سنويًّا بين تنامي العداءات ضدها، بوصفها أقلية دينية، بما في ذلك تعرض أعضائها للاعتقال العشوائي، وعرقلة إدلائهم بأصواتهم في الانتخابات العامة، والحظر المطبق عليهم بعدم وصف أنفسهم بأنهم مسلمون؛ بسبب اتهامهم بأن العقيدة التي يتبعونها تمثل ازدراء للإسلام.

للمزيد: «بلاي بوي باكستان» يواجه تحديات الفقر والإرهاب
ويعتبر الأحمديون أنفسهم مسلمين لكن الغالبية من المسلمين السنة يرون أن اتباعهم لميرزا غلام أحمد، الذي أسس الطائفة في الهند عندما كانت تحت الحكم البريطاني عام 1889، بوصفه نبيًّا جاء بعد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، يعد خروجًا على العقيدة الإسلامية، وبدأ فرض قيود قانونية عام 1974 بعد إجراء تعديل دستوري في باكستان وصف «الأحمديين» بأنهم من غير المسلمين، وبعد ذلك بعشر سنوات منع الديكتاتور الجنرال ضياء الحق الأحمديين من تعريف أنفسهم بأنهم مسلمون في باكستان.

وتم تدمير أجزاء من مسجد تابع للطائفة يبلغ عمره مئة عام بإقليم البنجاب حنوبي باكستان مايو الماضي، إذ قام حشد من الناس يقوده رجال دين باقتحام وهدم قبة ومآذن المسجد، وقال سليم الدين المتحدث باسم طائفة الأحمدية في ذاك الوقت: إن مسؤولي الحكومة المحلية تواطؤوا مع الحشد لكن الشرطة نفت ذلك، وقال أسد سارفراز المسؤول بالشرطة: إن مسؤولي الحكومة المحلية كانوا بمجمع المسجد لإزالة ما وصفها، أعمال ترميم غير قانونية.

وتنشط في باكستان جماعات إسلاموية متشددة، أبرزها الفرع المحلي لحركة طالبان، وتنظيم «داعش» الإرهابي، ويرى المراقبون أنه بالإضافة إلى الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها البلاد، فإن ملف الإسلامويين المتشددين لابد أن يأخذ أولوية في أجندة رئيس الوزراء الجديد.

شارك