عراق ما بعد «داعش».. كل الطرق تؤدي لعودة التنظيم من جديد
الأحد 16/سبتمبر/2018 - 09:25 ص
طباعة
آية عز
رغم استعادة الحكومة العراقية جزءًا كبيرًا من أراضيها التي دنسها داعش بسيطرته عليها لفترة، وفي مقدمتها معقله الرئيسي في مدينة «الموصل» بمحافظة نينوى، فإن مؤشرات قوية تحمل دلالات أقوى لإمكانية عودة التنظيم الإرهابي في أي لحظة إلى المناطق المحررة.
ففي خلال الأسابيع السابقة أعلنت قوات أمريكية في العراق (توجد لمكافحة داعش)، عبر نشرات إخباريَّة أذاعها التليفزيون الأمريكي، أنها رصدت قيام مجموعات كبيرة من العناصر التابعة لداعش يقومون بإعادة تموضعهم من جديد في المناطق الحدودية للعراق، خاصة المتلاصقة مع سوريا، وبالتحديد في منطقة صحراء غرب الأنبار.
وبحسب دراسة حديثة أعدَّها مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجيَّة، عن مستقبل المناطق المحررة من داعش بعنوان: «سوريا والعراق.. مستقبل المناطق المحررة من داعش»، إنه في حالة تمكن تنظيم داعش من إعادة شن هجمات نوعية على بعض الجيوب العراقية التي يُسيطر عليها، عن طريق انتهاج أسلوب حرب العصابات، سيؤدي ذلك إلى إعاقة عملية فرض الأمن والاستقرار على المدى الطويل في المناطق العراقية المحررة.
وأشارت الدراسة، إلى أن العراق من أكثر البلدان التي يستطيع داعش العودة والتمركز فيها من جديد، بسبب توافر بيئات محلية خصبة تعاني من اضطهاد طائفي وعرقي، ما يمثل وقودًا محفزًا مثاليًّا للطائفية والفوضى والانفلات، وهو المناخ النموذجي الذي يحسن داعش استغلاله ليتغلل في النسيج العراقي.
وتوضح الدراسة، أن هزيمة تنظيم داعش في العراق لن تعني القضاء على فرص عودته، بل ستؤدي إلى انحسار عملياته فقط، أي أنه سيفقد وجوده ككيان جغرافي، لكنه- في هذه الحالة- سيتجه إلى المناطق التي فقدها وسيظل يعمل كجماعة مسلحة لا ترتبط بمنطقة مركزية معينة.
ووضعت الدراسة ثلاثة مرتكزات يستند إليها «داعش» في إستراتيجية عودته إلى المناطق المحررة في العراق، وهي:
«الأنفاق» و« المضافات»
أكد مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية، في دراسة له، أن داعش يستطيع أن يعود إلى العراق أو أي منطقة محررة عن طريق الأنفاق التي أنشأها خلال سيطرته على تلك المناطق، وتأكيدًا لما ذهبت إليه الدراسة، نشرت صحيفة «السومرية نيوز» العراقية تقريرًا يوم 17 فبراير 2018، مستندة فيه على معلومات من وزارة الدفاع العراقية، تؤكد فيه أن عدد الأنفاق التي أنشأها داعش في مناطق خضعت لسيطرته، وعُثر عليها في بداية عام 2018، يتجاوز 200 نفق مختلفي الأحجام والأطوال والتجهيزات، ومعظمها في منطقة صحراء الأنبار وبادية الموصل، كما أوضحت الصحيفة في تقريرها، إلى أن طول بعض هذه الأنفاق يتعدى 20 كليومترًا.
ورجحت الصحيفة عودة داعش من جديد إلى العراق عن طريق تلك الأنفاق؛ خاصة وأنه حتى هذه اللحظة لديه مخازن أسلحة فيها لم تعلن الأجهزة الأمنية أنها عثرت عليها (حتى وقتنا هذا).
في مايو 2018، أعلن مركز الإعلام الأمني في العراق، عبر بيان نشره على صفحته الرسمية على «فيس بوك»، عن عثور الجيش على نفق كان يستخدمه داعش وبداخله 13 صاروخًا و18 بطارية للتفجير وصاروخ مضاد RBG7، و13 صاروخًا من نوع الدروع، وذلك في جنوبي مدينة الموصل، وأكد المتحدث باسم مركز الإعلام الأمني، العميد يحيى رسول، أن النفق المضبوط بلغ طوله 400 متر.
وفي سياق متصل، أكد عبد الخالق العزاوى، عضو اللجنة الأمنية في مجلس محافظة ديالى، عبر بيان صحفي نشرته اللجنة على صفحتها الرسمية على «فيس بوك» خلال الفترة الماضية، أن العمليات العسكرية الأخيرة التي جرت في حمرين وقطاع شمال المقدادية كشفت عن لجوء تنظيم داعش إلى أسلوب جديد، وهو بناء «مضافات» ( تشبه الأكواخ)، عبارة عن قضبان حديدية يوضع فوقها سعفٌ من النخيل لإخفائها عن أي رصد جوي.
وأوضح الغزاوى، أن داعش لجأ إلى بناء المضافات بهذا الشكل بسبب فقدانه مضافاته الأصلية التقليدية وهي عبارة عن غرف طينية أو منازل أو جحور تحت الأرض.
وأشار، إلى أن الشرطة في محافظة ديالي عثرت على ما يقرب من 4 مضافات بها أسلحة وملابس خاصة بعناصر البغدادي، وأدوات طبخ.
«الأموال»
ثاني المرتكزات التي ذكرتها الدراسة، «الأموال»؛ حيث أكدت أن داعش يمتلك ثروة مالية كبرى تمكنه من إعادة التأهيل واجتياح أي مكان تم تحريره من قبل.
وبحسب تقرير لمجلة «الإيكونومست» البريطانية، نشرته في فبراير 2018 واستندت على معلومات من بيانات وزارة الدفاع العراقية نشرتها الأخيرة عبر مواقعها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، أن داعش تمكن من تخزين ملايين الدولارات فى العراق، بسبب المكاسب التي حققها من خلال تهريب النفط وبيعه للدول المجاورة مثل تركيا، علاوة على تجارته في الآثار العراقية، ما وضع في خزائن التنظيم 400 مليون دولار استطاع الهروب بها من العراق إلى سوريا.
«الخلايا النائمة»
ثالث المرتكزات وآخرها في إستراتيجية عودة داعش للمناطق المحررة منه في العراق- بحسب دراسة مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية- هو «الخلايا النائمة» لداعش في العراق؛ حيث أكدت الدراسة أن تنظيم داعش يشرع حاليًا في توظيف خلاياه النائمة في العراق، وراحت الخلايا- إبان تلقيها أوامر الاستدعاء- تتوغل في المحافظات العراقية المختلفة، وتخوض حرب الشوارع والعصابات، وتشن بين الحين والآخر هجومًا إما على الأسواق العامة أو المؤسسات الحكومية أو ضد رجال الشرطة والنواب في البرلمان العراقي.
وتحدثت الدراسة، عن الفراغات الأمنية بين المحافظات، خاصة محافظات: «ديالي، كركوك، وصلاح الدين»، التي تشهد نشاطًا كبيرًا لخلايا داعش التي (أي الخلايا) تشن- بسهولة- هجماتها على الأجهزة الأمنية العراقية والأكمنة الكائنة في تلك المحافظات.
وتعقيبًا على هذا الأمر، يقول حسن الجنابي، المحلل السياسي العراقي، إن تنظيم داعش لن ينتهي بسهولة من دولة العراق، من الممكن أن يكون تعرض لهزائم كبيرة لكنه لن يخرج بسهولة من الأراضي العراقية، وهناك من يدعمه من الدول الأجنبية المستفيدة من تأزم الأوضاع وتوترها في العراق.
وأكد الجنابي في تصرحات خاصة لـ«المرجع»، أن داعش ما زال حتى هذه اللحظة موجودًا في العراق وإن اختلف شكل وجوده عن السابق، ولن يخرج بسهولة من العراق، لعدة أسباب، منها أنه يعمل كمرتزقة للولايات المتحدة الأمريكية التي ترغب في البقاء والسيطرة على العراق بحجة محاربة داعش، لذلك وجود التنظيم في الأراضي العراقية يعطي لأمريكا ذريعة قوية لسيطرتها على منابع وحقول النفط العراقية، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن الاحتراب الأهلى الطائفي، علاوة على الصراعات السياسية التي تشهدها بلاد الرافدين، بما يخلفه من فوضى اجتماعية سياسية أمنية عارمة، كل هذا يمنح داعش فرصة ذهبية لعودته من جديد.
للمزيد..
«الأرض المحروقة».. ورقة إيران الأخيرة للسيطرة على العراق