استهداف المساجد.. ورقة الصعود السياسي لليمين المتطرف في ألمانيا

الخميس 20/سبتمبر/2018 - 06:15 م
طباعة استهداف المساجد.. علي رجب
 
تدفع المساجد في ألمانيا ثمن انتشار ظاهرة «الإسلاموفوبيا» ودعاوى اليمين المتطرف لاستهداف المسلمين؛ حيث تعرضت عشرات المساجد لاعتداءات وكتابات عنصرية، ما شَكَّل إزعاجًا للمؤسسات الإسلامية والباحثين في الدول الأوروبية، وكان آخر تلك النماذج للاعتداءات تعرض مسجد النور في مدينة هامبورج الألمانية، في 3 سبتمبر الجاري، لكتابات عنصرية على جدرانه من قِبَل اليمن المتطرف، مثل «ألمانيا للألمان المقاومة الوطنية».


استهداف المساجد..

وبحسب صفحة المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا «ZMD» على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، فقد أبلغت إدارة المسجد، الجهات الأمنية، فيما ندد المجلس بشدة بالاعتداء، وقال أيمن مزيك، رئيس المجلس: «على ما يبدو فإن دور العبادة للمسلمين لم تعد في مأمن على ضوء الاعتداءات المتزايدة مؤخرًا»، مضيفًا في بيان له: «على الدولة أن تقوم بواجبها في حماية أمن مواطنيها، فالمسلمون لم يعودوا يشعرون بالأمان في بلدهم».

«الإسلاموفوبيا».. الكراهية تغزو أوروبا

 

تصاعد الظاهرة:

وقد شهدت ألمانيا تكرار ظاهرة استهدف اليمن المتطرف، للمساجد في الدولة الاتحادية، فقد شهد مارس الماضي، الاعتداء على ثلاثة مساجد؛ أولهم مسجد «الحاج بايرام»؛ حيث تم رسم الصليب المعقوف (رمز النازية) على جدار المسجد، وكتب إلى جواره «فليخرجْ الأجانبُ جميعًا .. يحيا هتلر»، وفي مدينة «كاسل» تعرض مسجد «يونس أمره» لاعتداء من قِبَل أربعة أشخاص بقنابل المولوتوف، وأسفر الهجوم عن أضرارٍ مادية في المسجد، وفي مدينة «أمبيرج»، كُتبت عبارات تهديد، وكتاباتٍ عنصرية ومسيئة للمسلمين على «الجامع الكبير» في المدينة.


وقد ذكر مرصد الأزهر الشريف، أن أكثر من 40 مسجدًا تعرض للاعتداء في ألمانيا، منذ مطلع 2018، محذرًا من عواقب تكرار ظاهرة الاعتداء على المساجد داخل ألمانيا.


وكشفت صحيفة «نيو أوزنابروك» الألمانية، عن ارتفاع وتيرة الهجمات ضد المساجد في ألمانيا من قبل المتطرفين؛ حيث إن متوسط عدد الهجمات في الفترة بين 2001-2011، كان 22 هجمة في السنة الواحدة، وارتفع في الفترة بين 2012 و2013 إلى 35 أو 36 هجمة في السنة.


وتستند الصحيفة في أرقامها إلى ردود الحكومة الألمانية على استجوابين لكتلة حزب اليسار في البرلمان الألماني في عامي 2012 و 2014.


وفي عام 2017 حصل 950 اعتداءً على المسلمين أو على أماكن ذات صلة بالجالية الإسلامية في ألمانيا، وأصيب 33 شخصًا، وفقًا لوزارة الداخلية الألمانية.

بالعمامة والجلباب.. الأزاهرة يواجهون «الإسلاموفوبيا» في أوروبا

اليمن المتطرف والردع القانوني

المفاجأة التي كشفها تقرير التلفزيون الألماني «دوتشفليه» أنه لا يوجد تصنيف للجرائم السياسية في ألمانيا، فئة «معاداة الإسلام أو معاداة المسلمين»، إذ قال في تقرير فى سبتمبر 2014، بعنوان «تحذيرات.. الاعتداءات على المساجد تهدد التعايش في ألمانيا» إنه «في الواقع، لا يوجد حتى الآن في تصنيف الجرائم السياسية في ألمانيا، فئة (معاداة الإسلام أو معاداة المسلمين)، فكلاهما يتم تصنيفهما رسميًّا تحت (جرائم كراهية) أو (كراهية الأجانب)».


ومن ثم فحضور اليمين المتطرف واتخاذه من معادة الإسلام ورقة للصعود السياسي، يشير الي ارتفاع معدلات الجرائم ضد المسلمين، وقام الباحث في الطب النفسي بجامعة «لايبزيغ» الألمانية «إلمار بريلر» مع مجموعة من زملائه في جامعة لايبزيغ قبل بضعة أسابيع، بتقديم دراسة لاقت تقديرًا كبيرًا بعنوان: «الوسطية المستقرة - موقف اليمين المتطرف في ألمانيا»، وأفاد الباحثون في هذه الدراسة بأن: معاداة الإسلام هي الثوب الجديد للعنصرية، فثلث عدد الألمان يرون «أنه يجب عدم السماح للمسلمين بالهجرة إلى ألمانيا».

 الإسلاموفوبيا والتطرف المضاد.. وجهان لعملة الكراهية في بريطانيا

 

 الوجه الآخر للعنصرية الغربية

يقول طارق أبوهشيمة رئيس وحدة الدراسات الاستراتيجية بدار الإفتاء المصرية، إن ظاهرة «الإسلاموفوبيا» تُعد الوجه الآخر للعنصرية الغربية تجاه الإسلام والمسلمين، ولا شك في أن هذه الظاهرة لها من العوامل والأسباب ما يبرر تناميها، أهمها الخوف من تضخم أعداد المسلمين بالغرب، فالإحصاءات الأخيرة أكدت أن الإسلام الأكثر انتشارًا في الغرب بين الأديان الأخرى، ومن المنتظر أن يمثل عدد المسلمين في أوروبا 10% من عدد السكان بحلول عام 2050.


وأضاف «أبوهشيمة»، لـ«المرجع» أنه لا شك في أن الإعلام الغربي لعب الدور الأبرز في تشويه صورة الإسلام وخلق صورة أخرى معادية وشائعة عنه، وتصوير أفعال المتطرفين الإسلامويين، على أنها دلالة على أفعال السواد الأعظم من المسلمين، فخلقت بدورها صورة سلبية عنهم، رسخت في أذهانهم أن هذا الدين وأهله متشددون، وهذا بدوره خلق خوفًا كبيرًا تملك عقولهم وقلوبهم، فأصبح لديهم ما يسميه علماء النفس، الارتباط الشرطي، بحيث إذا ذكر لهم اسم الإسلام أو شاهدوا أي مظهر إسلامي ظهرت في مخيلتهم تلك الصورة السلبية عنه.


وطالب رئيس وحدة الدراسات الاستراتيجية بدار الإفتاء المصرية بأن يزداد نشاط المؤسسات الإسلامية في المجتمعات الغربية، للوصول لأكبر قدر ممكن من الشرائح في الغرب، وقال إن الظواهر الإسلامية المتشددة بحاجة إلى رصد وتحليل وعلاج، وهذا ما قامت به مؤخرًا دار الإفتاء المصرية ، وهي الآن بصدد إطلاق أول مؤشر عالمي للفتوى يرصد الظواهر الشاذة، ويقدم العلاج الناجع لها، والمقرر إطلاقه الشهر القادم في المؤتمر العالمي للإفتاء الذي تنظمه الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم.

شارك