مركز «أهل السنة والجماعة».. ذراع «المداخلة» لاختراق موريتانيا
الإثنين 01/أكتوبر/2018 - 09:01 ص
طباعة
عبدالهادي ربيع
من مركز «أهل السنة والجماعة» بموريتانيا، دعا «أبوالحارث بن سليمان العدني»، المدرس المحسوب على تيار السلفية المدخلية، خلال خطبة الجمعة الماضي 28 سبتمبر 2018، إلى طاعة ولي الأمر الشرعي في البلاد الرئيس «محمد ولد عبدالعزيز»، وعدم الخروج عليه.
استغل «المداخلة» المركز منذ تأسيسه في نشر منهجهم وتقوية وجودهم، مستغلين حالة الرفض التامة لجماعة الإخوان وقياداتها في الوقت الحالي، إذ فطنوا أن الوقوف بجانب الدولة والتصدي لأفكار الإخوان، أحد أبرز السبل للتقرب إلى السلطة، وأن مهادنتها الطريق الأفضل لتحقيق مبتغاهم والترويج لأفكارهم، كما يرى الكثير من الباحثين والمهتمين بهذا الشأن.
بدأت موريتانيا التصدي لأفكار الإخوان وممارساتها العنيفة الأسبوع الماضي؛ حيث أصدرت الحكومة قرارًا بإغلاق مركز «تكوين العلماء» الإخواني، وتبعه إغلاق جامعة «عبدالله بن ياسين» الخاصة التابعة للجماعة أيضًا، بسبب إثارتهم القلاقل في المجتمع الموريتاني، والدعوة للحشد والتظاهر والعنف ضد النظام الحاكم بعد تراجع الذراع السياسية للإخوان في موريتانيا حزب (تواصل)، في الانتخابات الأخيرة.
انتشار «المداخلة»
بدأ انتشار التيار المدخلي في موريتانيا، بعد سفر عدد من أبنائها للدراسة والعمل في دول الخليج العربي، فتلقوا مبادئ الفكر السلفي عامة، والمدخلي خاصة، ثم عادوا إلى بلادهم؛ لمحاولة نشر ما تلقوه عن «ربيع بن هادي المدخلي، وعبيد الجابري، ومحمد بن هادي المدخلي» وغيرهم.
وتعرف موريتانيا -بلاد المليون شاعر- منذ مئات السنين، بـ«المحاضر» (مؤسسات دينية وتعليمية موريتانية) التي خرّجت «منائر شنقيط»، الذين حملوا مشاعل المذهب المالكي، والعقيدة الأشعرية، وطريقة الجُنيِّد الصوفية، بين جنابات الوطن العربي الإسلامي، جمعًا وشرحًا وتأليفًا ونظمًا للمتون.
هذه الوسطية التي طالما اتسم بها علماء شنقيط، سمحت لعدد من التيارات أن تخترق النسيج الوطني الموريتاني، ما كاد أن ينهي قرون الوسطية والعلم والاعتدال، خاصة مع بروز جماعة الإخوان بين أبناء الشعب الموريتاني؛ حيث وصل أحد أكبر علمائها «محمد ولد الددو الشنقيطي»، لمنصب نائب «يوسف القرضاوي» رئيس ما يُسمى بـ«الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين»، إضافة إلى تأسيسه لما عُرف بـ«مركز تكوين العلماء».
للمزيد.. «المرجع» يكشف خريطة غزو «التيار المدخلي» للعالم
نواة المدخلية
أُنشأ مركز «أهل السنة والجماعة» على يد طلاب العلم الموريتانيين العائدين من الخليج، بمساهمة عدد من شيوخ التيار السلفي المدخلي، من أمثال «عرفات المحمدي، وعبدالإله الجهني، وبندر بن سليمان الخيبري».
وبحسب مدير المركز «أبوعبدالله موسى بن عبدالله» على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، فإن المركز يحاول نشر الفكر السلفي عن علماء التيار، مثل «ربيع بن هادي المدخلي، وصالح الفوزان، وابن باز، وابن عثيمين»، واستقدم لأجل ذلك عدد من شيوخ التيار السلفي المدخلي، مثل «أبي الحارث أحمد بن سليمان بادخن العدني المدني».
وراعى المركز الموازنة بين المذهب الفقهي للبلد الذي يحفظونه من خلال المتون العلمية في المذهب المالكي كشرح الأخضرية والمنظومة البيقونية في الحديث، إلا أنه اهتم بعقيدة التيار السلفي المدخلي، من خلال شرح الأصول الثلاثة، ونواقض الإسلام لمحمد بن عبدالوهاب التميمي، وهي ما يُعرف بـ«برنامج المدينة» الذي كان في المركز منذ تأسيسه، وفق الصفحة الرسمية للمركز.
ويتبع للمركز مراحل مختلفة، ابتدائية وثانوية، وأماكن لتحفيظ القرآن الكريم، وقسم خاص للنساء، ويقوم تمويل المركز على التعاون مع المراكز الأوروبية، خاصة الفرنسية التي تسعى لنشر التيار في موريتانيا، والتي تبرعت بحفر بئر للمركز، وبعض أعمال التشطيبات الخاصة، وكذلك يعتمد على الأعمال الخيرية التي يستقطبون بها العامة، كغرس الأشجار، ورعاية الأيتام والأرامل.
ويعمل المركز على تقديم الخطب والدروس بشكل أساسي باللغة العربية، إلا أنه يخرج عنها أحيانًا إلى اللغة الفرنسية واللغات المحلية (المعتمدة في الدستور الموريتاني) مثل «السوننكية، والفولانية»، وغيرها من اللهجات المحلية.
للمزيد.. بعد إغلاق «تكوين العلماء».. صفعة جديدة لـ «إخوان موريتانيا»