بعد فشلها بسوريا.. هل تقف تركيا خلف التحريض على التظاهر في «إدلب»؟

الثلاثاء 02/أكتوبر/2018 - 08:55 ص
طباعة بعد فشلها بسوريا.. سارة رشاد
 
لم يأت انتقاد وزير الثقافة والسياحة التركي الأسبق، أرطغرل جوناي (2007: 2013)، والذى يعد واحدًا من أبرز السياسيين الأتراك، في مقاله الذى نشره موقع «أحوال تركية» لمواقف دولته من الأزمة السورية، وهي تسير بثبات نحو عامها الثامن، من فراغ، ولكن جاء مرافقا لتحليلات سورية تعالت وتشير إلى فشل جديد ينتظر «أنقرة» ويتعلق بعجزها عن إقناع الفصائل المسلحة الموجودة في «إدلب»، شمالي غرب سوريا، بإتفاق «سوتشي»، الذي عقدته كل من روسيا وتركيا، 17 من سبتمبر الماضي، وقضى بوقف أي حراك عسكري سوري ــــ روسي على المدينة، على الأقل حتى الآن.

وعبر حسابه على «تويتر»، كتب الناشط السوري المقرب من النظام، عمر رحمون، قال في تدوينة إن تركيا فشلت في تنفيذ الاتفاق، المقرر بحسبه إقامة منطقة عازلة بعمق 20 كم في «إدلب»، بحد أقصى 20 من الشهر الجاري، للفصل بين قوات النظام السوري والفصائل، وعليه أكّد «رحمون» الخيار العسكري للدولة السورية، قائلًا: «نحن قادمون على عملية تحرير محافظة إدلب».

حديث الناشط السوري عن فشل تركي استند إلى مواقف الفصائل من الاتفاق، فبينما لم تعلن ما تعرف بــ«هيئة تحرير الشام»، كبرى الفصائل المسلحة، موقفًا صريحًا، رغم اعتماد نجاح الاتفاق من عدمه على رأيها، بحكم ثقلها وسط الفصائل، أعلن ما يعرف بــ «جيش العزة» رفضه لما قال إنه تبدى له مؤخرًا، من كون المنطقة العازلة ستؤخذ كلها من مناطق الفصائل، بمعنى إنهم مطالبون بترك 20 كم من المساحات التي يسيطرون عليها مقابل أن يبقى النظام في موقعه.

وانتقل «جيش العزة» في بيان معد من صفحتين، صدر السبت 25 سبتمبر، إلى محور آخر للرفض، تعلق بعدم الموافقة على أن تكون هناك دوريات روسية في المنطقة العازلة، معتبرًا أن وجود هذه الدوريات يعني وجود ضمني للنظام السوري.

ولم يقف الأمر عند هذا الحد فحسب، بل انضمت «الجبهة الوطنية للتحرير» المدعومة تركيًا، إلى قائمة المتحفظين، عندما أصدرت، اليوم الإثنين، بيانًا أشارت فيه إلى رفض أبلغته لتركيا في اجتماع بأحد مسؤوليها، تعلق بمسألة الدوريات الروسية، وأكّدت الجبهة أن تركيا تعهدت، في المقابل، بعدم وجود هذه الدوريات.

وأمام المواقف المعلنة وغير المعلنة بالرفض أو التحفظ؛ تكون تركيا أمام أزمة فعلية في إقناع الفصائل بالالتزام ببنود الاتفاق.

خطة من محورين
وكشفت مصادر سورية لـ«المرجع» أن تركيا عرضت على الفصائل خطة من محورين لإقناعهم بالتعاون مع الاتفاق، تضمنت الاتفاق على تسليم السلاح التالف، وكأنه السلاح الثقيل الذي نص الاتفاق على تسليم الفصائل له، في محاولة لتضليل روسيا، إلى جانب الدفع بنحو مزيد من التظاهرات المعادية للنظام السورى.

ويعيد الاعتماد على التظاهرات فى «إدلب» سيناريو الأزمة السورية إلى المربع الأول في 2011، عندما خرجت تظاهرات معارضة تعامل معها النظام، فبدأت الدول الحليفة للمسلحين فى الترويج لمعلومة مفادها أن النظام السوري يتعامل مع المدنيين بوحشية.

ويبدو أن تركيا تسعى إلى نفس السيناريو؛ بحيث تستبق أي تحرك عسكري للنظام السوري، بمظاهرات معادية يبدو من ظاهرها أنها غير منحازة لأي فصيل وتنسب بالتالي لأهالي المدينة، وتمهد تركيا بذلك لحملة إدانة مسبقة للنظام السورى حال ما تدخل في «إدلب»، بحيث تزعم أنقرة فيها تورط النظام مجددًا في قمع مدنيين.

ويعزز هذا الاحتمال، تعامل الإعلام الممول تركيًّا مع هذه التظاهرات، إذ خرج سيل من مقالات مرحبة بها، ومحاولة التدليل من خلالها على أن ما تسمى بـ«الثورة السورية» مازالت عفيّة.

شهادة سورية
معاذ عبدالكريم، سوري مقيم في إدلب، كان له رأي قريب من ذلك، إذ قال لـ«المرجع» إن التظاهرات التي تخرج بشكل أسبوعي، تُنظّم من قبل الفصائل المسلحة، وليس بطريقة عفوية من الأهالي، لافتًا إلى أن ذلك يفسر ترحيب الفصائل بما فيها «تحرير الشام» بالتظاهرات، محاولين استغلال المدنيين في محنتهم.

وتابع، أن الفصائل المسلحة تنشر لجانًا لها بين الأهالي للالتقاء بهم وإقناعهم بالمشاركة في المظاهرات.

ويتوافق مع هذا الحديث، ما نشرته «هيئة تحرير الشام»، عبر قناة «إباء» التابعة لها على «تليجرام»، اليوم الإثنين، لخبر عن لقاءات يقيمها الجهاز الدعوي بالهيئة بالأهالي، لإقناعهم بالجهاد بالنفس والمال.

ومن جانبها قالت الدكتورة نورهان الشيخ، أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن تركيا ومعها المجتمع الدولي يراهنون على الجانب الإنساني، معتبرة أن تهم الإدانة للنظام السوري ستكون حاضرة طوال الوقت.

ولفتت إلى أنه لهذا السبب وافقت روسيا على اتفاق «سوتشي»، مشيرة إلى أن الاتفاق من بين أهدافه أن يفصل بين الفصائل المسلحة بنقل المدنيين إلى المنطقة العازلة ومن ثم يمكن استهداف الإرهابيين.

 وتوقعت «الشيخ» أن يلقى الاتفاق نوعًا من القبول المؤقت، باعتباره خيارًا مرحليًّا سيلحقه تحرك عسكري حتمي.

 وشددت على أن المشهد في سوريا لن ينتهي إلا بالحل العسكري، معتبرة أن تركيا ترفض بكل الأشكال الذهاب لهذا الخيار باعتباره سيغلق الملف السوري تمامًا، وأنقرة لا ترغب في ذلك.

وفيما يتعلق بصمت «هيئة تحرير الشام» حتى الآن، قالت أستاذة العلوم السياسية، إن الهيئة يبدو أنها رافضة، لكنها تتعرض لضغط شديد من تركيا وحلفاء إقليميين للموافقة، معتبرة أن تركيا لن تخضع لهذه الضغوط.

للمزيد:
اتفاق سوتشي.. الانتهازية تُحرك أنقرة للعب بورقة «تحرير الشام»

«المرجع» يجيب.. أين يذهب إرهابيو سوريا بعد معركة إدلب؟»

شارك