«الإخوان».. تزييف المنهج النبوي لخدمة أغراض الجماعة

الثلاثاء 02/أكتوبر/2018 - 05:03 م
طباعة «الإخوان».. تزييف دعاء إمام
 
خلف شاشة الحاسوب، تختبئ عائشة ابنة خيرت الشاطر، نائب مرشد جماعة الإخوان، معلنة من آنٍ لآخر، أن محنة الجماعة لن تدوم؛ بزعم أن «الدعوة» مرت بتلك المراحل في عهد النبي (صلى الله عليه وسلم)، أما لحظات صمت أبيها في قاعة المحاكمات، فتعلق عليها بالنص القرآنى«إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ».


استخدام الكَلِم في غير مواضعه، وإسقاط الأحداث التي عاشها الصحابة الأخيار، والنبي (صلى الله عليه وسلم)، على ما عاصرته الجماعة خلال 90 عامًا، هي الاستراتيجية التي تلجأ إليها «الإخوان»، كلما مرت بأزمة، إذ تستدعى الآيات التي نزلت في الرُسل لإضفاء نوع من القداسة على مؤسس الجماعة «حسن البنّا»(1928)، وغيره من القيادات، ثم يلجؤون فيما بعد إلى انتقاد وشيطنة كل من يخالف منهجهم.
 
تحرير السيرة من القراءة التنظيمية
قبل عام، صدر كتاب «محاولة في تحرير السيرة النبوية من القراءة الدينية التنظيمية»، لمؤلفيه (رشا عبدالحميد، حمدي رزق ومحمد عبدالعال)؛ بغرض تحرير نصوص السيرة من براثن تفسيرات الجماعات الدينية، التي وظّفت الأحداث الدينية لحسابها، دون فهم للسياقات والقرائن أو الأسباب التي نزلت فيها في عهد النبوة.

وبيّن الكتاب بعض المقاصد الشرعية التي استهانت بها الجماعات، وفي مقدمتها الإخوان، الذين بدأوا تطويع السيرة النبوية لخدمة أهداف الجماعة منذ ثلاثينيات القرن الماضي، إذ استدعت واقع النبي وأحداث سيرته لتبرير واقع التنظيم المأزوم، في قياس مُزيف ومُشابهة باطلة؛ فخرجت مجموعة من رحم الإخوان عُرفت بـ«شباب محمد»، قالت بجاهلية المجتمع، ونادت إلى الهجرة لإقامة الدولة.

وبحسب الكتاب، فإن حالة الزخم التي شهدتها فترة الثلاثينيات من القرن الماضي، ومحاولات إيهام الموالين أن الجماعة تعيد سيرة النبي والصحابة، نتج عنها كتاب «نظرات في السيرة»، لمؤسس الجماعة حسن البنّا، و«فقه السيرة» لمحمد الغزالي، في مرحلة انضمامه للجماعة، تلاها كتاب «السيرة النبوية..دروس وعبر» لمراقب الإخوان في  سوريا، مصطفى السباعي، وبعده «الأساس في السيرة وشيء من فقهها» لسعيد حوى، و«الفقه الحركي للسيرة النبوية» لمنير الغضبان.

وأجمع مؤلفو كتاب «محاولة في تحرير السيرة النبوية من القراءة الدينية التنظيمية» أن الإخوان اعتمدوا «المدرسة الحركية»؛ بمعنى أنهم تناولوا السيرة النبوية وبيّنوا الجانب الفقهي منها بشكل حركي، يسمح لهم بتطبيق السيرة على مشروعهم السياسي، مؤكدين أن قيادات الجماعة بذلوا جهودًا في تأويل الأحاديث الضعيفة _بل والموضوعة_ في محاولات لاستخراج فائدة أو تحليل نص؛ لإسقاطه كمبرر على فعل ما يخص الجماعة.

 وأشار الكتاب إلى أن الإخوان أدخلوا مسائل الفقه في دوائر العقيدة، وحملوا الأوامر المُرتبطة بالعادات علي الوجوب، وخلطوا بين المطلق والعام، وبين تناول أحاديث الأحكام وتناول أحداث السيرة.
 للمزيد:
تحريف القرآن والأحاديث.. منهج «الإخوان» لشرعنة العنف

«الغضبان» والتمسّح في السيرة

لعل الدستور الأبرز لدى قيادات وأعضاء جماعة الإخوان، فيما يعرف بـ«المرحلية» و«حركية السيرة»، هو كتاب «المنهج الحركي في السيرة النبوية»، لمؤلفه منير الغضبان، المراقب العام للإخوان في سوريا عام 1985.

ويُصنف الباحثون في شؤون الجماعات، هذا الكتاب بجزءيه الأول والثاني، بأنه الأخطر في مسألة تطويع السيرة لخدمة وبقاء الجماعة، إذ دأب المؤلف على عقد مقارنات بين مراحل الجماعة منذ نشأتها، وما مرّ به النبي خلال مراحل نشر الدعوة والهجرة، وحتى المصاهرة التي لفت إلى أن النبي اختار بعض زوجاته؛ لتقوية دولته، وحث «الغضبان» الإخوان على الاقتداء بذلك.

تضمَّن الكتاب المرحلة الأولى من البعثة، وسرية الدعوة فيها، ثم مرحلة الجهر بالدعوة، ومرحلة الإعداد لبناء الدولة، في بيعتَيْ العقبة الأولى والثانية، وما تضمنته هذه المراحل الثلاث من حوادث، مثل الهجرة إلى الحبشة، ودور المرأة في الدعوة وعملية الإعداد، مشيرًا إلى أن الجماعة تمر بنفس الظروف، وعليها أن تستفيد من التجارب النبوية.

 ويستعرض في الفصل الثاني من الكتاب، كيف أدار النبي (صلى الله عليه وسلم) شؤون الحكم والسلم والحرب، والعلاقات السياسية مع مختلف الأطراف داخل وخارج المدينة؛ راميًا بذلك إلى أن النبي جاء ليؤسس دولة ومشروعًا سياسيًّا، وليس نشر الدين فحسب، مستندًا في ذلك إلى غزوات الرسول وتبعات كلٍّ منها، ودلالات النصر والهزيمة، وما نزل من أحكام في شأن القتال والجهاد.

وزعم أنه من سمات الدولة الإسلامية التي أسس لها الرسول، إنهاء الوجود اليهودي في شبه الجزيرة العربية، وبدء مرحلة انفتاح الدولة على العالم الخارجي، من خلال مراسلة ملوك وأباطرة هذه الدول، والحروب التي خاضتها الدولة الوليدة للدفاع عن كيانها في مواجهة أعداء الداخل والخارج؛ وهي الرسالة التي أراد بها أن يحافظ على مريدي الجماعة، من الراغبين في الجهاد.


وبحسب هيثم أبو زيد، الباحث في شؤون الحركات الإسلاموية، فإن «المنهج الحركى للسيرة النبوية» ظل مقررًا على أسر الإخوان فى المستوى المنتظم لأكثر من 20 عامًا، وكل القيادات الإخوانية العليا والوسيطة، وجميع الأعضاء العاملين بالجماعة درسوا هذا الكتاب وتعاملوا معه.

ولفت في مقال له بجريدة «الشروق»، نُشر في فبراير 2014، إلى أن الإخوان استفادوا من الكتاب المذكور سلفًا، ليس فقط  باعتباره منهجًا معتمدًا من التنظيم، ولكن باعتبار أن أفكاره ونتائجه كلها مستقاة من السيرة النبوية.
 منير الغضبان.. صاحب التأصيل الشرعي لـ«ازدواجية الإخوان»

التأويل النمطي
بدوره قال «ثروت الخرباوي» الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، إن جماعة الإخوان وغيرها أُسست على مفاهيم تتناقض مع القرآن الكريم، واستندت جميعها إلى أحاديث ضعيفة أو موضوعة؛ تهدف في الأخير إلى حشد الشباب الحالمين بالخلافة، إضافة إلى اعتماد تفسيرات تخدم الجماعة وتضفي عليها نوعًا من القداسة.

وأوضح لـ«المرجع» أن منظري الجماعة الذين تناولوا السيرة النبوية، يستندون إلى طريقة تأويل نمطية للآيات والأحاديث، وفق ما استقر عليه السابقون، مشددًا على أن ذلك يؤدي لارتكاب مخالفات دينية؛ فالأولون كانوا يفسرون وفق ثقافتهم وعلومهم وقتذاك، أما في زماننا هذا فأصبحت لدينا خبرة تراكمية، وعارٌ علينا أن نظل أسرى لتفكير الأولين.

 وأشار «الخرباوي»، إلى أن الإخوان وغيرهم من الجماعات الإرهابية، يفترون على النبي، ويقولون إنه شرعن لعمليات الاغتيال، من خلال تفسيرهم لحديث ضعيف عن مقتل الصحابي خالد بن سفيان الهذلي، إذ أكدوا في تفسيرهم (أي الإخوان) للسيرة، أن النبي طلب من عبدالله بن أنيس، أن يذهب لـ«الهذلي» ويقطع رأسه.

 ثروت الخرباوي: الإلحاد يساوي التطرف الدينى

شارك