«طالبان» و«داعش».. من سكب زيت الفوضى على «الانتخابات الأفغانية»؟
السبت 06/أكتوبر/2018 - 03:56 م
طباعة
آية عز
في صباح السبت 29 سبتمبر 2018، استيقظ سكان إقليم نانجرهار شرق أفغانستان، على دوي مريع لانفجار عبوات ناسفة ضربت 3 مدارس كانت تجهزها الحكومة للانتخابات البرلمانية التي تأجلت لأكثر من 3 سنوات؛ لما تعانيه أفغانستان من إرهاب وعدم استقرار، فما إن قررت الحكومة الأفغانية إجراء الانتخابات، وحددت لها يوم 20 أكتوبر الحالي لإجرائها، حتى تحركت عناصر إرهابية -مجهولة حتى الآن- ونفذت هجومها بتفجير الـ3 مدارس أو المقار الانتخابية، ما أسفر عن مقتل شرطيين وإصابة ثلاثة آخرين، حسب بيان الأجهزة الأمنية الأفغانية عن الحادث.
«طالبان» أم «داعش»؟
ويوم الثلاثاء 2 من أكتوبر الحالي، استهدفت عناصر إرهابية مجهولة مقرًّا انتخابيًّا كبيرًا في نانجرهار أيضًا، وأسفر الهجوم عن مقتل ما يقرب من 7 أشخاص وإصابة 25 آخرين، بحسب ما قالته وزارة الداخلية الأفغانية في بيان لها صدر عقب الهجوم.
وفي مساء الخميس 4 أكتوبر الحالي، تكرر الهجوم، لكن هذه المرة كان في إقليم قندهار جنوبي أفغانستان؛ حيث نجح أحد العناصر الإرهابية المجهولة في استهداف مقر انتخابي بـ3 قنابل يدوية، ما أسفر عن مقتل سيدتين وإصابة 5 آخرين، بحسب ما أدلت به الشرطة الأفغانية.
فيما شهد يوم الجمعة 5 أكتوبر الحالي مقتل 3 أشخاص وإصابة عدد كبير -لم يحدده بيان الشرطة الأفغانية بعد- في محافظة نانجرهار، إثر هجوم انتحاري على تجمع انتخابي لأحد مرشحي مجلس النواب في أفغانستان، ويرجح مراقبون عدم توقف سلسلة التفجيرات الإرهابية واستهداف المقار الانتخابية عند هذا الحد، متوقعين المزيد من الهجمات في الأيام المقبلة، في رسالة دموية من الإرهابيين للحكومة الأفغانية، مفادها «نحن هنا ولن نسمح بإجراء انتخابات».
تحوم الشكوك وتنحصر الاتهامات بين كل من «طالبان» و«داعش»، فالأولى كانت لها مؤخرًا تحركات سرية مريبة رصدتها الأجهزة الأمنية خلال الأسابيع السابقة، خاصة أن الحركة على خلاف كبير مع الحكومة الأفغانية منذ 17 عامًا، أما تنظيم «داعش» فمعروف عنه عداؤه الشديد لأي عمل ديمقراطي.
استبعاد مرشحي الإرهاب
ويتنافس 2565 مرشحًا انتخابيًّا على249 مقعدًا في البرلمان الأفغاني، و2565 مرشحًا أغلبهم مستقلون، فيما تم استبعاد ما يقرب من 35 مرشحًا، وتم مقتل 5 آخرين من المرشحين على يد عناصر تابعة لتنظيمات إرهابية أخرى منافسة لتنظيمات المرشحين القتلى.
والـ35 مرشحًا الذين استبعدتهم الحكومة الأفغانية، جميعهم على صلة بـ«طالبان» و«داعش» -بشكل أو بآخر- في أفغانستان، وفق ما أوردته مفوضية الانتخابات الأفغانية في تقرير صدر عنها لتوضيح ملابسات هذا الاستبعاد، في خطوة وصفها محللون ومتخصصون في الشأن الأفغاني بأنه ذراع الإرهاب وقطع الطريق أمام ممثليه من الوصول إلى البرلمان المنتظر.
وأكدت المفوضية في تقريرها أنها لم تتخذ قرار الاستبعاد إلا بعد تحريات دقيقة وتحقيقات شاملة حول هؤلاء المرشحين، والتأكد التام من علاقاتهم وصلاتهم بالتنظيمات الإرهابية.
استبعاد ضروري وضع طالبان تحديدًا في مأزق كبير، خاصة أن معظم المستبعدين كانوا يوفرون أسلحة للحركة، وذلك بحسب ما ورد في تحقيقات المفوضية، ما يرجح اتهام طالبان بسلسلة التفجيرات الأخيرة بدوافع انتقامية.
ورغم كل الترجيحات التي تؤكد ضلوع طالبان في التفجيرات، فإن هناك اتجاهًا آخر يسبح ضد تيار تلك الترجيحات، متهمًا «داعش» أو على الأقل عدم استبعاد التنظيم من دائرة الاتهام؛ حيث إن التنظيم -الذي يبزغ نجمه في الفوضى السياسية والانفلات الأمني- لا يرغب في أي استقرار لأفغانستان، فالاستقرار يُهدد وجود التنظيم ويُضيق الخناق على نشاطه الإرهابي، فبالتالي وطبقًا لقاعدة فتش عن المستفيد، فإن داعش من أهم المستفيدين من تلك التفجيرات، وما يرجح هذا الاتجاه العداء الشديد لفكرة عمل المرأة، فضلًا عن ترشحها في الانتخابات، وتشهد الانتخابات الأفغانية المرتقبة ترشح عدد كبير من النساء.
باحثون: الاستقرار عدو التنظيمات الإرهابية
وحول سلسلة التفجيرات التي استهدفت مقار الانتخابات الأفغانية المرتقبة وردود الفعل وزاوية تحليلها، قال خالد الزعفراني، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية: إنه في حال إجراء الانتخابات الأفغانية المزمع إجراؤها يوم 20 اكتوبر الحالي، سيكون الوضع السياسي في البلاد أكثر استقرارًا، وهو ما يربك الإرهابيين ويحطم أي فرصة لبقائهم، وبالأخص حركة طالبان، التي لن تسمح بإجراء الانتخابات تمحي وجودها من المشهد الأفغاني.
وأكد الزعفراني في تصريحات خاصة لـ«المرجع»، أن «داعش» كذلك يُعادي أي انتخابات ويصف مرشحيها وناخبيها بالكفار، المهدرة دماؤهم، لذلك فليس من المستبعد أن يُشارك التنظيم حركة طالبان في استهداف المقار الانتخابية الأفغانية.
في سياق متصل، قال عبدالشكور عامر، القيادي السابق في الجماعة الإسلامية، في تصريح لـ«المرجع»، إن تلك الانتخابات تحديدًا تحمل طابعًا خاصًّا، وضرورة قصوى لأفغانستان من جهة، وتمثل غنيمة كبرى بالنسبة لـ«طالبان» و«داعش» من جهة أخرى، وتلعب تلك التنظيمات -بعيدًا عن التفجيرات الإرهابية- على وتر الطائفية، وتأجيج الصراع بين السنة والشيعة هناك، مستغلين وجود مرشحين شيعة كثيرين يتنافسون مع آخرين سنة، ومعروف أن أي صراع مذهبي في أي انتخابات يكون بمثابة سكب زيت الفوضى على نار الأوضاع الملتهبة أصلًا، ما يشعل الفوضى أكثر في البلاد ويعزز من حالة عدم الاستقرار وهو غاية ما تتمناه الجماعات الارهابية، متوقعًا تزايد وتيرة العنف حتى موعد إجراء الانتخابات للضغط على الحكومة الأفغانية لعلها تؤجل أو تلغي إجراء الانتخابات من الأساس.