بعد اتهامات الشرق الليبي.. هل تخضع حكومة الوفاق لهيمنة الميليشيات؟
السبت 06/أكتوبر/2018 - 04:36 م
طباعة
أميرة الشريف
ما زالت الأزمة الليبية تشهد غموضًا كبيرًا رغم المساعي المستمرة لتهدئة الأوضاع، وبالأخص في ظل تعنت الأطراف الليبية وتعقيد الأمور أكثر مما كانت عليه، فعلي الرغم من اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، إلا أن التراشق بالاتهامات بين أطراف النزاع الليبي يتصاعد يوما تلو الأخر، فقد اتهم عبد الله الثني، رئيس حكومة طبرق "شرق ليبيا"، حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج والتي تقيم في العاصمة طرابلس، بالخضوع لهيمنة الميليشيات المسلحة.
يأتي ذلك في ظل عجز حكومة الوفاق عن بسط سيطرتها في العاصمة الليبية طرابلس التي أصبحت أسيرة الصراعات والاشتباكات الدائرة هناك، وهو ما يفسره محللون بأن ذلك يدفعها للخضوع لهيمنة الميلشيات المسلحة وانقاذ موقفها المحرج من التعري.
ومنذ أن وقعت حكومة الوفاق الليبية اتفاق الصخيرات في ديسمبر 2015، ولم تحظي بقبول من حكومة طبرق برئاسة عبدالله الثني، فقد نشبت بينهما العديد من المناوشات والتراشق بالاتهامات والتي كان أبرزها اتهام حكومة طبرق، لحكومة الوفاق بخضوعها للميلشيات المسلحة وانتمائها لجماعة الإخوان.
وقال الثني في بيانه، إن حكومة الوفاق التي تدعي تمثيلها لليبيين، لم تُرسِل سوى 177 مليون دينار للمناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المؤقتة، من أصل 25 مليار صرفتها الحكومة المؤقتة، مبدياً تساؤله: أي عدل هذا؟، مضيفًا أنهم يمنعون عنا الدواء والغذاء، فيما يمنع الصديق الكبير، محافظ المصرف المركزي الليبي، فتح اعتمادات لنا لاستيرادها، مستقوين بالأجنبي، ويحاولون التغول به على الليبيين.
ووفق البيان، فقد هدد الثني بعودة الرحلات المحلية والدولية إلى مطار البرق بمدينة البيضاء، وذلك في حالة عدم استقرار الأوضاع الأمنية والإدارية والتشغيلية بمطار بنينا الدولي في بنغازي خلال أسبوع، اعتباراً من أمس.
وقال خلال حضوره اجتماعاً لتدشين الخطة الاستراتيجية لوزارة الداخلية التابعة لحكومته، خلال العامين المقبلين، إنه أصدر تعليمات بنقل الرحلات إلى مطار الأبرق مجدداً، إذا لم تستقم الأمور في هذا المطار في بحر أسبوع.
وانتهت منذ أشهر ثاني جولات مفاوضات تعديل الاتفاق السياسي بمشاركة لجنتي حوار من مجلسي النواب و"الأعلى للدولة" هيئة استشارية نيابية، برعاية البعثة الأممية بليبيا التي أطلقت في 20 سبتمبر الماضي خارطة طريق تقود، في نهايتها، نحو إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية بالبلاد.
وتنتشر في طرابلس الميليشيات المسلحة بعدة مناطق وتمارس أعمال السطو والخطف مقابل فدية وغيرها، إضافة إلى الإشتباكات التي تندلع بين حين وآخر بهدف فرض السيطرة والنفوذ متسببة فى أضرار بشرية وخسائر مادية كبيرة تزيد من معاناة المواطن.
هذا وقد أعلنت قوة حماية طرابلس، التابعة لحكومة السراج، أن الترتيبات الأمنية في العاصمة طرابلس ستبدأ في الأسبوع المقبل، موضحة أنه سيتم تسليم كل المقرات بناء على ما تم الاتفاق عليه ضمن خطة الترتيبات الأمنية.
وأوضحت القوة في بيان لها، أنها بادرت بتسليم المواقع، التي توجد تحت حمايتها، إلى لجنة الترتيبات الأمنية، باستثناء بعض المواقع تخوفاً من تعرضها للاختراق الأمني. لكن على الرغم من هذا الإعلان، فقد أمهلت حركة غير معروفة جميع الميليشيات الموجودة في العاصمة، خصوصاً تلك التي تسيطر على قاعدة معيتيقة، 48 ساعة فقط للخروج منها دون شرط أو قيد.
وهددت القيادة المركزية لما تُسمى بـحركة مارس الوطنية لإنقاذ ليبيا، بنسف القاعدة بما فيها، في حالة عدم خروج الميليشيات المسلحة منها.
وفي منتصف سبتمبر الماضي، طالب الملتقى الوطني للقبائل والمدن الليبية، حكومة الوفاق الوطني في طرابلس، بحل الميليشيات المسلحة خلال ثلاثة أيام، بسبب سيطرتها على مفاصل الدولة وعلى دوائر القرار السياسي والاقتصادي في البلاد، مؤكدًا أن الميليشيات المسلحة تسببت في استمرار معاناة المواطن الذي حرم من حقوقه، واصفًا إياها بأنها "سبب البلاء وأزمة السيولة النقدية".
ودعت القبائل الليبية، إلى البدء في "إجراءات تسليم الميليشيات المسلحة لكامل أسلحتها ومعداتها للجهات الرسمية المختصة، وإلغاء الأجسام الموازية لها كافة".
وشدّدت في بيان لها، على ضرورة إحالة المتورطين في الجرائم الجنائية والفساد المالي، من منتسبي هذه الميليشيات ومن قدم لها الدعم إلى التحقيق فورًا، وتسليم السجون إلى السلطات القضائية وتسليم المنافذ للجهات المختصة وإخلاء جميع مؤسسات الدولة من مظاهر السلاح.
ورفض الملتقي أي ترتيبات أمنية من شأنها "المماطلة، أو الإبقاء على هذه الميليشيات أو إعادة تدويرها بأي صورة من الصور"، مؤكدًا أن "طرابلس عاصمة لكل الليبيين، مشددًا على أهمية تشكيل قوة مشتركة من المدن الليبية كافة، قوامها الجيش والشرطة النظاميان لتأمينها وحمايتها".وأكّد على ضرورة "الإسراع في توحيد المؤسسة العسكرية، تحت مسمى واحد ورئاسة أركان واحدة، ولاؤها لله ثم للوطن.
ويري مراقبون أن حل كل أزمات ليبيا يكمن في حل الميليشيات، وضرورة أن يتم تسليم معدات وأسلحة الميليشيات المسلحة للجهات الرسمية في الدولة، وأن الاحتجاجات التي خرجت في أحياء طرابلس يمكن أن تتحول إلى انتفاضة شعبية شاملة ضد الأوضاع المعيشية الصعبة، وضد وجود الميليشيات المسلحة التي تسيطر على مفاصل الدولة في العاصمة الليبية.
وطالبت القبائل الليبية، بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، بالعمل بجدية في كافة الملفات التي تعمل على دعم الأمن والاستقرار في البلاد، داعيًا كافة العناصر المنخرطة في الميلشيات المسلحة إلى العودة إلى أهاليهم، وترك كل ما من شأنه التخريب والتدمير في البلاد.
وفي وقت سابق، أكد المبعوث الأممي لدى ليبيا غسان سلامة أن مجموعات مسلحة مؤيدة لحكومة الوفاق والجيش الوطني الليبي تقوم بانتهاكات جسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني ويتم استخدام المرتزقة الأجانب بالأخص في جنوب البلاد.
ودعا سلامة، حكومة الوفاق الوطني، إلى شن حملة على الجماعات المسلحة التي تعرقل عمل مؤسسات الدولة الليبية، حيث أعربت بعثة الأمم المتحدة عن "إدانتها الشديدة لأعمال العنف والتخويف وعرقلة عمل المؤسسات السيادية الليبية من قبل رجال الميليشيات".ودعت حكومة الوفاق الوطني إلى "اتخاذ الخطوات اللازمة لمقاضاة المسؤولين عن هذه الأعمال الإجرامية.
وتسببت الميليشيات المسلحة في انهيار العملية السياسية في ليبيا عقب سقوط نظام معمر القذافي، وأدى تدخل هذه الميليشيات في الحياة السياسية إلى اقتتال داخلي أفضى إلى كيانين سياسيين في شرقي البلاد وغربها.
وتتوغل الميليشيات في ظل عجز حكومة الوفاق عن بسط نفوذها وتصاعد الانتقادات تجاهها، وفي ظل الصراعات الدائرة بين طرفي السلطة في طبرق من جهه وطرابلس من جهه أخري، الأمر الذي قد يعرقل الانتخابات المقرر إجراؤها في الفترة المقبلة ما يؤدي إلي استمرار الفوضي الليبية منذ سقوط معمر القذافي في 2011 ومواصلة الانقسامات بين النخب السياسية والمتصارعين علي السلطة في البلاد.