اول مؤتمر كاثوليكي عن الشباب : البحث عن لغة انقاذ من التطرف والعزلة

الثلاثاء 09/أكتوبر/2018 - 02:10 م
طباعة اول مؤتمر كاثوليكي روبير الفارس
 
يكرر نيافة الانبا موسي الاسقف العام للشباب بالكنيسة القبطية الارثوذكسية  مقولة  " ان الكنيسة بلا شباب  كنيسة بلا مستقبل  " ويبدو ان صدي هذه العبارة قد تردد في جنبات الفاتيكان  فعقد مؤخرا اول سينودس  " اي اجتماع " حول الشباب  في الكنيسة الكاثوليكية يشترك في السينودس 267 بطريركا وكردينالا واسقفا كاثوليكيا من العالم اجمع ومن بينهم، اثنان من الصين، و10 من الرؤساء العاميين للجمعيات الرهبانية الرجالية والنسائية، هذا فضلا عن رؤساء الدوائر الفاتيكانية  و41 خبيراً عينهم البابا فرنسيس، ومراقبون من الكنائس غير الكاثوليكية و30 شابا وشابا ومن بينهم واحد من بغداد. ولأهمية السينودس يحضر البابا  فرنسيس كل الجلسات العامة صباحا ومساء. ويعمل هذا المؤتمر الدولي الهام علي  النظر في وجه الشباب الإيجابي، مع كل ما يملكوه من مواردٍ بشرية وروحية عظيمة.وقوة وطاقة وتمييز  وقد اهتم الاعلام الكاثوليكي في العالم بتغطية فعاليات المؤتمر ومنها موقع اذاعة الفاتيكان والفاتيكان نيوز وموقع الاعلامي الكاثوليكي بالاردن وموقع بطريركية الكلدان وغيرها 
واحتل محور الكنيسة والشباب  الاهتمام  من خلال ابراز دور الشباب في ممارسة الصلوات الكنسية  وتمت الاشارة بوضوح الي اهمية  استخدام الموسيقى بشكل ملهم في الطقوس  وكذلك فيما يخص التعليم الديني والعظات. لا يكفي استذكار الصلوات، إنما يجب أن يكون الوعظ مبهجًا وملهمًا، فالشباب يجب أن يفهموا بعقولهم ويؤمنوا بقلوبهم. وبهذه الطريقة يستطيع الشباب أن يكونوا معلمين  أولين لأقرانهم. ولتعزيز دورهم كروّاد في التغيير، وكبناةٍ للسلام والواحدة في العالم، فعلى الكنيسة أن تقدّم للشباب مكانًا لاهوتيًا، وأن تعترف هي نفسها بدورهم.
التحدي الحقيقي 

وفي الوقت ذاته، لا يجب أن يقتصر عمل الرعاة من رجال الدين  على انتظار الشباب في الرعايا: يمكن التحدي الحقيقي في "خروج" الكنيسة، ووصولها إلى الشباب حيثما يكونوا. يبدو أنه للعديد من الشباب صداقات افتراضية، لكن القليل منهم من يملكون أصدقاء حقيقيين. يعاني الشباب نوعًا من "العزلة في الوفرة"، وبالتالي يمكن للكنيسة أن تقدم استجابة حقيقية تجاهها. وفي مجال التنشئة، تم التذكير بأهمية عقيدة الكنيسة الاجتماعية كبوصلةٍ صالحة يمكن من خلالها توجيه خيارات الشباب. كما تم التطرق إلى دور المدارس الكاثوليكية كمراكز تعليمية بامتياز، على الرغم من عدم استطاعتها على دمج الشباب بشكل كامل في الحياة الكنسية.

تحالف الكنيسة والعائلة

كانت الدعوة إلى تحالف بين الكنيسة والعائلة موضوعًا رئيسًا في المؤتمر إنطلاقًا من التعليم الأساسي للأطفال، ومرافقتهم خاصة في مرحلة البلوغ، حيث تم التأكيد على قيمة العائلة الوحدوية القائمة على الزواج المسيحي. في الواقع، تمثل العائلة وجهًا من بين وجوه المدرسة اللاهوتية  فيما يخص تمييز الدعوات والمقصودة الدعوة في العمل الكهنوتي او الرهباني داخل الكنيسة  ولهذا السبب تمت الإشارة إلى شخصية الأب كدعامة ناقلة للإيمان، ولإنضاج هوية الطفل. ولهذا يجب أن يحظى دور الأب بتقدير: بتناغمٍ وليس بتنافس مع دور الأمهات.ولا يجب قصر التكريم علي الامهات فقط 

التضامن 

ومن خلال اهتمام البابا فرنسيس الفائق باللاجئين  تم توجيه النداء للترحيب باللاجئين والمهاجرين، وهم في الغالب ينتمون إلى فئة الشباب، وغالبًا ما يتم انتهاك كرامتهم. وأشار الأساقفة إلى أن المصطلح الأساسي في هذا المجال يجب أن يكون "التضامن"، حتى يشعر اللاجئون من الشباب بالترحيب والإندماج. كما شدد المتحدثون على ضرورة العمل معًا حتى لا يضطر الناس إلى الهجرة، وأن يكون بوسعهم القدرة على البقاء في بلدانهم الأصلية.

خدمة الاستماع

وبعد مداخلات العديد من الأساقفة، أتيحت الفرصة لأعضاء السينودس لسماع الأخ لويس، من جماعة تيزيه، وهو ضيف خاص في السينودس. تحدّث عن "خدمة الاستماع"، التي يمكن أن يُعهد بها للمؤمنين العلمانيين. وكان مؤسس جماعة تيزيه، الراحل الأخ روجيه، قد قال يومًا: "عندما تستمع الكنيسة، فإنها تصبح ما هي عليه أن تكون: شركة حب".

وأعطي الوقت لسماع ثمانية شبان وشابات، يشاركون في الجمعية العامة كمراجعين. في مداخلاتهم، تمت الإشارة إلى أن الشباب ليسوا مجرد فئة إحصائية، وبدلاً من ذلك، يرغب الشباب في أن يكونوا جزءًا من الحل لمشكلات العصر. وكان هناك نداءً من أجل نوع من "الخيار التفضيلي": الشباب "الجرحى" من قبل الأنظمة التي تستثني، وتلك التي لا تحبذ المساواة والعدالة، لذلك يجب أن يُسمع صوت الشباب، وأن تتم مساعدتهم بطرقٍ ملموسة، تحديدًا لأنهم يخاطرون بأن يصبحوا مثل فقراء يومنا: ضحايا "ثقافة الهدر".
اصنعوا دربكم 
والتقى البابا فرنسيس  بالشباب في قاعة بولس السادس بالفاتيكان وللمناسبة وجّه البابا  كلمة عفويّة إنطلاقًا من خبرات الشباب التي سمعها وقال إصنعوا دربكم بأنفسكم كونوا شبابًا ينظرون إلى الأفق ولا إلى انعكاسهم في المرآة. بعدها أشار إلى تأثره بسؤال أحد الشباب حول الصدق في القول والفعل وأكّد أنّه يفهم كم يؤثِّر غياب الصدق على الشباب ككنيسة تبشّر بالتطويبات  أي تتحدث في المثاليات وتسير بحسب روح العالم- تناقض الاقوال مع الافعال -  ودعا الشباب في هذا السياق ليكونوا صادقين في مسيرتهم.

وفي جوابه على سؤال أحد الشباب حول إمكانية الدخول في عالم السياسة بدون التخلّي عن القيم المسيحيّة قال البابا فرنسيس هناك مشكلة عدم المساواة: يُفقد معنى السلطة ويُفقد أيضًا ما علّمنا المسيح  إياه أي سلطة الخدمة لأن المعنى الحقيقي للسلطة هو الخدمة وإلا تصبح السلطة أنانيّة واستعبادًا للآخر لا يسمح له بالنضوج؛ فيما أن هدف السلطة الأساسي هو نمو الأشخاص ونضوجهم. وبالتالي دعا البابا  الشباب ليعيشوا بدون أن يستسلموا للإيديولوجيات والسوق وقال أنتم الشباب لا تقدّرون بثمن، فلا تسمحوا أن يتمَّ شراؤكم ولا تسمحوا أن يتمَّ اغواءكم أو استعبادكم من قبل إيديولوجيات تضع أفكارًا غريبة في رؤوسكم وتجعلكم تفشلون في الحياة.

وحول استعمال الانترنت دعا الأب الاقدس الشباب ليحافظوا على الحياة الملموسة والعلاقات مع الآخرين لكي لا ينتهي بهم الأمر في علاقات افتراضية وغير حقيقيّة. هذا وتوقّف البابا فرنسيس في كلمته عند أحد المواضيع الحاليّة والملحّة وهو الاستقبال للاجئين الذي يبدو أنّه يغيب أكثر فأكثر ليترك مكانه لموقف يرى في الغريب والمختلف والمهاجر خطرًا وشرًّا وعدوًّا.

وفي ختام كلمته دعا البابا  الشباب للحوار مع المسنّين والأجداد لأنّهم جذورهم، الجذور التي ستجعلهم ينمون ويزهرون ويثمرون، وخلص البابا إلى القول خذوا الجذور وسيروا قدمًا لكي تثمروا وتصبحوا بدوركم جذورًا للآخرين!
شهادة مهجر من العراق 

وحول  هذا المؤتمر واهميته كتب البطريرك لويس روفائيل ساكو بطرك الكلدان بالعراق  تقرير مهما جاء فيه انها المرة الأولىالتى يعقد سينودس حول الشباب وهذا يمثل بحدّ ذاته تحولا متميزا في توجه الكنيسة الكاثوليكية نحو الاعتراف بأهمية دور الشباب وإيجاد راعوية متجددة لهم. هنا أود أن اؤكد على نقطة مهمة جدًا وهي جماعية الكنيسة والشركة حول خليفة بطرس. الكل يشترك في حياة الكنيسة كهنة وعلمانيون ومن كلا الجنسين، حتى لا يشعر احد انه مغيّب.

الكنيسة تشعر أن عليها ان تلعب دورًا استباقيًا في التعامل مع التغيرات الجدية التي حدثت وتحدث في العديد من قطاعات المجتمع، حيث يتحرك كل شيء. تحديات الثقافة المتسارعة، العولمة والعلمنة، الهجرة، المشاكل المعنوية والأخلاقية والنفسية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية ومشاكل الدراسة والبطالة، والوحدانية والعزلة واللاستقرار، ومفهوم الجسد والجنس والأسرى. كيف يمكن أن تقوم الكنيسة بمقاربة معاصرة لمثل هذه المسائل الضاغطة؟ من واجب الكنيسة حاملة رسالة المسيح، أن تعزز وجودها فالشباب هم عمدة المستقبل وعلى الكنيسة ان تعطيهم الاهتمام الذي يستحقونه، لأن لديهم مواهب إبداعية يمكن استثمارها للخير العام وان تشجعهم وتدربهم على الانخراط في حياة الكنيسة وفي المجال الاجتماعي والسياسي لبناء السلام والعدالة. هذا السينودس يبحث عن "نهج جديد" لتحقيق هذه المهمة الضرورية.

اللقاءات موزعة على جلسات عامة حيث فيها يتاح لكل اسقف ان يتكلم بصراحة وشجاعة عن رؤيته لواقع الشباب في بلده: التحديات والمخاوف والجروح والامال والمسؤوليات والاسئلة التي يطرحها شباب بلاده او الباب عامة. ثم يتوزع المشاركون على حلقات صغيرة بحسب اللغة: فرنسية، إيطالية، المانية، انكليزية، برتغالية، اسبانية لمناقشة كل قسم من اقسام أداة العمل على ضوء الأفكار والآراء التي طرحت من قبل المشاركين في الجلسات العامة للتباحث فيها من اجل تطوير العمل الخدمي والرعوي تجاه الشباب وافتراح تعديلات على النصوص والتي ستشكل فيما بعد الوثيقة النهائية.

أشعر كما يشعر العديد من المشاركين أن على الكنيسة أن تخرج من الادبيات السابقة وتنزل إلى الساحة وتصغي الى الشباب وتقرأ الواقع قراءة جديدة. هذا ما أكده البابا فرنسيس في مناسبات عدة وفي كلمة الافتتاح: إن السينودس هو وقت للمشاركة، يجب التحدّث بشجاعةٍ وصراحة، والإصغاء بتواضع، السينودس يشكّل "تمرينًا في الحوار"، خاصة لأولئك الذين يشاركون فيه بشكل مباشر.

وشدد البابا علي أن السينودس هو "تمرين كنسي في الفطنة"، و"سلوك داخلي متجذر في عمل إيماني"… "الإيمان يخبرنا بأن هذه الأوقات هي أيضًا (وقت الله)، حيث يأتي الرب لملاقاتنا، ولكي يدعونا لعيش ملء الحياة". "قد يوقظ السينودس قلوبنا!"، ليكون "مثمرًا بشكل كبير لإشاعة الرجاء". وأضاف: لكي تبقى الكنيسة "تصغي وتسير"، فيجب علينا "التخلي" عن "التحيّز والقوالب النمطية"، محذرًا على وجه الخصوص من "آفة الإكليروسية" و"فيروس الاكتفاء الذاتي". "دعونا في السينودس نمضي وقتًا مع المستقبل"، لكي لا يُخرج مجرد وثيقة لا يقرأها إلا عدد قليل، وينتقدها كثيرون، لكن يجب، وفوق كل شيء، أن نخرج بمقترحات رعوية تعمل على تحقيق الغرض الذي أقيم من أجله هذا السينودس".

بصراحة أشعر شخصيًا أننا أسرى أنماط قديمة من الأفكار والاطر ينبغي ان نتحرر منها لايجاد طريقة جديدة لاعلان الانجيل للشباب وللناس العطشى للحقيقة في عالم المادة والصراعات وندعمهم ونخدمهم في سعيهم من اجل السلام والاستقرار والمساواة والحرية والكرامة.

شهادات الشباب في الجلسات العامة كانت صارخة في مواجهتهم التحديات القاسية بشجاعة، كذلك خلال أمسية مع شباب وشابات ومن بينهم عراقي تم تهجيره علي يد  تنظيم "داعش"  الارهابي قدموا شهادات بديعة مليئة بالحماسة والأمل، وقاموا بفعاليات مؤثرة، علينا كآباء ورعاة ان ننزل اليهم ونمسك بيدهم لمساعدتهم في تحقيق ذاتهم الإنسانية والمسيحية بعزة وكرامة.

أداة العمل: Instrumentum laborus، نص أعدّ بدقة وهو مقسم الى ثلاثة اقسام: الأول "التعرّف على الاختلافات والقضايا المشتركة العديدة بين شباب العالم: اجتماعية وايمانية واهمية ان تصغي الكنيسة اليهم وتجد إجابات مناسبة لتساؤلاتم. كنيسة مصغية اليهم. أما القسم الثاني فهو حول "التفسير": ويشمل الشباب، الدعوات، التمييز والمرافقة المختلفة: مرافقة الجماعة أو المرافقة في قراءة علامات الأزمنة، المرافقة النفسية والروحية. أما القسم الثالث فيتمحور حول "الاختيار": دور الكنيسة في التمييز، وضرورة تعاملها مع الحياة اليومية للشباب وأن تكون حاضرة وفاعلة حيثما يعيشون حياتهم الملموسة. وتجديد عملها الرعوي انطلاقًا من الإصغاء إلى الشباب. وتُختتم "أداة العمل" بالحديث عن القداسة باعتبارها الدعوة الوحيدة لكل الناس.
ياتي هذا المؤتمر في اعقاب عدة مؤتمرات نظمتها الكنيسة القبطية الارثوذكسية  للشباب منها مؤتمر الشباب القبطي باوروبا الذى عقد في اليونان ومؤتمر الشباب القبطي من حول العالم الذى ضم 200 شابا وعقد في مركز لوجوس بوادي النطرون   ومؤتمر الشباب القبطي بامريكا الذى يعقد للمرة ال29  وكلها مؤتمرات تحاول الكنائس فيها ان تصل الي الشباب وتخرجه من عزلته  ولكن هل تنجح الكنيسة وتجد لغة مشتركة مع جيل يعيش في عالم فضائي مفتوح  يعاني من التطرف والعزلة ويتعرض للسقوط في فخه  او دفع ثمن من يقعون فيه 

شارك