الاخوان ومنهج الاغتيالات في ندوة دولية بموريتانيا
الجمعة 19/أكتوبر/2018 - 01:57 م
طباعة
ندوة دولية بموريتانيا
حسام الحداد
كثير من الأمور بدأت أن تتكشف عن جماعة الإخوان الإرهابية بعد سقوطها في مصر 2013، وبدأ العالم العربي والغربي إعادة دراسة الجماعة مرة أخرى ليكتشف العالم أن هذه الجماعة وتنظيمها الدولي تمثل الخطر الحقيقي للعالم وخرج من بين جنباتها تلك الجماعات الأكثر دموية في التاريخ، وحول هذا السياق أجمع مفكرون وقادة رأي موريتانيون وعرب، خلال ندوة فكرية دولية ليلة أمس الخميس 18 أكتوبر 2018، بنواكشوط، على ضرورة التوعية بخطر جماعة الإخوان الإرهابية، بسبب "حمام الدم" الذي يقف خلفه "دعاة الباطنية والإخوان"، حسب تعبيرهم.
الندوة عقدت تحت عنوان: "الحركات الباطنية (السرية) وخطرها على الإسلام" وهي منظمة من طرف مؤسسة "الموريتانية للنشر" وبرعاية مشتركة من الوزير الأول الموريتاني يحيى ولد حدمين، والمفكر العربي الإماراتي محمد علي الشرفاء الحمادي، وجمعت عددا من المفكرين وقادة الرأي والأساتذة الجامعيين الموريتانيين والعرب.
الكلمة الافتتاحية للندوة
كما حظيت الندوة برعاية رسمية من خلال كلمة افتتاحية لأعمالها تلاها مستشار وزير الثقافة الموريتاني، باسم وزير الثقافة والعلاقات مع البرلمان، كما حضرها لفيف من الخبراء والشخصيات السياسية والإعلامية.
واعتبر محمد المختار ولد سيدي أحمد، مستشار وزير الثقافة الموريتاني، أن محاربة التطرف بجميع أشكاله تدخل في برنامج حكومة موريتانيا بـ"تعليمات وتوجيهات واضحة" من السلطات العليا في البلاد، وتطرق ولد سيدي أحمد إلى تعريف الحركات الباطنية، مبينا أنها "تضم فرقا وطرائق مختلفة، القاسم المشترك بينها تأويل النص الظاهر إلى معنى باطن، يخرجه عن المعنى المقصود أحيانا".
واعتبر الدكتور إسحاق الكنتي، المستشار السابق للرئيس الموريتاني والأمين العام المساعد للحكومة، أن "الحركات الباطنية ومنها التنظيم الدولي للإخوان هي حركات تخالف منهج الإسلام منذ أوائل الرسل عليهم السلام".، وبيّن الكنتي أن "هذه الحركات في طبيعتها معادية للدين في بساطته وشعبيته وجانبه التعبّدي، أي تلك العلاقة بين الله والإنسان، وبين الإنسان والإنسان".، كما تناول "الكنتي" النهج الذي يجمع هذه الحركات الإرهابية وهو "التنظيمات السرية" و"الاغتيالات" لخصومها. واستشهد بمقولة لأحد كتّاب جماعة الإخوان الإرهابية، والذي امتدح فيها اغتيال العالم السوري الشيخ البوطي قبل سنوات في سوريا، ناقلا عن الكاتب قوله: "إن قتل البوطي قطف لعمائم السوء المنقوعة بدماء الشهداء".
كما شبّه "الكنتي" بين منهج جماعة الإخوان الإرهابية في الاغتيال، وحركة "الحشاشين" المعروفة التي اشتهرت تاريخيا بسلوك الاغتيال لخصومها السياسيين، والتي قتلت الوزير الشهير "نظام الملك السلجوقي" صاحب النظام التعليمي الحديث، وهو اغتيال امتدحه زعيم هذه الحركة "حسن صباح" بالقول "إن قتل هذا الشيطان بداية البركة"، مثلما امتدح القيادي الإخواني قتل الشيخ البوطي في سوريا، وتطرق إلى نماذج أخرى من نهج الاغتيالات الذي عرف بها الإخوان، مثلما كانوا يقومون به في مصر، من اغتيال للضباط والقضاة ورؤساء الوزرات، مستشهدا بمقولات لمرشد الإخوان قال فيها: "إنهم يتعبدون الله بهذه الأفعال".
وأشار الكنتي، خلال كلمته، إلى خطورة الحركات الباطنية وسلوك حركة "الإخوان" في استخدامها للدين لغايات دنيوية، على حد وصفه، ونقل عن أحد كتّاب ومفكري "الإخوان" اعترافه الأخير أنهم و"العلمانيين" يسعون لغايات دنيوية واحدة لكنهم يعبرون عنها بوسائل مختلفة، حيث يعبر الإخوان عن هذه الغايات باستخدام الدين، فيما يعبر العلمانيون عن ذلك بـ"العلمنة"، معتبرا أن "الإخوان بهذا السلوك ينظرون إلى الدين كمشروع سياسي".
وأضاف أن "ما يريده الإخوان هو استثمار الآجلة للعاجلة، أي استثمار الآخرة في الدنيا"، معتبرا أن "هذا السلوك بالذات يلتقي فيه الإخوان مع الماركسيين".
جانب من الحضور
ومن جانبه، اعتبر الدكتور شكري بنوري، المفكر التونسي، ورئيس الدراسات الشرقية في جامعة "رين" الفرنسية، أن هذه الحركات الباطنية تشترك في المنهج والهدف ذاته بما فيها حركة الإخوان المسلمين وكل الحركات المتطرفة الأخرى، التي تغير فقط التسميات في كل مرة مع بقاء نفس المنهج المتطرف، وأشار الدكتور بنوري إلى أن معضلة انتشار هذه الحركات وخطرها على الدين بدأت منذ حقبة الخلفاء الراشدين، مشيرا إلى 3 من الخلفاء الراشدين قتلوا غدرا على يد متطرفين، وبيّن أن أزمة العالم العربي والإسلامي بسبب هذه الحركات بدأت مع سقوط الدولة العثمانية في بداية القرن العشرين، حيث تزامن ظهورها مع بدء دخول المستعمر إلى البلاد العربية، وجاءت كمحاولة لملء فراغ سقوط الخلافة العثمانية، لتظهر بعناوين وتسميات متعددة كـ"الإخوان" وما شاكلهم من الحركات المتطرفة.
واختم بنوري كلمته بتشبيه "الإخوان" بمكر الثعلب في قصته مع الديك من خلال اقتباس أبيات الشاعر أحمد شوقي "برز الثعلب يوما في ثياب الواعظينا.."، مذكرا بأنه " مخطئ من ظن يوماً أن للإخوان دينا، مثلما هو مخطئ من ظن أن للثعلب دينا" مثلما ورد في أبيات الشاعر شوقي.
وفي سياق متصل، أكد معاوية حي، رئيس مؤسسة "الموريتانية للنشر والتوزيع" الجهة المنظمة للندوة، أن تنظيمها يأتي انطلاقا من أهمية الانتباه إلى خطر هذه الحركات.
وثمّن "حي" دور المفكر العربي الكبير محمد علي الشرفاء الحمادي ووعيه ونظرته الثاقبة حول خطر التنظيم الدولي لـ"الإخوان" وما جناه هذا التنظيم على الأمة من قتل وتخريب وفوضى عارمة، مشيدا بمؤلفات المفكر "الشرفاء الحمادي" حول هذا الموضوع.
وأشار "معاوية" إلى أن تنظيم الندوة في موريتانيا وبهذه الرعاية والحضور الرسمي تأكيد على إرادة الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز في انسجام موريتانيا دائما ضمن محور الاعتدال العربي الذي يضم كذلك كلا من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية، وعددا من الدول الشقيقة.