المشهد التونسي وصراع جديد بين "نداء تونس" و"نهضة" الإخوان.

الإثنين 29/أكتوبر/2018 - 12:33 م
طباعة المشهد التونسي وصراع حسام الحداد
 
يغلب على المشهد التونسي هذه الأيام حالة من التوتر في الحقل السياسي خاصة بين الندين الكبيرين في المشهد السياسي التونسي، "حزب نداء تونس" و "حركة النهضة" التابعة للتنظيم الدولي لجماعة الاخوان، وفي سياق التوتر بين «نداء تونس» ورئيس الحكومة يوسف الشاهد والمدير التنفيذي ل «النداء» حافظ قائد السبسي بالتفرد بالرأي. واعتبر الشاهد أن حافظ قايد السبسي، نجل رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، سبب كل العقبات والمشكلات السياسية في البلاد والمُعطل الرئيسي للديمقراطية داخل الحزب من خلال الاستقواء بسلطة والده، ما يعطي مبررا لحركة النهضة للظهور في المشهد ومحاولة الاستفادة من هذا التوتر لصالحها.
وفي هذا السياق اتهمت حركة "نداء تونس" حركة "النهضة" الإسلامية بمحاولة وضع يدها على مفاصل الدولة والتأثير في إرادة الناخبين، كما أعلنت استعدادها للتشاور مع الأحزاب التي وصفتها بالديمقراطية التقدّمية لتشكيل الحكومة المقبلة وطبيعة التغيير الوزاري دون مشاركة حركة "النهضة".
واعتبر الديوان السياسي لحركة "نداء تونس" إثر اجتماع عقده أمس الأحد 28 أكتوبر 2018، أن ما جاء على لسان رئيس حركة «النهضة» راشد الغنوشي، أمس الأول السبت، «كشف أنّ "النهضة" لم تبتعد عن طبيعتها غير المدنيّة ومحاولاتها وضع يدها على مفاصل الدولة والسعي إلى تغيير إرادة الناخبين عبر فرضها شروط التغيير الوزاري المقبل».
وعبر الاجتماع عن استنكاره لما اعتبره تدخلا لرئيس حركة النهضة في علاقات تونس الدبلوماسيّة، معتبرا أن ذلك يمس المصلحة الوطنيّة ويرهن البلاد ويقحمها في سياسة المحاور التي تمثّل انقلاباً على العرف الدبلوماسي لدولة الاستقلال. 
كما أوصى الديوان السياسي كتلة حزب حركة نداء تونس البرلمانية بمواصلة تعليق حضورها في الجلسات العامة إلى حين تنفيذ الحكومة لقرار مجلس نواب الشعب بعدم التمديد لهيئة الحقيقة والكرامة (الجلسة بتاريخ 26 مارس 2018)، والمطالبة بالتسريع بعرض القانون الأساسي لاستكمال العدالة الانتقالية على مجلس نواب الشعب. 
ودعا الحكومة إلى التعامل بشكل جدي مع الوثائق الجديدة التي قدّمتها لجنة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمّد البراهمي من أجل كشف الحقيقة.
المشهد التونسي وصراع
يذكر انه في وقت سابق قال رئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي "إن الحركة حريصة على المحافظة على علاقة إيجابية مع رئيس الدولة وعلى مواصلة التفاوض مع رئيس الحكومة، لاستكمال الشروط الضرورية للشراكة القائمة"، ملاحظا أن "البلاد في حاجة إلى الاستقرار الحكومي وإلى أن تعمل الحكومة على تحسين أدائها واحترام الاستحقاقات الوطنية والالتزامات الدولية". جاء هذا في افتتاح أعمال الندوة السنوية الثانية لإطارات النهضة أول امس السبت 27 أكتوبر 2018، تحت شعار "من أجل إنجاح العمل البلدي وتعزيز الانتقال الديمقراطي"، وقد ثمن الغنوشي الدور الأساسي لرئيس الدولة، الباجي قايد السبسي في الانتقال الديمقراطي والتصدي لما اعتبره "مخططات الفتنة"، عبر خيار التوافق والعيش المشترك بين التونسيين، مؤكدا حرص النهضة على أن تبقى "العلاقة برئيس الجمهورية متينة، في إطار شراكة استراتيجية قائمة على الصدق والنزاهة، حتى وإن تباينت وجهات النظر في بعض الملفات".
وأضاف قوله: "ستبقى حركة النهضة ملتزمة برفض منطق الهيمنة والإقصاء، حريصة على الشراكة والتوافق والوحدة الوطنية، مهما كانت نتيجة الانتخابات الرئاسية والتشريعية القادمة ومهما كانت النتائج التي ستحققها النهضة"، معتبرا أن "بعض الأطراف تحاول عبثا توخّي خطاب المخلوع (بن علي) وسياساته في التعامل مع حركة النهضة، باعتبارها ملفا أمنيا وليست حزبا سياسيا فاعلا في المشهد السياسي، له عمقه الاجتماعي والثقافي".
وبخصوص تطوير هياكل حزبه أعلن راشد الغنوشي أن حركة النهضة ستشرع بعد هذه الندوة في إدخال بعض الإصلاحات لتطوير الجهاز التنفيذي للحركة، موضحا أن الحركة بصدد تكوين فريق من الخبراء لإعداد رؤية اقتصادية واجتماعية شاملة لتونس في أفق 2030، سيتم عرضها على التونسيين ضمن البرنامج الانتخابي لاستحقاقات 2019.
ولاحظ أن تونس في حاجة إلى التحلّي بالصبر، حتى يتحقق الانتقال المأمول وإلى أن يجدد التونسيون ثقتهم في ثورة الحرية والكرامة، حتى استكمال تحقيق كل أهدافها، "خاصة وأن تونس هي بلد الجميع وتتسع لأحلام ومشاريع الجميع" وقد قطعت بعدُ خطوات هامة على درب بناء الجمهورية الثانية، "بفضل تضحيات التونسيين والتونسيات، ما جعل منها مثالا ناجحا في الانتقال الديمقراطي وهي ما تزال في حاجة لكل أبنائها، دون إقصاء أو تهميش".
وأشار في معرض تحليله للوضع العام بالبلاد إلى أن الأزمة السياسية التي تعيشها تونس، هي في جزء منها نابعة من "عدم تقبّل وإدراك البعض للدستور الجديد الذي هو في الواقع دستور تشاركي"، معتبرا أن البلاد في حاجة إلى وقت لاستيعاب مسألة "الحكم اللامركزي وتوزيع السلط". 
المشهد التونسي وصراع
وفي رده على الاهتمامات الأخيرة الموجّهة لحزبه، قال راشد الغنوشي "إن حركة النهضة قرّرت منذ 1995 التخلّي عن العمل السري وأكّدت طابعها المدني والسلمي، من خلال الانفتاح على العمل مع أطياف من المعارضة"، مضيفا أن "القضاء الأجنبي أنصف الحركة في كل القضايا التي رفعتها على من اتهمها بالإرهاب والعنف. كما أنصفها القضاء الإداري التونسي بإبطال كل تتبعات محاكم أمن الدولة". 
وذكر أن "نجاح النهضة في الانتخابات البلدية الأخيرة (مايو 2018) والذي يبرز في حضورها في كل المجالس البلدية، يضعها أمام اختبار جديد من الواجب كسبه"، مشيرا إلى أن ملف الحكم المحلي الذي سيكون المحور الرئيسي لأعمال ندوة الإطارات، هو من بين أبرز اهتمامات النهضة. ودعا في هذا الصدد الى ضرورة أن يكون للحركة مساهمات جادة في العمل البلدي تثبّت الحكم المحلّي باعتباره سلطة القرب.
وعلى صعيد آخر أكد رئيس حركة النهضة لدى حديثه عن علاقات تونس الخارجية، على ضرورة دفع العلاقات التونسية الإفريقية، مقترحا إحداث وزارة للشؤون الإفريقية. كما دعا رئاستي الجمهورية والحكومة إلى بذل المزيد من الجهد لتعزيز الاستقرار في ليبيا وفتح المجال لتواصل العملية السياسية هناك.
وأبرز أيضا أهمية العمل على "إحياء مشروع المغرب العربي، انطلاقا من تونس والجزائر، لتكونا قاعدة صلبة لتعميق التعاون، حتى يشمل ليبيا والمغرب"، مقترحا إقامة سوق مشتركة وكذلك عُملة مشتركة بين تونس والجزائر.
ومما لا شك فيه أن "حركة النهضة" تعلمت من درس الجماعة الأم في مصر فهي الأن تستخدم في خطابها مفردات مثل الديمقراطية والحفاظ على مدنية الدولة والاعلاء من شأن المواطن للوصول إلى الحكم في تونس عبر التودد للشارع التونسي بوعود اقتصادية وتغيرات هيكلية في محاولة منها لتجنب الأخطاء التي وقعت فيها الجماعة في مصر، ونعتقد أن هذه الأساليب والممارسات قد لا يغتر بها المواطن التونسي في الأيام القليلة القادمة خصوصا اذا عمل "حزب نداء تونس" على اصلاح الأوضاع الاقتصادية للمواطن التونسي وعمل على اصلاحات سياسية جادة.

شارك