خبراء تونسيون يؤكدون مسئولية حركة النهضة وتنظيمها السري عن الإرهاب
الأربعاء 31/أكتوبر/2018 - 03:51 م
طباعة
حسام الحداد
دعا الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي القوى السياسية في تونس إلى وقف التدافع السياسي على المناصب بعد التفجير الإرهابي الذي استهدف دورية أمنية وسط العاصمة تونس، أول أمس الاثنين 29 أكتوبر 2018، في حين دانت كبرى الأحزاب التونسية التفجير ووصفته بـ"العمل الجبان".
وقال السبسي في تصريح عقب وصوله إلى مدينة برلين الألمانية إن "ما حدث فاجعة لأنه في الحقيقة كنا نعتقد أننا قضينا على الإرهاب، أتمنى أن لا يقضي علينا الإرهاب"، مضيفا أن "المناخ السياسي والظروف في تونس سيئة لأننا منشغلون بمن يجلس على الكرسي والمنصب، وبهذا الحزب أو ذاك، لكن أعتقد أن هذا الحادث يذكرنا بالمشكلات الحقيقية التي تعيشها تونس"، وتابع السبسي أن "في الحياة هناك المهم والأهم، والأهم هو أن يكون الشعب التونسي بألف خير، ما وقع مؤلم، وما لاحظته أن قوات الأمن هي التي تدفع دائما ضريبة الدم، وهذا يفرض على المسؤولين في تونس وعلى قادة الأحزاب السياسية أن يدركون أن التدافع عل المناصب والكرسي ليس هو الحل".
على الجانب الآخر، أدانت كبرى الأحزاب التونسية التفجير، حيث وصفت حركة "النهضة" العملية الإرهابية بـ"الغادرة الجبانة التي استهدفت قوّات الأمن الوطني ووجهّت لشارع الحبيب بورقيبة بما يُمثله لدى التونسيّين من رمزيّة تتجسّد خلاله قيم الحريّة والديمقراطية".
ودعت النهضة في بيانها "التونسيّات والتّونسيين إلى التّمسك بالوحدة الوطنية وتعزيزها، ومؤازرة المؤسستين الأمنية والعسكرية لمواصلة جهودهما في سبيل بناء تونس الديمقراطية الآمنة و كردّ واضح ومناسب على كلّ قوى الشر التي تسعى للإساءة لتونس ولتجربتها الديمقراطية"، مشيرة الى انها تؤكد مجددا أنّه "لا مُستقبل للإرهاب في تونس بفضل وعي الشعب التّونسي وتضامنه وبفضل تصميم قوّاته الأمنية والعسكرية على التصدّي له وملاحقة جيوبه حيثُما كانت". واتهمت "الفاعلين و كلّ من يقف وراءهم أو يساعدهم".
ومن جهتها أكدت حركة "نداء تونس" أن تونس عصيّة على الإرهاب وثمنت مجهود المؤسسة الأمنية والمؤسسة العسكرية، ودعا نداء تونس " التونسيين والتونسيات ومكوّنات المجتمع المدني إلى مساندتهما في هذه الحرب المتواصلة ضدّ آفة الإرهاب ومن يقف وراءها تخطيطا وتمويلا وتنفيذا".
و في السياق طالب نداء تونس بـ"إبعاد المؤسسة الأمنيّة ووزارة الدّاخليّة عن التجاذبات والمصالح والصراعات السياسيّة حتى تتفرّغ كليّا للحفاظ على سلامة المواطنين وأمن الوطن ضدّ أعدائه في الدّاخل والخارج".
وفي نفس السياق أجمع خبراء ومفكرون وسياسيون تونسيون على أن بلادهم لم تعرف الإرهاب إلا مع وصول حركة النهضة الإخوانية إلى الحكم قبل 6 سنوات.
ومنذ صعود الإخوان إلى السلطة في 2012، بدأ التونسيون يعانون من الإرهاب، في سابقة لم تكن معهودة في بلد كان بمنأى عن هذه الظاهرة.
غير أن اللافت هو أنه كلما ضاق الخناق على الحركة الإخوانية الإرهابية وتوجهت إليها أصابع الاتهام في ملف شائك، خصوصا ما يتعلق منه بأمن تونس، يقع تفجير أو عملية إرهابية تحوّل الأنظار واهتمام الرأي العام إليها بعيدا عن الأداء السياسي والأمني لـ"النهضة".
فقبل أيام، عاد الجدل حول وجود تنظيم عسكري سري لإخوان تونس، ليطفو من جديد إلى واجهة الأحداث، عقب إثارة هذا الموضوع من جانب هيئة الدفاع عن الشهيدين المعارضين شكري بلعيد ومحمد البراهمي.
عز الدين مرابط، الخبير الأمني التونسي، قال إن "تونس لم تعرف وتيرة متصاعدة للعمليات الإرهابية إلا منذ 7 سنوات"، أي في عهد حكومة حمادي الجبالي الأولى.
وأضاف مرابط، في تصريحات صحفية، أن تصاعد وتيرة العمليات الإرهابية تعود إلى "ضعف أجهزة الدولة، وعدم قدرتها على الحسم النهائي مع الخلايا الإرهابية النائمة"، وتابع قائلا إن "هذا الضعف لم يكن نتاج تسلسل طبيعي لخلل على مستوى معين، وإنما نجم عن حل الإخوان لجهاز (أمن الدولة) الذي كان تابعا للداخلية التونسية، وكانت مهمته ملاحقة المتطرفين".
ومنذ ذلك الوقت، انتشر السلاح داخل تونس قادما من الغرب الليبي (منطقتي طرابلس وزوارة) وهما المنطقتان اللتان يسيطر عليهما الإخوان في البلد المجاور.
ووفق الخبير الأمني التونسي، فإن وجود تنظيم "داعش" الإرهابي في تونس، بدأ من خلال "الذئاب المنفردة"، على غرار الهجوم الإرهابي الذي استهدف في 2015، فندقا بمحافظة سوسة الساحلية (شرق)، وأسفر عن مقتل العشرات من السياح، ثم حادثة التفجير التي استهدفت، العام نفسه، حافلة تقل عناصر من الأمن الرئاسي، وخلفت مقتل 12 منهم.
التنظيم السري لإخوان تونس
إذاعة "شمس إف إم" المحلية نقلت، عن مصادر لم تسمها، أن الانتحارية التي فجرت نفسها تنتمي لتنظيم "داعش" الإرهابي.
وتعقيبا على ربط الجدل بشأن الجهاز السري للإخوان بالتفجير، قال مرابط إن الحديث عن تنظيم موازٍ مسألة تدعمها العديد من الفرضيات، خصوصا أن الأحداث التي شهدتها البلاد في أبريل 2012، أثبتت وجود عناصر ملثمة تقوم بقمع المحتجين ضد وزير الداخلية حينها الإخواني علي العريض.
ومن جانبه، طالب يوسف الصديق، المفكر التونسي، بضرورة حل حركة "النهضة"، معتبرا أنها "اخترقت أجهزة الدولة، وهيأت المناخ للهجمات الإرهابية منذ 2012".
ورأى الصديق، في مقابلة مع صحيفة محلية، أن النهضة "لم تقطع مع الإرث الإخواني، وأن المُعلن في خطابها من تمدن، لا يعكس النوايا غير البريئة للحركة وقياداتها".
من جانبها، اتهمت عبير موسى، رئيسة الحزب الدستوري التونسي، "المرجعية الإخوانية" بالوقوف وراء الإرهاب بالبلاد، واستعرضت، في تسجيل مصور، ما قاله راشد الغنوشي، زعيم الإخوان في تونس عام 2012، بخصوص الإرهابيين، حيث أشار إلى أنهم "يذكرونه بشبابه".، وأشارت إلى أن تلك الجملة أعطت الذريعة لشباب تونس للانضمام إلى التنظيمات المتشددة، قائلة إن "حركة النهضة شجّعت على نشر السلاح في البلاد، وهي مَن أطلقت سراح المتهمين في عملية سليمان الإرهابية عام 2006".
ووصفت رئيسة الحزب الدستوري، بيان حركة "النهضة" المندد بتفجير الإثنين، بـ"دموع التماسيح"، مشيرة إلى أن الحركة دفعت بالقيادات الأمنية التي تملك الكفاءة إلى الاستقالة، حتى تستطيع اختراق جهاز الدولة.
عودة التفجيرات.. التوقيت والمستفيد
وتسير تونس باتجاه الانتخابات التشريعية والرئاسية المقررة في 2019، وسط ضبابية المشهد السياسي العام، نتيجة التجاذبات الحادة بين القوى السياسية، خصوصا بين حركتي "نداء تونس" و"النهضة".
يرى عمار عمروسية، القيادي بالجبهة الشعبية التونسية المعارضة، أن المستفيد الأكبر من العمليات الإرهابية حركة النهضة الإخوانية، سعيا نحو تحويل اهتمام الشعب عن قضاياه الاجتماعية.
ولفت، في حديث صحفي، إلى أن "ضعف منظومة الحكم التي تضم الإخوان لا يمكن أن تكون نتيجته سوى العمليات الإرهابية، خاصة في ظل الوضع الراهن الذي تشهده تونس".
لمزيد عن التنظيم السري للحركة أضغط هنا
وعن توقعات بوابة الحركات الإسلامية فيما يخص التنظيم السري أضغط هنا