كيف يستغل تنظيم الدولة "داعش" الفضاء الإلكتروني؟

الخميس 01/نوفمبر/2018 - 01:22 م
طباعة كيف يستغل تنظيم الدولة حسن مختار
 
انحصرت العمليات الإرهابية لعدة سنوات، وذلك في ظل الرقابة الشديدة التي فرضت على المتطرفين بعدة أماكن في العالم، وأصبح التخطيط لاستهداف الأماكن العامة أمرا معقدا بالنسبة لهم، ولكن لم تعد الجماعات المتطرفة في حاجة إلى الانتشار في الساحات وأماكن تجمع الشباب، وذلك حتى تستطيع نشر أفكارها المتشددة والمغلوطة، إذ وجدت بيئة خصبة تنمو فيها من جديد.
بثت قناة «الغد» الإماراتية فيلما وثائقيا، بعنوان «داعش في الفضاء الإلكتروني»، والذى يكشف لنا كيف استغل تنظيم «داعش» الإرهابي الفضاء الإلكتروني لتحقيق أغراضه.
وقال شام بالو، خبير البرمجيات، إن هناك ما يُدعى بـ«الإنترنت المفتوح»، وهذا يعنى إمكانية استخدم «جوجل»، وأن يصل للناس الكثير من المعلومات المتوافرة، وهناك أيضا «الإنترنت المظلم»، وهى شبكة مخفية من المواقع التي تتطلب أن يكون لديك برامج وروابط معينة للحصول على المعلومات، حيث يتم استخدام البريد الإلكتروني المشفر بكثافة ضمن هذه الدوائر، وهو نظام خاص، أى أنهم يديرون نظام بريدهم الإلكتروني، ومن الممكن إدارة نظامك الخاص ويمكنك تفعيله للتأكد من فعالية التشفير، إذا أردت الحصول على شبكة خاصة بين الأفراد الذين تريد التواصل معهم، بالإضافة إلى الإشارات المرتبطة بهذه النشاطات، ولم تتفاجأ بإصدار أى تطبيقات أخرى خاصة بتلك الأغراض دون أن نعلم بها، وكانت هناك جهود مستمرة لتطوير هذه التكنولوجيا، وجعلها متوفرة على نطاق أوسع وأصبحت أكثر رواجا.
بينما يجهل الكثير من مستخدمي الإنترنت أن ما يمكنهم من الوصول إليه من معلومات على الشبكة لا يمثل إلا نسبة ضئيلة جدا، فيما يحتوى الحيز المظلم منها على معلومات خطيرة ليست بمقدور المستخدم العادي الوصول إليها، فمن يملأ هذه المساحة الهائلة؟
وكشف قراصنة الإنترنت هذا العالم المظلم، إثر ملاحقة الحكومات للأنشطة الإرهابية المتعددة على الشبكة المفتوحة؛ حيث قاموا بنقل أنشطتهم إلى الشبكة المظلمة واستعمارها.
ويقول المحلل الدكتور أسامة حسن، بمؤسسة «كويليام» لمكافحة التطرف، إنهم يفضلون الشبكات المفتوحة بهدف الإيصال لأكبر شريحة من المواطنين، وذلك لأن معظم هؤلاء الناس لا يعرفون مدى وجود الكثير من التوجهات، فالشركات التكنولوجية الكبيرة مثل «تويتر، فيسبوك، يوتيوب»، ضغطت على هذه الجبهات الإرهابية منذ عامين من قبل الحكومات وتهديدهم بالمحاكمة إن لم يفعلوا، فأغلب هذه الشركات أغلقت حسابات كثيرة جدا لهؤلاء المتطرفين، فهم لا يستطيعون نشر أفكارهم وتوجهاتهم كما كانوا يفعلون قبل ذلك، وهذا ما يضطرهم إلى استعمال الوسائل السرية في الإنترنت لنشر توجهاتهم.
واستغل تنظيم «داعش» الشبكة المظلمة ووظفوها بدرجة متميزة جدا في نشر دعايتهم وبث موادهم الإعلامية، وذلك بعد أن حصرت في الشبكات المفتوحة، ولم يتوقفوا عن هذا الحد، بل استفادوا أيضا من هذه المساحة في حصولهم على التمويل، كذلك تأمين الاتصال الدائم بين عناصرهم بعيدا عن أعين السلطات، وأبرز ما تقوم به المنظمات المتطرفة في الفضاء الإلكتروني هو التجنيد لعناصر جديدة من مختلف بقاع العالم؛ حيث كان إعلام «داعش» قوى جدا في المجلات والرسائل والصحف الإلكترونية بلغات عدة منها «العربية، والإنجليزية، والفرنسية، والتركية، والروسية، والإندونيسية، إلى غير ذلك، وكان لها تأثير كبير على جميع أنحاء العالم، وأسهمت في انضمام عشرات الآلاف من المجندين لهم، الذين خسروا الآن أراضيهم في العراق وسوريا، ولكن لا بد من مراقبة تلك المساحات الكبيرة على الإنترنت، ولن ننسى الحروب القائمة على تلك المساحات الإلكترونية.
ودأبت التنظيمات المتطرفة على التوظيف الفعال إلى وسائل التواصل الاجتماعي في الاتصال مع جمهورها في استغلال دعاياتها، ولكن بعد إغلاق معظم التطبيقات في وجهها لجأت إلى نقل أنشطتها إلى الشبكات المظلمة، وابتكرت منصات جديدة وذلك لاستئناف أنشطتها مرة أخرى، وتعد الشبكة الإلكترونية المظلمة هاجسا مشتركا لكل الحكومات والشركات الكبيرة والجماعات المتطرفة، فكل منها تبحث عن حماية نفسها من الاختراقات، كما يوجد عنصر واحد تتسابق هذه الجهات على استقطابه لمساعدتها، هو قراصنة الإنترنت، ورغم الملاحقات الحثيثة لأنشطة التنظيمات الإرهابية في الفضاء الإلكتروني ومحاصرتها؛ فإنها تمكنت من توظيف هامش الصراع بين السلطات والشركات التي تقدم خدمات الاتصالات المشفرة لمصلحتها، إذ استغلت تطبيقات مثل «واتس آب، البريد الإلكتروني، تليجرام، سيجنال» وذلك للتخطيط للعمليات الإرهابية وتجنيد عناصر جديدة.
وللتصدي لهذه القرصنة يجب أن يكون هناك تعاون بين السلطات وشركات التكنولوجيا التي تحتوى على الكثير من المعلومات المشفرة، وتغليظ العقوبات على مرتكبي هذه الأعمال الإجرامية.

شارك