"واحة الفقهاء".. موطئ قدم جديد لداعش في ليبيا
الجمعة 02/نوفمبر/2018 - 02:54 م
طباعة
أميرة الشريف
يبدو أن التنظيم الإرهابي "داعش" بدأ يخطط لاتباع استراتيجة جديدة في العمليات الإرهابية الدامية التي اعتاد القيام بها في ليبيا، حيث هاجمت 25 سيارة مسلحة على متنها عناصر داعش واحة الفقهاء جنوبي محافظة الجفرة وسط ليبيا، وقتلت 5 أشخاص وأصابت آخرين، وأحرقت مركزا للشرطة وقطعت الاتصالات بشكل كامل عن الواحة، وبعد سيطرتها عليها لنحو ساعتين انسحبت ومعها 10 رهائن من الشباب.
ويشير هذا الهجوم الدامي إلي أن التنظيم الإرهابي "داعش" بدأ يغير في تكتيكه القتالي، منذ هزيمته في معركة سرت شمال نهاية 2016، على يد قوات البنيان المرصوص، التابعة لحكومة الوفاق الوطني، وفقدانه لجميع معاقله.
وقال عضو مجلس النواب، إسماعيل الشريف، أن عناصر داعش قامت بقطع الاتصالات الهاتفية على المنطقة، واقتحام وحرق مركز الشرطة والقيام بحملات تصفية جسدية وحملة اعتقال وخطف واسعة للمواطنين وحرق بعض المنازل والممتلكات، مشيرا إلى أن الهجوم الإرهابي يأتي كردة فعل لعملية القبض على القيادي في تنظيم داعش جمعة القرقعي ومرافقه علي عبدالغني الفيتوري والذي تم القبض عليهما بجبال الهاروج بالقرب من مدينة الفقهاء منتصف أكتوبر الماضي.
يأتي في ذلك بعد الخسائر المتلاحقة التي تلقاها التنظيم الإرهابي، حيث خسر معظم الأراضي الليبية التي احتلها واتخذها معقلا له، وفي أول 2017 تم القضاء على العشرات من عناصر داعش في ليبيا، خاصة في المنطقة الممتدة من جنوب سرت إلى الجنوب الشرقي لمدينة بني وليد (170 كلم جنوب شرق طرابلس)، والتي تكثر فيها الوديان مما جعلها مكانا مناسبا لاختباء العناصر الهاربة، من سرت.
ونشط داعش في منتصف يونيو 2017 وسط الصحراء الليبية، خاصة بعد انسحاب القوة الثالثة (المنحدرة من مصراتة) من الجفرة في مايو 2017، إثر تعرضها لقصف جوي شديد، ما ترك فراغا أمنيا لم تنجح قوات خليفة حفتر (المدعومة من مجلس النواب - شرق)، وهاجم في أغسطس 2017، حاجزا أمنيا لقوات حفتر، على مدخل الفقهاء على الطريق الرابط بينها وبين سوكنة (شمال غرب الفقهاء)، وقتل 11 شخصا، من بينهم 9 من قوات حفتر، وفي نهاية سبتمبر2017، شن الطيران الأمريكي غارتين جويتين قضتا على 17 عنصرا من التنظيم الإرهابي في منطقة لا تبعد سوى 160 كلم جنوب سرت، غير بعيد عن الجفرة.
وحاول التنظيم الإرهابي في فبراير الماضي، السيطرة على حقل الظهر النفطي بمنطقة "زلة" شمال شرقي الجفرة، واشتبك مع قوات حفتر، على الطريق الرابط بين زلة وبلدة مرادة (جنوب ميناء البريقة)، وقتل منها 3 عسكريين، وخسر التنظيم الإرهابي أحد عناصره.
ويقوم التنظيم الإرهابي الأن بعمليات أكثر انتقامية، وبالأخص مه خسارته للأراضي الليبية وعناصره القياديه، حيث قام باقتحام بلدة (واحة الفقهاء) رئيسية في الجفرة، بأعداد كبيرة نسبيا (25 سيارة مسلحة) والسيطرة عليها لمدة ساعتين فقط، وإحراق مقرات رسمية، ومنازل مدنيين، واختطاف شباب.
وتمثل واحة الفقهاء، إحدى 5 بلدات رئيسية في محافظة الجفرة، إلى جانب كل من: هون، وودان وسوكنة وزلة، وتخضع الواحة حاليا للقوات التي يقودها خليفة حفتر، والمدعومة من مجلس النواب في طبرق (شرق)، بعد انسحاب القوة الثالثة، إثر تعرضها لقصف جوي شديد في مايو 2017.
وتعتبر واحة الفقهاء هي آخر بلدة في جنوبي الجفرة، وتقع قريبة من جبل الهروج (البركاني)، الذي يمثل حصنا طبيعيا لعناصر "داعش" الهاربة من مدينة سرت (450 كلم شرق طرابلس)، بعد هزيمتها على يد قوات البنيان المرصوص، وهذا ما يسعي داعش للوصول إليه، كما أنها مفتوحة على الصحراء الكبرى، وقريبة نسبيا من مدينة سبها (مركز إقليم فزان) وبلدات حوض مرزق (على غرار أم الأرانب وتمسه والقطرون).
ويبحث داعش في المناطق الجبلية الصحراوية، عن مؤن وأسلحة لعناصره من البلدات القريبة، عبر طرق مختلفة من بينها الهجوم على مناطق سهلة الدخول.
ويعتبر الفراغ الأمني الذي تعيشه البلاد وانقسامها بين حكومتين متنافستين وخليط معقد من الجماعات المسلحة مختلفة التوجهات، هو أحد أهم الأسباب لتزايد العنف، وأعطى التنظيم هذا المجال للمراوغة، فضلا أن ليبيا هي موطن أكبر احتياطيات نفطية في أفريقيا.